غالبًا ما يتلقى الأطفال الذين يتهمون بـ"الإرهاب"، معاملة خاصة في محاولة لإعادة دمجهم وصهرهم مجددًا في المجتمع، إلا أنّ العراق لم يسر على هذه الخطى بل ظهرت "الحيرة"، على الجهات الحكومية بشأن حسم مصير ومستقبل هؤلاء، وعلى مدار سنوات، ومنذ تحرير المدن من تنظيم "داعش" عام 2017، اعتقلت القوات العراقية الآلاف من المنتمين للتنظيم سواء كانوا عراقيين أو أجانب.
تقول تقارير إن الحكومة العراقية احتجزت خلال العام 2021 أكثر من ألف طفل بعضهم لم يتجاوز عمره تسع سنوات
وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإنّ السلطات العراقية احتجزت عام 2021، أكثر من ألف طفل بعضهم لم يتجاوز عمره تسع سنوات بتهم تتعلّق بـ"الأمن القومي لا سيما الاشتباه في صلتهم بتنظيم داعش"، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
أعمارهم لا تتجاوز الـ10 سنوات
مفوضية حقوق الإنسان وعلى مدار عملها قبيل انتهاء مهامها في العام الماضي، لا تمتلك أرقامًا حقيقية عن أعداد الأطفال الذين على صلة بتنظيم داعش، وفقًا لعضو المفوضية فاتن الحلفي.
وتقول الحلفي لـ"ألترا عراق"، إنّ "الجهود الدبلوماسية مستمرة بين العراق والدول المعنية من أجل تسليم الأطفال ذي الأصول أجنبية"، مبينةً أنّ "الأطفال يقسمون إلى قسمين، الأول مع أمهاتهم والآخر موجود في دور الأيتام".
وأضافت أنّ "أعمار هؤلاء الأطفال لا تتجاوز الـ 10 سنوات"، مبينةً أنّ "الحكومة وبالتنسيق مع المنظمات الدولية تعمل على إعادة دمج الأطفال الذين يمتلكون الجنسية العراقية بالمجتمع من جديد".
أرقام وإحصائيات جديدة
لكن في أحدث الإحصائيات التي حصل "ألترا عراق"، عليها، فإنّ هناك أكثر من 1500 طفل على صلة بتنظيم داعش، سلّم منهم نحو 1400 إلى دولهم، بحسب مدير عام دائرة إصلاح الأحداث كامل أمين.
ويقول أمين لـ"ألترا عراق"، إنّ "العراق يمتلك الآن من 150 إلى 160 طفلاً من أطفال داعش المصاحبين لأمهاتهم"، مضيفًا أنّ "العراق أمام تحد كبير بشأن هذا الملف".
ويبيّن أمين أنّ "العراق أرسل طفلين إلى هولندا قبل أكثر من شهر، وهذه تعتبر آخر وجبة أرسلت"، مشيرًا إلى أنّ "هناك دولًا لا ترغب في استلام الأطفال وهي تعمل على عرقلة إجراءات التسليم بشكل مستمر".
وأشار إلى أنّ "تركيا الدولة الوحيدة هي التي تستمر باستلام الأطفال بعد محاكمتهم في العراق وفقًا للقانون الدولي"، لافتًا إلى أنّ "القانون العراقي لا يسمح للطفل بالبقاء مع أمه في السجن بعد تجاوز عمره الـ 3 سنوات، لكنّ هناك استثناء منح لهؤلاء الأطفال من أجل استمرار بقائهم برفقة أماتهم حتى تنتهي محاكمتهم".
وختم أمين حديثه بالقول إنّ "الاطفال العراقيين يسلمون إلى ذويهم (الأهل، العشيرة، الأقارب)، وفي حال عدم وجود أحد من عائلاتهم أو عدم رغبتهم في احتضانهم يذهبون إلى دور الرعاية الخاصة بالأطفال".
وبحسب نفس التقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإنّ القانون الدولي يحظر تجنيد الأطفال أو استخدامهم من قبل الجماعات المسلّحة، لكنّ العراق "يعاملهم كمجرمين، رغم غياب الأدلة على تورطهم في جرائم عنيفة".
الجيل الثالث لـ "داعش"
وفي الجانب الأمني، يسمي الخبير والباحث في الشؤون الأمنية صفاء الأعسم، الأطفال المنتمين إلى داعش والموجودين في السجون بـ "الجيل الثالث للتنظيم".
ويقول الأعسم، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "اغلب الأطفال الذين اعتقلتهم القوات العراقية أصبحوا الآن في مراحل الشباب وهذا يشكل خطرًا أمنيًا على المحافظات".
وأوضح الخبير الأمني أنّ "هؤلاء الأطفال هم أخطر من تنظيم داعش، كونهم تربوا على الوحشية والعدوانية وهذا ما سينعكس على شخصيتهم عند الكبر"، مطالبًا في ذات الوقت الحكومة بـ"وضع برنامج أممي يحتوي على لجان متعددة من أجل البدء بعملية دمجهم في المجتمع".
وفي شباط/فبراير 2020، قالت الأمم المتحدة إنّ "بعض الأطفال في العراق ما زالوا غير قادرين على تلقّي التعليم، ولا يستطيع هؤلاء الأطفال إلى الآن الحصول على الوثائق المدنية اللازمة لالتحاقهم بالمدارس الحكومية".
في حال عدم وجود أحد من عائلات الأطفال الذين على صلة بتنظيم "داعش" يذهبون إلى دور الرعاية الخاصة بالأطفال في العراق
ونظرت المحاكم العراقية في أكثر من 20 ألف قضية إرهاب ضد مشتبه بانتمائهم إلى تنظيم "داعش" ومن ضمنهم مئات الأطفال، وفقًا لنفس التقرير الصادر عن الأمم المتحدة.