11-أكتوبر-2019

استخدمت السلطة الرصاص الحي في تفريق المتظاهرين بمحافظة واسط (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير 

لم تكن محافظة واسط الأكثر هدوءًا على مستوى العراق بعيدة عن أجواء التظاهرات التي انطلقت في معظم محافظات البلاد، حيث تصاعدت أعداد المحتجين ومراحل الاحتجاج في المحافظة بشكل مطرد خلال 6 أيام منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019، والتي شهدت خلالها المحافظة وللمرة الأولى قتلى وجرحى جراء إطلاق الرصاص الحي بالإضافة إلى قنابل الغاز المسيل للدموع من قبل القوات الأمنية.

بوعزيزي واسط!

سلسلة من العوامل المتراكمة ساعدت على اندماج شعبي في المحافظة مع تظاهرات بقية مدن البلاد بحسب "م. ن"، منها سوء الخدمات والبطالة والمحسوبية الحزبية والعشائرية أبرز الأسباب التي دفعت المواطنين للخروج، خاصة مع وجود إمكانيات مالية كبيرة في المحافظة بدءًا من المنفذ الحدودي الذي يمثل مائدة "دسمة" للأحزاب وأعضاء مجلس المحافظة وصولًا لحقول النفط.

حرق الشاب وسام الجعيفري لنفسه في وسط مدينة الكوت، حجر الزاوية في تعبئة الجماهير مستذكرين التونسي محمد البو عزيزي الذي مثل حرقه لنفسه انطلاقة للثورة التونسية

يعتبر "م. ن" وهو من الشباب الذين شاركوا في الاحتجاجات منذ اليوم الأول وحتى قمعها، حرق الشاب وسام الجعيفري لنفسه في وسط مدينة الكوت مركز المحافظة بعد إزالة فرق البلدية لعربته الصغيرة التي يبيع فيها المنظفات، حجر الزاوية في تعبئة الجماهير مستذكرين الشاب التونسي البو عزيزي الذي مثل حرقه لنفسه انطلاقة للثورة التونسية.

اقرأ/ي أيضًا: جواب السلطة على "العلم العراقي" رصاصة في جسد المتظاهر!

أضاف "م. ن" في حديث لـ"ألترا عراق"، "فشلت دعوات التظاهر الكثيرة بعد حادثة الجعيفري، لكنها ضاعفت السخط الشعبي لدى المواطنين خاصة بعد فشل مجلس المحافظة في عقد جلسة طارئة أو الخروج بقرارات على ضوء الحادثة".

بداية متصاعدة

طوال أيام الاحتجاجات الستة، كانت المحافظات تستمد القوة والمواصلة من بعضها، خاصة مع فرق توقيت الانطلاق حيث يبدأ التحشيد بعد الظهيرة في بغداد وتليها الناصرية والديوانية ثم واسط التي تنطلق عند الخامسة تقريبًا وتستمر حتى منتصف الليل، فيما كان للقمع في بغداد خلال اليوم الأول أثرًا كبيرًا في تحشيد المحافظات خاصة مع انتشار الصور والأخبار قبل قطع الإنترنت.

كانت تظاهرات اليوم الأول خجولة وبسيطة ما أدى إلى تفريقها بسهولة بحسب "ع. س"، عازيًا ذلك في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى "العدد القليل للمحتجين بالإضافة إلى أنهم تجمهروا عند مبنى مجلس المحافظة وهو مكان محاط بالدور السكنية وأمامه ساحة صغيرة، ما سهل محاصرتهم من قبل القوات الأمنية وتفريقهم بسهولة".

يصف المحتج "ع. س"، اليوم الثاني بأنه شهد عمليات كر وفر، حيث انتقل ميدان التظاهر من ساحة مجلس المحافظة إلى شارع النسيج، وهو شارع رئيسي في وسط المدينة، يتفرع منه مجموعة شوارع تؤدي إلى مجلس"، لافتًا إلى أن "مساحة الشارع الكبيرة وكثرة الشوارع الفرعية فيه وفر لنا مساحة للمناورة، فيما زادت السلطات في استحداث وسائل القمع، ما أدى إلى إصابة 5 أشخاص جراء الاختناق والرصاص الحي".

الأقضية تدخل... القمع يزداد

شهد يوم الخميس الثالث من تشرين الأول/أكتوبر، زحمًا كبيرًا في عموم محافظات البلاد المحتجة، وهو اليوم الأكثر قمعًا وضحايا، حيث عزز قطع الإنترنت روح التظاهر بالإضافة إلى الفيديوهات التي عرضتها بعض القنوات قبل إغلاقها.

اليوم الثالث من الاحتجاجات في محافظة واسط شهد زخمًا كبيرًا وهو اليوم الأكثر قمعًا وضحايا 

كانت تظاهرة الخميس الأكبر في تاريخ المحافظة بسحب "ع. س"، الذي قال إن "أعداد الوافدين من الأقضية والنواحي تضاعف في هذا اليوم بالإضافة إلى سكان المدينة، لكن القمع أزداد وحشية وتعددت أساليبه، ما أدى لسقوط 4 قتلى بالإضافة إلى أكثر من 19 جريحًا، استخدم الرصاص الحي وبإطلاقات مباشرة على المحتجين".

اقرأ/ي أيضًا: هتافات تحت الرصاص.. هل منح السيستاني الضوء الأخضر لـ "البطش" بالمتظاهرين؟

يؤكد "ع. س" أن اليوم الرابع من الاحتجاجات شهد انخفاضًا كبيرًا، بسب حضر التجول ومنع الدخول إلى المدينة، ومع ذلك تجمهر المئات عند "فلكة 14 تموز" المؤدية إلى شارع النسيج ومجلس المحافظة، ما دفع القوات الأمنية إلى استخدام الرصاص الحي، سقط على اثره 14جريحًا، وأكثر من 3 قتلى.

عصيان.. تعاطي

خلال أيام الاحتجاجات تكدست القوات الأمنية المسلحة إلى جانب قوات مكافحة الشغب في مركز المدينة، وهذا ما يعده مراقبون خرقًا قانونيًا ودلالة على النية المبيتة للقمع.

كانت نداءات قائد شرطة واسط اللواء علاء غريب تؤكد على عدم استخدام الرصاص الحي والحذر من المندسين بحسب مصدر في شرطة المحافظة، والذي قال في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "قائد الشرطة كانت توجيهاته واضحة ودقيقة لكل القوات الأمنية بعدم استخدام الرصاص الحي أو الابتعاد عن الضرب المباشر".

لا ينفي المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية موقعه، "استخدام الرصاص الحي وبشكل مباشر وتسجيل العديد من الوفيات جراء الإصابات القاتلة في الرأس أو الصدر"، مستغربًا "العنف والقسوة التي كانوا عليها أفراد من القوات الأمنية خاصة قوة النخبة، وكأنهم يواجهون "داعش".

يؤكد المصدر أن "تعاطي الحبوب المخدرة أمر مألوف ومتعارف عليه بين أفراد القوات الأمنية، وهذا يجعلهم مغيبين وعلى درجة عالية من العنف والبطش".

مصدر يشير لـ"ألترا عراق" إلى أنه بالتزامن مع عمليات القمع كانت القوات الأمنية تتعاطى الحبوب المخدرة وهو ما يجعلهم أكثر أقدامًا على البطش

وبشأن عدم الالتزام بتوجيهات قائد الشرطة والضرب بشكل مباشر أشار المصدر إلى أن "ذلك يعد عيصان للأوامر والتعليمات ويستوجب المحاكمة العسكرية، مستدركًا "لكن هذا لن يحدث، هناك جهات تدعم القمع بهذه الوحشية، وستقف في وجه من يحاول محاسبة عناصر القوات الأمنية أو الضباط".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قصة من "ثلاجة الصدر".. رصاص السلطة في رأس "المقاتل المحتج"!

انتفاضة تشرين.. مشاهد مروعة من "حمام الدماء" ومرحلة جديدة من القمع!