24-يوليو-2020

(سيروان باران)

في الحربِ قد كنا معًا.. 

نتبادلُ الأعمارَ والأدوارَ كي نرضي مزاجَ الحربِ

إذ لا شيء يقنعها

ويحجمُ من تشوقها لما بعد المزيدْ

في الحربِ قد كنا معًا

وجهينِ منذهلين في وجهِ الحياةِ يجابهانِ غموضها

فأنا أرى الأشياءَ تصغرُ كلما أيقنتُ أني لن أراها من جديدْ

وتقلبُ العينينِ أنت فلا مساحة فيهما تكفي

لحجم المرة الأولى

فعش..

وأصنع بنفسك حجمَ عمرٍ

سوف تسحقه الحروبُ متى تريدْ

وانفض دماءَ الرحمِ عن رأسٍ صغيرٍ

كي توفرَ للهِويةِ حيزًا

فهناك أكداسٌ من الكلماتِ

تحملها انتماءً للحياةِ

بلا درايةِ أنها موتٌ

يكررُ من زيارتهِ

يمهدُ للمجيءِ بنقطة العمر الأخيرةْ

وهناك تاريخٌ ستقرأهُ

وألفُ حكايةٍ أبطالها ظلٌ لواقعها

وقودُ حرائقِ المجدِ المزيفِ للكسالى الحاصدين خلودهم

يومًا ستكبرُ يا صديقي

دون ذنبٍ لانسلاخِ نبوءة الأطفالِ عنك

ستفقد الأشياءُ معناها إذا أدركتها

ويمرُ عمرك مثل أغنيةٍ مفرغةٍ من الإيقاعِ

تهوي فوق رأسك:

يا حصيلة شهوةٍ كانت مكيدة

ستجربُ الحبَ اللذيذَ

كما النعاس المطمئن كما القصيدة

أنا مثل قادمك انكسرتُ أمام طيف حبيبتي

وصنعتُ منها نجمةً غيبية التكوينِ

أحملها إذا سافرتُ للمنفى القصي على حدود ولادتي

لكنها الحرب العجولة دائمًا تأتي لأتفه ما يكونُ

كما الهوى يأتي لأبسط عارضٍ

فاصرخْ بوجه الحربِ دامك عاشقًا

يا بنت من بذخوا الخزائنَ والعبيد لأجلها

أنا مثلُ (باريس) المؤبنِ بالجريرة

لا ذنب لي إلا طموحي بالحصولِ على المساحةِ بالعدمْ

إلا كلام العاشقينَ على اختلاف لغاته

إلا نسيم الصبح ينسجُ من خيوط الشمس ذكرى

لانتحالِ الأفقِ صورة من نحبُ من النساءْ

إلا هزيع الليل يحملُ في عبائته الحنينَ إلى اللقاءْ

يا حربُ..

يا لغة التشظي

وانفصال ملاحمِ البشري عن صلصال فطرته

أمنحيني فرصةً حتى أغني

لا يهمُ لمن أغني

فالغناءُ شريعة الإنسانِ

أول ما تعلم حين أصغى للهواءْ

يا حربُ..

لو كانت أغانينا لغاتِ خطابنا

ما كنتِ

ما لُفَتْ رفاةٌ في علمْ.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أمسِ جاءَ اللصوص

غريبان في شارع ميت

دلالات: