03-نوفمبر-2016

هل تمهد خطوة هولاند إلى محاولة امتلاك لآثار العراق وسوريا بحجة حمايتها؟

من المنتظر أن يشهد عام 2019 افتتاح مركز محفوظات "لييفان" (شمال باريس)، الذي سيخصص لتخزين مقتنيات متحف "اللوفر" بعيد التهديد الذي أصابه جراء فيضانات نهر السين في حزيران / يونيو الماضي. واليوم قد يضاف إلى هذه الآثار، وفق ما اقترح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أخيرًا، الكنوز الأثرية للعراق وسوريا.

هذا القرار يُفترض أن يتخذ مطلع كانون الثاني / دسيمبر المقبل إبان انعقاد "المؤتمر الدولي لحفظ التراث المهدد"، في أبوظبي، بحضور 40 دولة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس)، أنّ باريس ستقدّم هذا المقترح بضم الكنوز السورية والعراقية إلى مركز محفوظاتها الجديد.

اقترح الرئيس الفرنسي ضم آثار العراق وسوريا إلى مقتنيات متحف "اللوفر" لحمايتها من النهب

وتأتي هذه الخطوة بعد سطو الجماعات "داعش" وجماعات إرهابية "شبيحة" تابعين للنظام السوري وميليشيات الحشد الشعبي، على آثار البلدين وتدمير متحف الموصل وموقعي نمرود ونينوى في العراق، إضافة إلى الدمار الذي ألحق بمدينة تدمر السورية، وقد وصفها الرئيس الفرنسي بـ"المهمة الجديدة" المتعلقة بـ"المآسي والحروب"، حيث تتعرّض مقومات تراثية للتهديد على يد "إرهابيين همجيين".

ويفتح هذا الاقتراح جدلًا في الأوساط الثقافية العربية، التي ترى في هذه الخطوة تمهيدًا لـ"ضم هذه المحفوظات" إلى مخزون باريس التاريخي، وعدم إرجاعها لاحقًا إلى متاحف العراق وسوريا. وهو ما يعني "سلب" هذه الآثار، تحت مسمى حمايتها وحفظها، والتنقيب عنها وهو ما حصل سابقًا في ظروف أخرى. حيث تم "نهب" آثار اليمن والعراق مع بداية الاحتلال الأمريكي، وضمها إلى متاحف أوروبية، في برلين ولندن وباريس، بعد تأكيدات من مدراء المتاحف الوطنية في هذه البلاد على صونها وإعادتها. وهذا ما لم يحصل.

أقرأ/ي: تيسير خلف.. تدمر أكبر من مجرد آثار

يأتي هذا التصريح، مع انطلاق أعمال المؤتمر الدولي "مواقع التراث العالمي والمتاحف" في مقر منظمة "يونيسكو" في باريس، بتنظيم كل من المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي ومقرّه المنامة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة. وحضر الافتتاح 300 مشارك من بينهم مسؤولون عن متاحف في دول عدة، وممثلي منظمات دولية معنية بالتراث، ومندوبين دائمين من الدول لدى "يونيسكو".

وفي جلسته الأولى، ناقش المؤتمر أهمية المتاحف التابعة لمواقع التراث العالمي وعملها كصلة وصل ما بين الجمهور ومواقع التراث. وقدّم خلالها الدكتور بيار لومبارد، رئيس البعثة الفرنسية للتنقيب في مملكة البحرين، معلومات قيّمة حول متحف موقع قلعة البحرين المسجل على قائمة التراث العالمي. وواصل المؤتمر العمل في يومه الأول وقدّم جلسة ثانية حول المتاحف كونها وصيّة على سلامة مواقع التراث العالمي، والتي أدارها الدكتور منير بوشناقي مدير المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي.

ويقدّم المؤتمر، جلسات تتناول الأثر المتزايد للمتاحف على المجتمع المحلي والتحديّات التي تواجهها هذه المؤسسات، وخصوصًا تلك الموجودة في بلاد عربية تمر بظروف وأحداث عصيبة كالعراق وسوريا.

يبحث المؤتمر الدولي مواقع التراث العالمي والمتاحف تحديات هذه المتاحف في دول تعيش ظروف صعبة 

وفي كلمتها خلال الافتتاح، أكدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة أهمية دور المتاحف في حفظ الثقافة والتراث الوطني، منوّهة بضرورة تنسيق الجهود مع المنظمات الدولية المعنية بالتراث العالمي وعلى رأسها منظمة "يونيسكو" من أجل تحقيق هذا الغرض. وقالت: "مستمرّون في مساعينا من أجل إيجاد مساحة مع العالم نتشارك عبرها جهود حفظ مواقعنا التراثية، وخصوصاً تلك التي تقع في بعض بلداننا العربية التي تمر بظروف وأحداث تؤثر سلباً على حالة صون وإدارة تلك المواقع".

كما أشادت الدكتورة حياة قطاط، مديرة إدارة التراث في "ألكسو"، بدور المركز الإقليمي في تقديم الدعم والاستشارة للدول العربية في كيفية تعزيز دور المتاحف، متوقّفة عند أهمية المتاحف ودورها في التنمية المستدامة. أما سواي أكسوي، رئيسة المجلس الدولي للمتاحف (ICOM)، وريجينا دوريجيللو، مديرة المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS)، فركّزتا خلال حديثهما على أهمية المتاحف في صون المقتنيات والمكتشفات الأثرية.

واختتم الافتتاح بكلمة لتيم بادمان، مدير برنامج التراث العالمي في الاتحاد العالمي لصون الطبيعة (IUCN)، الذي رحّب بالشراكة القائمة ما بين الاتحاد والمركز الإقليمي، قائلاً إن المواقع الطبيعية أيضاً تحتاج إلى متاحف تعرّف بها وبالقيم العالمية الموجودة فيها. يذكر أن اهتمام المؤتمر لا يتركز فقط على المتاحف التي تحتوي على مكتشفات أثريّة متعلّقة بمواقع التراث العالمي، بل سيشمل أيضاً المتاحف المخصصة للتعريف بمواقع التراث العالمي والمتاحف المدرجة كمواقع في قائمة التراث العالمي.

أقرأ/ي أيضًا:

حتى مواقع التسوق عبر الإنترنت تبيع الآثار السورية

يعود إلى 4500 عام.. اكتشاف جديد في الهرم الأكبر