27-نوفمبر-2023
الحلبوسي

بعد إنهاء عضويته (ألترا عراق)

مع قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، أثيرت ضدّ الأخير اتهامات بـ"التعاقد مع شركة إسرائيلية تروّج للتطبيع"، ومن غير المعلوم حتى الآن، كيف سيتمّ التعامل مع ذلك قانونيًا في حال ثبت. 

اتهم الحلبوسي بالتعاقد مع شركة أمريكية أحد أهم الذين يساهمون بها رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق إيهود باراك

وفي أيار/مايو الماضي، أقر البرلمان العراقي، بقيادة الكتلة الصدرية، قانونًا يجرّم تطبيع العراق مع الاحتلال الإسرائيلي، ووفق عقوبات رادعة وشديدة.

وكان النائب المستقل، باسم خشان، تحدث في حوار تلفزيوني، عن عقد بين حزب "تقدم" برئاسة الحلبوسي وشركة تسمى "بي جي آر"، حيث قال خشان إن "الشركة كانت جزءًا من الترويج لاتفاقية أبراهام الخاصة بالتطبيع". 

الحلبوسي

أما السياسي المناوئ للحلبوسي، مشعان الجبوري، نشر ما وصفه بـ"التحقيق الاستقصائي"، قائلًا في تدوينة على منصة "أكس"، إنه يظهر "تفاصيل الاتفاق بين رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي مع مجموعة أمريكية إسرائيلية، مضيفًا أنّ "أحد أهم أقطابها إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مشيرًا إلى أنها "كلفت بالترويج له ولمخططاته في الأوساط الأمريكية". 

وأوضح المستشار القانوني، سعد البخاتي، طرق التعامل المحتملة قانونيًا بالاتهام الموجه لرئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي حول التعاقد مع شركة تساهم بها شخصية إسرائيلية، مبينًا أنّ "المحكمة الاتحادية العليا تتعامل مع هكذا قضايا حساسة وفقًا لما ستلقيه من تأثير على أوضاع البلاد بمختلف المجالات وليس كقضية اعتيادية". 

وتختلف المحكمة الاتحادية في العراق بمهامها عن القضاء ومحاكمه التحقيقية، وفق البخاتي الذي يوضح ذلك لأن "الأولى تمثل القضاء الدستوري وترتقي لذات المواد الدستورية بموجب المادة 94 التي منحتها صلاحية أن تكون قراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة، ولا يمكن الاعتراض أو الطعن أو الاستئناف بشأنها سواء كانت صائبة وصحيحة أو غير صائبة وغير صحيحة".

وأشار البخاتي إلى أنّ "هناك قضايا في العراق يتم فيها تقديم التوافقات السياسية على المواد الدستورية والقوانين عكس كل دول العالم، حيث في البرلمان العراقي نفسه لا يتم تشريع أي قانون قبل حصول اتفاق سياسي بشأنه، ليرفع النواب أيديهم للتصويت بلا نظرة قانونية تراعي المصالح العامة"، مضيفًا أنّ "كل دول العالم في تنظر في القضايا الحساسة عبر المحكمة الدستورية، ويوجد في ألمانيا واليابان تجارب سابقة راعت فيها تلك المحاكم أوضاع بلدانها من النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية وإمكانية إحداث تداعيات في المجتمع".

ورأى المستشار القانوني أنّ "قضية اتهام الحلبوسي بالتطبيع ستحمل تبعات وتداعيات سياسية وإقليمية وحتى دولية، خاصة مع استمرار الجولات المكوكية للسفيرة الأمريكية وممارستها الضغوطات القوية بزيارتها رئيس الوزراء ومجلس القضاء والأطراف السياسية لتلافي هذا الموضوع"، معتبرًا أنّ "هناك سابقة حصلت بتعديل النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية بأن المصلحة العامة إذا اقتضت فيمكن تعديل القرارات، والآن إذا تم العمل بهذا، فتعتبر كارثة وستزول الهيبة القضائية الدستورية".

ومن حيث المبدأ كعقوبة يمكن صدورها بحق المدان بالتطبيع من قبل المحكمة الاتحادية "سيتم إحالته للقضاء التحقيقي العادي ليأخذ مجراه كما في قضية وزير الخارجية الأسبق والذي منع من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، هوشيار زيباري، لأن استغلال المنصب الوظيفي يمثل خرقًا للدستور، وكذلك الحال بقضية الحلبوسي وتهمة التطبيع، فالمحكمة ستنظر من باب وجود خروقات للدستور  من السلطة التشريعية، وهذا يؤدي للحنث باليمين بما يخص حماية الدستور، واستغلال المنصب بأمور شخصية، وعليه؛ فالمحكمة من واجباتها التدخل في ذلك"، بحسب البخاتي. 

ولفت إلى أنّ "قرار المحكمة في إنهاء عضوية الحلبوسي من البرلمان فيه شيء من الدقة لأنه لم يأت كقرار إقالة، ولأنه لم يكن قرارًا لغرض تهمة التزوير بل للخرق الدستوري الذي تسبب به من خلال عضويته النيابية، والتي وصل من خلالها لرئاسة البرلمان ليدير الجلسات، ولذلك أنهت عضويته في البرلمان الذي يرأسه بتصويت جميع النواب"، مبينًا أنّ "قضاة المحكمة الدستورية كبار بالسن ولا يأخذون قرارًا بشكل عشوائي لخبرتهم الكبيرة".

والحلبوسي ـ والكلام للبخاتي ـ "فقد شرطًا من شروط الترشيح لعضوية البرلمان، ولذلك أنهتها المحكمة، ولا فرق يملكه مقارنة مع أي نائب آخر غير رئاسته للجلسات لا غير". 

وأيضًا، يتفق المختص في القانون، فوزي كاركان، مع البخاتي، بالقول إنّ "المحكمة الاتحادية تنظر لمثل قضية اتهام رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بالتطبيع كقضية حساسة جدًا، مبينًا أنّ "القضية لو كانت في المحاكم التحقيقية الاعتيادية ستكون أسهل بكثير وتأخر مجراها بشكل طبيعي وتتضح الإدانة من عدمها بشكل يقبل للاستئناف والطعن". 

ويقول كاركان في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "الاتهام الموجه للحلبوسي الآن هو تعاقده مع شركة من أكبر المساهمين فيها شخصية إسرائيلية معروفة، وبالنظر لذلك، فدائرة تسجيل الشركات في العراق لديها كل الثبوتات بحال التوجه إليها حول الشركات العاملة في العراق، ويجب الأخذ بنظر الاعتبار أن جميع الشركات في البلاد هي أجنبية ومن بلدان أوروبية مختلفة ورؤوس أموالها متعددة المصادر، وبالنظر لذلك؛ فلا يمكن اعتبار ذلك إدانة تامة، وإذا اعتبر على هذا الأساس فيجب إخراج المئات من الشركات الأجنبية من العراق".

وبحسب كاكان، فإنّ "الشركة إذا كانت إسرائيلية بعائديتها الكاملة ورؤوس أموالها لشخصيات إسرائيلية بشكل صريح ومسجل بشكل رسمي، وتم اكتشافه، فهذا يعامل معاملة حازمة ولا يمكن التهاون به"، حيث أنّ "المادة 6 من قانون حظر التطبيع الذي شرعه البرلمان تنص على عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد لكل من أقام علاقة مع الكيان الصهيوني دبلوماسية أو اقتصادية أو سياسية أو عسكرية أو أمنية أو ثقافية أو أي علاقات أخرى".

ورأى كاكان أنّ "القضاء الدستوري دائمًا له نظرة لأوضاع البلاد ومدى تأثير قرارته على الأصعدة كافة، كما يدرس قراراته ليس فقط من ناحية قانونية، بل يراعي فيها مصلحة البلد بشكل عام"، مضيفًا أنّ "قضية الحلبوسي لو ذهبت للمحاكم التحقيقية، سيتم اتخاذ القرار اللازم بشأنها دون النظر أو الخوض بما ستذهب إليه المحكمة الاتحادية العليا من مراعاة لمصالح البلاد وليس نص القانون فقط".

تنص المادة 6 من قانون حظر التطبيع على عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد لكل من أقام علاقة مع الكيان الصهيوني

واعتبر كاكان أنّ "القوانين السابقة في العراق كانت تتعامل بشكل سطحي مع قضايا التخابر الخارجي أو تسريب المعلومات أو العلاقة مع الكيان الصهيوني بقرارات مختلفة دون الخوض بالتفاصيل كما يتم الآن".