19-سبتمبر-2022
الاغتيالات في العراق

تخوف وتحذيرات (فيسبوك)

باتت ملامح الخوف تظهر على الشارع العراقي تحسبًا من عودة مسلسل الاغتيالات في العراق، بالتزامن مع اقتراب موعد عقد جلسات البرلمان الخاصّة بتشكيل الحكومة الجديدة في ظل رفض علني للتيار الصدري وإصرار على المضي من قبل "الإطار التنسيقي".

رأى مراقبون أنّ الأحزاب السياسية في العراق تعتمد أحيانًا على عمليات الاغتيال

وفي خضم هذه التخوفات، حذرت قيادة عمليات بغداد، مطلع شهر أيلول/سبتمبر 2022، من عمليات اغتيال قد تطال بعض اﻷشخاص داخل العاصمة العراقية.

وبحسب وثيقة سرية تناقلتها وسائل إعلام عراقية، تفيد بنية مجاميع مسلحة وصفتها بـ"خارجة عن القانون"، تنفيذ عمليات اغتيال في محافظة بغداد، مبينة أنّ عمليات الاغتيال ستتمّ بواسطة عجلات "مظللة" من دون لوحات مرورية ودراجات نارية.

عودة عمليات التصفية

الاغتيالات عادت بشكل ملحوظ في العام 2020 مع انطلاق تظاهرات تشرين في خريف 2019. ناشطون اتهموا بعض الجهات السياسية بتحريك جماعات مسلحة لتصفية المدنيين بهدف تخويفهم والقضاء على التظاهرات الشعبية، مما يعيد ذاكرة مسلسل الاغتيالات للعراقيين خصوصًا وأن الصراع على السلطة في أوج عظمته.

ويقول الباحث السياسي، سعد الزبيدي في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "الأحزاب السياسية في العراق تعتمد بشكل كبير على تنفيذ عمليات الاغتيال لتصفية الشخصيات المعارضة لها في التوجهات السياسية، فضلًا عن تصفية الشخصيات التي تسلط الضوء على الطبقة السياسية الحاكمة".

ويسير مسلسل الاغتيالات على اتجاهين، وفقًا للزبيدي، فالأول تنفذه الأحزاب السياسية من أجل مصالح سياسية، والثاني يكون عن طريق الدول التي تحاول خلط الأوراق والحفاظ على الأوضاع الأمنية المتوترة في العراق.

ويضيف الباحث السياسي قائلًا إنّ "العملية السياسية في العراق أصبحت معقدة بشكل كبير بين طرفي النزاع والمتمثلين بالإطار التنسيقي والتيار الصدري"، متوقعًا في الوقت نفسه عودة "الاغتيالات بشكل كبير خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع استمرار الصراع السياسي والانسداد الذي استمر نحو العام منذ الانتخابات التشريعية".

ويستطرد الزبيدي قائلًا إنّ "هناك ضغوطًا سياسية تمارس على الأجهزة الأمنية خصوصًا في إجراء التحقيقات التي تخص عمليات الاغتيال في عموم المحافظات العراقية".

وشهد شهر أيلول/سبتمبر الجاري، عملية اغتيال لضابط رفيع في قوة مكافحة المخدرات التابعة لجهاز الأمن الوطني مع مرافقه في هجوم مسلح وسط مدينة العمارة جنوب العراق.

مصادر أمنية تحدثت أن "مسلحين يستقلون سيارة نوع (بيك آب)، أطلقوا النار على العميد قاسم داود سلمان، مسؤول وحدة المخدرات في الأمن الوطني، مع سائقه ما أدى لمقتلهما".

وسبق هذه العملية بأشهر قليلة، عملية اغتيال للقاضي فيصل خصاف الساعدي المتخصص في قضايا المخدرات برصاص مسلحين في العمارة أيضًا.

تحذير جديد

إلى ذلك يرى العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان، علي البياتي، أنّ "الوضع السياسي بالعادة من يتحكم بمعدل الاغتيالات في العراق، وغالبًا ما يكون عمل المؤسسات الأمنية بشأن هذا الملف شكلًا".

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يقول البياتي إنّ "هناك العديد من الأمور التي توفر البيئة المناسبة لزيادة عمليات الاغتيال والتي تتمثل بوجود إعلام محرض حسب المصالح السياسية وسلاح منفلت وخارج عن إطار الدولة".

والعديد من المجاميع المسلحة تكون تحت إمرة الجهات السياسية وفقًا للبياتي الذي حذّر من "عودة الاغتيالات خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع استمرار الأزمة السياسية وغياب الدولة وأجهزتها عن ممارسة المهام القانونية والقضائية بشكل صحيح".

وبحسب البياتي، فإنّ المؤسسات الحكومية مطالبة بفتح تحقيقات حقيقية بشأن عمليات الاغتيال وعدم الاكتفاء بنشر إحصائيات بعدد الاغتيالات، فضلًا عن تفعيل القضاء العراقي بعيدًا عن الضغوط السياسية التي قد تمارس بحق القضاة في عموم المحافظات.

يتوقع نشطاء  عودة الاغتيالات في العراق مع استمرار الأزمة السياسية

وفي 9 كانون الثاني/يناير 2022، أي بعد مرور نحو 3 أشهر على إجراء الانتخابات المبكرة في العراق، انتخب البرلمان الجديد محمد الحلبوسي، رئيسًا له بعد جلسة سادتها الفوضى والمشادات بين نواب التيار الصدري والإطار التنسقي.

ومع استمرار فشل مجلس النواب بعقد جلسة انتخابات رئاسة الجمهورية والسماح لكتلة التيار الصدري التي فازت بالانتخابات النيابية، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر انسحاب نوابه من مجلس النواب في خطوة أثارت لغطًا كبيرًا في الشارع العراقي.

صراع الأحزاب

ويعيش العراقيون على وقع الاغتيالات منذ العام 2003، إلا أن الفترة الحالية تشهد استمرار هذا المسلسل بين الأطراف المتنازعة على الحكم في البلاد، وفقًا لحديث دريد الناصر.

المحلل السياسي يقول لـ"ألترا عراق"، إن "الصراع بين الأحزاب السياسية يصل بشكل مستمر إلى الاعتماد على الاغتيال بشكل معلن وبشكل غير معلن"، ويرى الناصر أنّ "عمليات الاغتيال دائمًا ما تتوجه نحو الصف الثاني أو الثالث للأحزاب السياسية، مستبعدًا "اغتيال الشخصيات التي تقف في الصف الأول".

وفي السنوات الأخيرة، أصبح مسلسل الاغتيال هاجسًا يخيف النشطاء على وجه التحديد، كون أن الجهات الأمنية والقضائية العراقية تقف عاجزة أمام محاسبة منفذين هذه العمليات، بحسب ناشط تحدث لـ"ألترا عراق".

ويقول الناشط الذي لم يسمح بالكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إنّ "الميليشيات المسلحة في البلاد بتوجهاتها هي معروفة لدى عموم العراقيين، إلا أن الحكومة وإن تغيرت الأسماء لا تستطيع تطبيق القانون عليها كونها تتبع الطبقات السياسية الحاكمة في الأساس".

ويتوقع الناشط "عودة الاغتيالات بشكل ملحوظ خلال الفترة المقبلة في ظل أزمة سياسية مستمرة منذ أشهر، وجهات سياسية تصارع على الحكم وهي تملك فصائل مسلحة قادرة على قلب موازين الأوضاع الأمنية في الشارع".