25-مارس-2021

تهدد العراق أزمات أمنية واقتصادية وصحية ربما ستجتمع لتضرب النظام ضربةً واحدةً (فيسبوك)

أزمةُ ثقة.. عبارة تُطلق باستمرار مع كل مشكلة تطفو على سطح المشهد السياسي في العراق، سواء أكانت متعلقة بتشكيل الحكومة أو بتمرير قانون معين أو شغر منصب، وغير ذلك، كما في حالة الانتخابات المبكرة التي كانت أحد مطالب انتفاضة تشرين.

المعرقلات، الأزمة الأمنية، وأزمة الموازنة، إضافة إلى مشكلة الانتخابات، تؤشر إلى "أزمة الثقة" التي قد تفجّر  أزمات متتالية

يُمكن تقسيم المشهد الحالي إلى أقسام عدّة أبرزها ثلاثة: رئاستا الجمهورية ومجلس الوزراء، القوى السياسية وبضمنهم رئيس مجلس النواب، الحركات الشعبية والمعارضة. ومن هذه الأقسام، ربما القسم الأول هو الأكثر تماسكًا أو توافقًا في الرؤى ورصًّا للجبهة، مقابل اختلافات عميقة بين القوى السياسية فيما بينهم، وتخندق الكثير منها في قبالة القسم الأول، والثالث، الذي هو أيضًا يطاله التشظي وفقدان البوصلة لأسباب واقعية ومنطقية.

اقرأ/ي أيضًا: حوار بصوت "كاتم".. والكاظمي الذي لا يعيش معنا

تناولنا سابقًا دعوة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لحوار بين مختلف القوى، والتي لا فكرة منها سوى عبارة "حوار شفاف"، فالحالة السياسية الموجودة حاليًا هي أحوج ما يكون للشفافية خصوصًا في مسألة الانتخابات. لا يمكن لأي مراقب التيقن من موقف أي جهة سياسية من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد أخيرًا. في التصريحات، يتحدث الجميع عن ضرورة إقامة الانتخابات في تشرين الأول المقبل، ثم عبر الوسائل الثانوية يستبعد الغالب الأعم إمكانية إجراءها، مرة أخرى لأسباب تتعلق بعدم الشفافية.

يؤشر المتابعون تخوفات واختلافات مفصلية بين الحكومة والأحزاب، وصراعات باتت أكثر وضوحًا مع الحراك النيابي الجديد لحل البرلمان، الذي يبدو أن أطرافه الكبار لا يريدون ترك الحبل على القارب للحكومة ولو لشهرين عبر حل المجلس التشريعي قبل موعد الانتخابات وبقاء الحكومة بلا سلطة رقابية. يعكس ذلك التوجه أزمةً عميقةً مع الحكومة، ربما لم نشهدها في السابق.

ينتج الحراك النيابي هذا مسألة قانونية في توقيت الكاظمي للانتخابات فيما إذا أقدم المجلس على حل نفسه قبل يوم واحد من موعدها. كيف سيدعو رئيس الجمهورية إلى إجراء الانتخابات؟ ما الخطوة الأخرى من الحكومة؟ هل ستحضّر للانتخابات وتعلن استعدادها لإقامتها في اليوم التالي من إعلان رئيس الجمهورية؟ وهل يجوز ذلك قانونيًا؟ أم أن الموعد سيؤجل مرة أخرى لشهرين بحسب النص القانوني؟

هذه المعرقلات، الأزمة الأمنية، وأزمة الموازنة، إضافة إلى مشكلة الانتخابات، تؤشر إلى "أزمة الثقة" التي أشرنا لها في البداية، والتي قد تفجّر  أزمات متتالية.

كأن الجهازين التنفيذي والتشريعي في العراق متصارعان وليس منفصلان كما يتطلب النظام الديمقراطي 

لعبةُ "التوريط" ماضية على قدم وساق بين الحكومة والبرلمان، وقد شهدنا شيئًا منها في فترة حكومة حيدر العبادي، وأعادت حكومة الكاظمي ذلك بقانون الاقتراض وتغيير سعر الصرف، وتبرز بعض المؤشرات على تعطيل قانون الموازنة لذات السبب، ثم إجراء الانتخابات والصراع على الصلاحية، وكأن الجهازين التنفيذي والتشريعي متصارعان وليس منفصلان كما يتطلب النظام الديمقراطي. تخوض الأطراف جميعها صراعًا شرسًا وتتدافع نحو استحصال أكبر قدر ممكن من المكاسب وبأقل وقت ممكن، فتُديم أزمة الثقة وتعمقها بدل تفكيكها لإنقاذ السفينة من الغرق، ذلك في وقت تُهدد العراق أزمات أمنية واقتصادية وصحية ربما ستجتمع لتضرب النظام ضربةً واحدةً.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

العبث في أمن بغداد.. دليل على فقدان الصواب أيضًا

الكاظمي والتنين "المنكـَول" في صراع الشارع