14-أكتوبر-2019

منعت السلطات في إقليم كردستان الشباب من التضامن مع متظاهري بغداد (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

ربما لم تحصل أي تظاهرات انطلقت في العراق على التضامن كما حصلت عليه الاحتجاجات التي بدأت في مطلع تشرين الأول/أكتوبر في بغداد والمحافظات، خصوصًا مع مشاهد الدم التي رافقتها والقمع غير المسبوق الذي ظهر في فيدوهات وصور بمواقع التواصل الاجتماعي، فضلًا عن "القنّاص" الذي استهدف الشباب المحتج.

خرج الشباب في إقليم كردستان للتضامن مع المتظاهرين في بغداد والمحافظات لكن السلطات في أربيل منعتهم من الخروج

وفي سياق "التضامن الوطني" الذي حصلت الاحتجاجات عليه، قدم شباب وبنات في أربيل، قبل نحو أسبوع طلبًا لسلطات الأمن في المدينة لغرض تنظيم وقفة احتجاجية تضامنية مع العاصة بغداد والمحافظات الجنوبية ضد عمليات القمع التي جرت في بغداد.

اقرأ/ي أيضًا: شباب العراق يعزلون عزلته

وافقت السلطات الأمنية على تنظيم الوقفة في بارك سامي عبد الرحمن، وحين وصل بعض المحتجين وجدوا أن قوات الأمن قد انتشرت في المكان.

أبلغ "الأسايش"، أو الأمن الكردي، المحتجون الذين وصلوا بأنهم عرضة للاعتقال، بحسب أحد المحتجين الذي قال لـ"ألترا عراق"، إن "بعض الشباب أصروا على البقاء حاملين الشموع لإيقادها لاستذكار شهداء الاحتجاجات، مبينًا "بعد قليل اُعتقلوا من قبل السلطات الكردية، ولم تفرج عنهم إلا بأخذ تعهدات بعدم تنظيم أي وقفة احتجاجية، وفي حال قاموا بذلك، فأن السجن وغرامة مليون دينار ستكون بانتظارهم".

قالت الميكب ارتست جيهان هاشم على منصة "سناب شات"، إنها "حاولت الوصول إلى المكان المتفق عليه للاحتجاج في محافظة أربيل، مستدركة "لكنها وجدت رجال الأمن منتشرين في كل مكان وطلب منها المغادرة لعدم وجود وقفة احتجاجية".

يفتح ملف منع الوقفات الاحتجاجية في أربيل تضامنًا مع متظاهري بغداد والمحافظات الباب أمام العلاقة الوطيدة بين الحكومة في إقليم كردستان وعادل عبد المهدي في بغداد، وهو كما يرى مراقبون، أن حكومة الإقليم تعيش في ربيعها السياسي والاقتصادي منذ تولي عبد المهدي رئاسة الوزراء، حيث ازدادت ميزانية الإقليم وانتظم تسليم الرواتب القادمة من بغداد، دون تسليم إيرادات النفط من الإقليم إلى بغداد.

يقول شيروان عمر، وهو كاتب وناقد عراقي كردي، إن "أبناء أربيل والمحافظات العراقية الكردية الأخرى، كانت قلوبهم مع بغداد والجنوب في المطالبة بحقوقهم المسلوبة، مستدركًا "لكن الحكومة هنا تجد أن أي تغيير في النظام من الممكن أن يعيد النزاع بين أربيل وبغداد مجددًا، ولا أحد في إقليم كردستان من السياسيين يريد أن تنقطع العلاقات والرواتب ويعود الخلاف مرة أخرى".

عرقلت السلطات الكردية تنظيم وقفة احتجاجية للتضامن مع متظاهري بغداد لكنها سمحت في خروج تظاهرة للكرد العراقيين والسوريين ضد العمليات العسكرية في الشرق السوري

لفت عمر في حديثه لـ"ألترا عراق" إلى أن "كركوك التي كانت تخضع لسيطرة كردية منذ 2014 استعيدت في زمن العبادي بـ2017 والمالكي قبلها في 2012 قطع رواتب الإقليم".

استدرك عمر "ولكن عادل عبد المهدي أعاد في 2018 رواتب إقليم كردستان، وسمح للكرد بالحصول على ثلاث وزارات، هي المالية والإعمار والإسكان والعدل، إضافة إلى منحهم الكثير من الامتيازات، من بينها استمرار السماح لهم بتصدير النفط بمعزل عن بغداد، من دون رقيب، ناهيك عن الميزانية التي تصل إلى 12 بالمئة ورغم أنها أقل من 17 بالمئة التي كانت في السابق تمنح إلى إقليم كردستان، لكنها مع مخصصات "البيشمركة" وغيرها من الأموال تصل فعليًا إلى 21 بالمئة".

اقرأ/ي أيضًا: عبد المهدي والكرد.. "صداقة" قديمة و"تفريط" قد يؤدي إلى حرب!

وبالرغم من منع مواطني الكرد من التضامن مع متظاهري بغداد، وهو الأمر الذي قد يعرض الجانب الوحدوي ويكسر حالة الانقسام التي شهدها العراق ما بعد الاحتلال وما قبله، لكن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، وهو المسؤول الكردي الوحيد في الإقليم الذي تحدث ببيان رسمي يوم 4 تشرين الأول/أكتوبر عن الاحتجاجات في بغداد والجنوب قائلًا إن "المشاكل المتفاقمة في العراق ليست وليدة اليوم، وإنما ناجمة عن أخطاء سياسات عشرات السنين الماضية للحكومات المتعاقبة في العراق، ولا تستطيع أي حكومة حلها بين ليلة وضحاها"، وهو ذات التبرير الذي خرج به رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في ليلة 4 تشرين الأول/أكتوبر بعد الاحتجاجات في بغداد.

اللافت للنظر، وبحسب نشطاء، أن السلطات الكردية وبسبب علاقتها الوطيدة مع بغداد عرقلت تنظيم احتجاجات سلمية لتأييد المتظاهرين، لكنها في الوقت ذاته سمحت بخروج متظاهرين من كرد الإقليم وآخرين من الكرد السوريين في أربيل والسليمانية ضد العمليات العسكرية في شمال شرق سوريا والتي تقودها تركيا، رغم أنها ترتبط أيضًا بعلاقات وثيقة مع الدولة التركية.

في السياق، قال صحفي عراقي كردي، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن "الاحتجاجات منذ انطلاق عملية "نبع السلام التركية بحسب وزارة الدفاع التركية" في منطقة روجافا "كردستان سوريا"، لم تتوقف حيث سمح بمشاركة العشرات من الكرد العراقيين والسوريين فيها للتنديد بالعملية في أربيل والسليمانية، لكن السلطات فقط منعت وصول المحتجين إلى القنصلية التركية وقطعت بذلك شارعًا مهمًا في أربيل تقع به القنصلية وهو شارع كولان".

أضاف في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "السلطات لم تمنع بخروج وقفات قرب السفارة الأمريكية وأخرى قرب السفارة الفرنسية وقرب مقر الأمم المتحدة في شارع مئة، بشكل مستمر ولعدة أيام، لكنها منعت أن تقام وقفة واحدة للمحتجين للتضامن مع بغداد والجنوب، وهذا يعكس أن أربيل تعمل على إبقاء الوضع في بغداد على ما هو عليه للحفاظ على مكتسباتها، ومحاولة امتصاص غضب الشارع بمظاهرات معينة بعلمها بما يخص عملية نبع السلام، لأنها متيقنة بأنها في حال عدم السماح بذلك فأن الأمور ستسوء في أربيل مع ازدياد اللغط الشعبي".

المتضامنون الكرد مع تظاهرات بغداد اُعتقلوا من قبل السلطات الكردية، ولم تفرج عنهم إلا بأخذ تعهدات بعدم تنظيم أي وقفة احتجاجية، وإذا تكرّر الأمر، فأن السجن وغرامة مليون دينار ستكون بانتظارهم

مسؤول كردي رفيع أبلغ "ألترا عراق" بأن "سلطات الإقليم تريد أن تحافظ على النأي بالنفس بمختلف الظروف المحيطة بالمنطقة، لأنها وبكل الأحوال إذا كانت في بغداد أو شمال شرق سوريا، فأنها ستؤثر حتمًا على الواقع في إقليم كردستان وتحديدًا بأربيل، التي عانت في السنوات الماضية من أضرار "داعش" والخلافات السياسية مع بغداد".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

عداد الموت.. حصيلة انتهاكات السلطات العراقية لحقوق الإنسان خلال انتفاضة تشرين

متظاهرون يعاملون كـ"داعش".. ماذا تعرف عن "البو عزيزي" في واسط؟