02-أبريل-2020

اتهمت الكتل السياسية الشيعية برهم صالح بخرق الدستور و"كسر عظم" الشيعة (Getty)

بدأت المشكلة بين رئيس الجمهورية برهم صالح وبعض الكتل الشيعية تطفو على السطح وتزداد حدة، منذ أن اعتذر الأول عن تكليف مرشحي تلك الكتل المنضوية في تحالف البناء لمنصب رئاسة الوزراء، أواخر كانون الأول/ديسمبر 2019، مفضلًا الاستقالة على القبول بمحافظ البصرة أسعد العيداني، وهو ثالث مرشح يعتذر صالح عن تكليفه كونه "لا يحظى بتأييد الحراك الشعبي"، الأمر الذي دفع أمين عام عصائب أهل الحق على مخاطبة صالح بالقول: أمامك الاستقالة أو الإقالة.

رأى نائب عن "سائرون" أن خطوة رئيس الجمهورية في اختيار الزرفي دستورية، فيما أشار إلى أن معارضي الزرفي هم حلفاء طهران 

هدأ الصخب نسبيًا تجاه صالح بعد تكليفه محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة في 1 شباط/فبراير، وتحول الصراع داخل الأحزاب الشيعية والسنية المعترضة والمؤيدة، والكردية المعترضة بالمجمل.

اقرأ/ي أيضًا: مخاوف "شق الصف الشيعي" تتفاعل.. الأسبوع الأخير يحدّد مصير الزرفي

بعد إخفاق علاوي واعتذاره عن التكليف، تشكّلت لجنة سباعية شيعية لاختيار رئيس الوزراء الجديد، واستقرت على تقديم نعيم السهيل؛ لكن إجماعها انفرط بانسحاب بعض ممثلي الكتل الكبيرة أهمّها سائرون.

قبل انتهاء المدة الدستورية في 17 آذار/مارس، كلّف صالح رئيس كتلة النصر النيابية عدنان الزرفي، بترشيح 50 إلى 63 نائبًا حسب تصريحات مؤيدين ومعترضين.

من رشحّ الزرفي؟

يتحدث نواب من الطرفين، المؤيد والمعارض، على أن 50 إلى 60 نائبًا جمعوا تواقيعهم وقدموها لرئيس الجمهورية لتكليف عدنان الزرفي. وقال الأخير نفسه إن رئيس الجمهورية استنفذ كل الطرق التي يُمكن اتّباعها قبل تكليفه.

وقال النائب عن ائتلاف النصر رياض التميمي إن "150 توقيعًا وصلت إلى رئيس الجمهورية في اليوم التالي من التكليف بينهم تحالف سائرون".

بدوره، يرى النائب عن تحالف سائرون رامي الكسني أن خطوة رئيس الجمهورية "دستورية وكسرت الأعراف السياسية المقيتة"، مبينًا أن "معارضي الزرفي هم حلفاء طهران".

الهدف صالح

خاطب الخزعلي رئيس الجمهورية مجددًا بعد التكليف، بالقول: "ستعرّض السلم الأهلي للخطر حيث أن القوى المعترضة وجمهورها ترفض مرشحك ولن تسمح بتمريره".

ترى الكتل الشيعية المنضوية في تحالف البناء أن رئيس الجمهورية استغل فشل اللجنة السباعية ورشّح الزرفي، بهدف "إلغاء دور الأغلبية الشيعية"، حسب تعبير عضو ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي.

أشار النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي إلى وجود "إرادة سياسية لتعطيل الدولة من خلال إفراغ منصب رئاسة الوزراء"، محملًا رئيس الجمهورية مسؤولية "اللادولة" الحاصلة.

أصبحت إقالة رئيس الجمهورية مطلبًا وضرورة للحفاظ على الدستور، كما عبّر النائب عن ائتلاف دولة القانون كاظم الصيادي، الذي وصف صالح بغير الصالح، فيما وصفه النائب عن كتلة صادقون عبد الأمير تعيبان بـ "الخائن للدستور"، مطالبًا بمقاضاته وتغييره وإلغاء تكليف الزرفي.

يقول الخبير القانوني طارق حرب إن عملية تكليف الزرفي لا تعتبر حنثًا باليمين أو خيانة عظمى

بالفعل، دعا النائب عن كتلة الفتح كريم عليوي، أعضاء مجلس النواب إلى مساندته في جمع تواقيع والتصويت على إقالة رئيس الجمهورية الذي "هدد المجتمع الأهلي" بترشيحه الزرفي، وأعلن رئيس كتلة صادقون إقامة دعوى على رئيس الجمهورية بتهمة مخالفة الدستور، وقال إنهم سيصوتون بالأغلبية على إقالة برهم صالح.

اقرأ/ي أيضًا: الخزعلي يصوب نحو برهم صالح مجددًا: تمرير الزرفي دونه خرط القتاد

وأكد النائب عن تحالف الفتح عدي شعلان في 29 آذار/مارس أنهم بصدد جمع تواقيع نيابية لإقالة رئيس الجمهورية من منصبه لتجاهله القوى الشيعية، مبينًا أن "فرض الإرادات وكسر العظم بات من الماضي"، سبقه في ذلك القيادي في ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي الذي قال في تصريح متلفز إن رئيس الجمهورية "مارس كسر العظم مع الشيعة"، وشاركه النائب زميله في الفتح عباس الزاملي بمسألة "فرض الإرادات" في تكليف الزرفي.

إقالة الرئيس وإلغاء التكليف

يرى النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي أن "جميع أسباب الإقالة متوفرة خاصةً وأن رئيس الجمهورية خرق الدستور بتكليفه الزرفي"، مبينًا أن الكتل السياسية "قادرة" على إقالة الرئيس، فيما قال رئيس كتلته محمد الغبان في 1 نيسان/أبريل إن "رئيس الجمهورية سيكون تحت طائلة المسائلة القانونية والبرلمانية خلال اليومين المقبلين، وسينتج عنها بطلان مرسوم التكليف".

وعن دستورية الإقالة، والمسائلة القانونية، حدد الخبير القانوني طارق حرب الطريق الذي رسمه الدستور لإقالة رئيس الجمهورية من خلال عدة إجراءات وصفها بـ "المقعدة"، أولها أن "تكون هناك موافقة من مجلس النواب بأغلبية أعضائه"، والإجراء الثاني هو "صدور قرار من المحكمة الاتحادية بارتكاب رئيس الجمهورية أحد الأفعال، وهي الحنث باليمين، الخيانة العظمى، وعدم الالتزام بالدستور"، ثم بعد الإجراء الثاني الذي وصفه حرب بالصعب، يأتي الإجراء الثالث وهو "موافقة أغلبية النواب، أي 165 نائبًا".

جوابًا على عدم دستورية تكليف الزرفي، قال حرب لـ "ألترا عراق" إن "هذه تهمة تشبه القول لأحدٍ أنه سرق. لكنها مسألة دقيقة بعكس السرقة التي هي واضحة"، مبينًا أن "الفيصل في ذلك هو صدور قرار من المحكمة الاتحادية الذي يستلزم تصويت الأغلبية النيابية قبل القرار وبعده".

وحول بطلان مرسوم التكليف كما توعّد رئيس كتلة الفتح، فمن وجهة نظر الخبير القانوني أن عملية تكليف الزرفي "لا تعتبر حنثًا باليمين أو خيانة عظمى"، كون المشرّع "في الفقرة 5 من المادة القانونية المعنية لم يقل الكتلة النيابة الأكثر عددًا، بل تكليف المرشح، ما يعني أنه قد يكون مرشحًا من نائبين أو 10 نواب أو الكتلة الأكثر أو الأقل عددًا".

شدد حرب في حديثه لـ "ألترا عراق" على ضرورة أن "تثبّت المحكمة الاتحادية مخالفة الدستور" في هذه القضية.

يؤكد طارق حرب لـ"ألترا عراق" أن الفيصل في عدم دستورية تكليف الزرفي هو صدور قرار من المحكمة الاتحادية الذي يستلزم تصويت الأغلبية النيابية قبل القرار وبعده

كان برهم صالح قد استفسر من المحكمة الاتحادية عن انتقال صلاحية التكليف إلى رئيس الجمهورية في حال إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة الدستورية. وأجابت المحكمة الاتحادية في اليوم ذاته، 16 آذار/مارس بالقول، إن "المرحلة التي تلت اعتذار المكلف بتشكيل مجلس الوزراء وفق المادة (76) من الدستور يكون بعدها الخيار حصريًا لرئيس الجمهورية بتكليف مرشحًا جديدًا خلال 15 يومًا من تاريخ اعتذار محمد توفيق علاوي".

اقرأ/ي أيضًا: الزرفي يتصرف كرئيس وكتل تبحث عن بديله.. هل يمر؟

لكن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان اعتبر تفسير المحكمة الاتحادية خاطئًا، وأنه "صادر من محكمة ناقصة النصاب قانونًا". وعلل زيدان السبب بأن المادة 76 الفقرة أولًا من الدستور حددت الجهة المختصة بالترشيح، وهي الكتلة النيابية الأكثر عددًا، وما ورد في الفقرات ثالثًا وخامسًا فأنها تعني (مرشح) جديد من الكتلة المنصوص عليها في الفقرة أولًا، أي الكتلة النيابية الأكثر عددًا، التي من واجب رئيس الجمهورية تكليف مرشحها فقط.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الزرفي يسابق الزمن وتحالف العامري يتربص.. من يكسب الرهان؟

هل يعتبر عدنان الزرفي نقطة تلاقي إيرانية ـ أمريكية؟