02-أغسطس-2022
مقتدى الصدر

تنطلق الأسئلة دائمًا عن أسباب تحركات مقتدى الصدر ومن يقوده (فيسبوك)

في مقال سابق في خضم الترقب الشعبي والسياسي لما سيفعله الصدر بعد انسحابه من العملية السياسية مع وجود قناعة عامة بأن الصدر يحضّر لتظاهرات كبيرة، قلنا إن الصدر لا يخطط لشيء في حينها سوى الانتظار. انتظار خروج تظاهرات شعبية "ذاتية"، وهو ما أشار إليه الصدر بالفعل في تغريدة بعد 12 يومًا من المقال المنشور، عندما قال إنّ "صوت الجمعة أعلى من أي احتجاج آخر، وإني لن أدخل في فتنة أخرى والخيار للشعب.."، في إشارة واضحة على أنّ الصدر لن يتحمل مسؤولية الدعوة المباشرة إلى التظاهر.

لا يمتلك مقتدى الصدر خطة لـ"ماذا بعد؟" في تحركاته سياسيًا واجتماعيًا

وذكرنا في نهاية المقال قلنا إنّ المبرر من عدم دعوة الصدر لتظاهرة مباشرة هو "أن لا يحسب حراكه بأنه تربص سياسي بخصومه، بل هو إرادة شعبية جماهيرية لا ترغب بتسيّد الإطار"، وعند خروج التظاهرات بالفعل مؤخرًا، وصفها التيار الصدري بأنها "عفوية"، بل وأكد أن "التشرينيين شاركوا بها"، قبل أن يتحوّل إلى الدعوة المباشرة لها. ومن منطلق المقال السابق، الذي يتركز فحواه على أنّ "الصدر لا يملك خططًا لشيء"، يمكن القول إن الحراك الصدري الحالي، الذي تتوجه الأنظار صوب نتائجه، هو من جنس خطوة الصدر السابقة بالانسحاب من البرلمان والعملية السياسية، فالصدر لايمتلك خطة لـ"ماذا بعد؟"، بينما تظهر الأمور وهي تنزلق لمساحات جديدة وخطيرة ربما.

كان انسحاب الصدر من البرلمان مدفوعًا بـ"شعور". شعور الصدر بالإحراج من وقوفه كمسؤول عن عدم نجاحه بـ"تشكيل الحكومة" وتعطل العملية السياسية، وبالتالي تعطل أمور الدولة والناس عمومًا، وانطلقت تظاهرات الصدر الحالية مدفوعة بشعور أيضًا، كما كل تحركات مقتدى الصدر، وهذه الثلاثية: "الانقياد بالشعور وعدم امتلاك خطة والخوف من النتائج المجهولة" هي الخلطة وراء تقدم الصدر وتراجعه في مختلف المراحل، والتي باتت سِمة ملاصقة للصدر أمام الجميع، والتي تعرف "بعدم استقراره".

عدم امتلاك الصدر لمشروع وخطة واضحة، سيعزز ويعجّل بشعور الصدر بـ"الإحراج" مجددًا، إحراج وخوف من تحمل مسؤولية تعطيل العملية السياسية وقيادتها إلى المجهول، خصوصًا مع عدم طرحه لمشروع بديل، وهو شعور يجعل الصدر خائفًا من مواجهته وخوضه.

عندما سيجد الصدر نفسه لا يمتلك جوابًا لـ"ماذا بعد"، سيكون أمام خيار إنهاء الاحتجاجات، لكن "وكعادة الصدر"، لن يكون هذا بلا الحصول على انتصار معنوي على الأقل، هذا الانتصار أو التنازلات التي من الممكن أن يقدمها الطرف الآخر، ربما لا ترقى أساسًا لحجم الحراك الصدري الأخير، وليست موجودة مسبقًا ضمن أهداف الصدر، ولكنها مبررًا يقنع الصدر بها نفسه ليتخلص من تحمل مسؤولية المجهول. هذه "دورة حياة نشاطات الصدر" في كل مرة، ليس لأنه غير مستقر على رأي كما يشاع، بل لأنه تتحكم به هذه العوامل الثلاثة "الانقياد وراء شعور ما، عدم امتلاك خطّة، بالتالي الخوف من تحمّل مسؤولية المجهول".

ما سينهي هذه الدائرة المغلقة، هو بروز من يحمل مشروعًا كاملًا للمرحلة القادمة يُقنع به الصدر، فالأخير ناجح بعمليّة "التفكيك والتهديم"، لكن مرحلة البناء لا يمتلك رؤية تجاهها، وينتظر من يفعلها غيره، ولعل هذه الحيرة التي تلازم الصدر، تتضح جليًا على كلمات قومه، ومنهم الشيخ محمد العبودي الذي يدعو في تدوينة إلى "الاستيقاظ على صوت عراقي مستقل وهو يذيع البيان رقم 1".