24-يوليو-2019

كشفت مصادر عسكرية عن حصيلة جديدة صادمة لقتلى معركة تحرير الموصل (Getty)

لا تزال أعداد القتلى الذين سقطوا بالمعارك الطاحنة ضد تنظيم "داعش" في الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، غير واضحة ودقيقة، حيث تتحفظ السلطات عن كشف الحصيلة الحقيقية، وتعتذر الحكومة المحلية بذريعة عدم امتلام أرقام محددة، لكن معلومات عسكرية كشفت عن حصيلة صادمة.  

قال مصدر عسكري كردي إن عدد قتلى الموصل يصل إلى 40 ألف شخص بين مدنيين وعسكريين وعناصر في "داعش"

يقول مصدر في قوات البيشمركة التي شاركت في معارك الموصل على نحو محدود في حديث لـ "الترا عراق"، إن "العدد الحقيقي للقتلى من المدنيين ومعهم عناصر في تنيظم داعش وقوات عسكرية عراقية وصل إلى 40 ألف شخص"، مبينًا أن "تلك الأرقام مثبتة في قواعد بيانات ووثائق لدى قوات البيشمركة ومصدرها من الموصل، التي تمثل أهمية كبيرة لإقليم كردستان وترتبط به بعلاقات أمنية واجتماعية وسياسية عميقة".

اقرأ/ي أيضًا: شرايين الموصل "المقطعة": مليارات مهدورة وحياة معطلة!

يضيف المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه، أن "الحكومة لا تريد نشر الأرقام الحقيقية، كونها أحد أسباب سقوط هذا العدد الكبير من القتلى وهو ما قد يدينها أمام المجتمع الدولي"، مشيرًا إلى أن "الأرقام التي تتحدث عنها بغداد غير دقيقة، وهناك معلومات تذهب إلى وصول عدد القتلى حتى 50 ألف شخص لكن لا وثائق تثبت ذلك حتى الآن"، كما يوضح أن "الكثير من أبناء الموصل لم يبلغوا عن قتلاهم، وهناك جثث لا تزال تحت الأنقاض في منطقة الشهوان والميدان، على امتداد الخط النهري في الموصل الغربية".

لكن عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس محافظة نينوى غزوان الشبكي يقول لـ"ألترا عراق"، إن "الأرقام التي يجري الحديث عنها ليست دقيقة، كما أن المجلس لم يحصل على تلك الأرقام في الأساس".

من جانبه يكشف سامي الفيصل من منظمة حقوق الإنسان في الموصل، أن "2700 قتيل سجلوا خلال سيطرة داعش في 2014 على الموصل وحتى بدء عمليات التحرير، وهذا الرقم موثق رسميًا في المنظمة، يضاف إليه 3400 قتيل في منطقة الخسفة جنوبي الموصل، وغالبية القتلى هم من قوى الأمن والصحفيين والمرشحين للانتخابات والمناوئين لتنظيم داعش"، مضيفًا في حديث لـ "الترا عراق"، أن "هناك 2125 شخصًا لا تزال جثثهم مفقودة، وهم مسجلين كقتلى، إضافة إلى عدد آخر من القتلى الإيزيديين الذين يقدر عددهم بـ 3500 قتيل، ليصل العدد الإجمالي المسجل في المنظمة مع أعداد قتلى المعارك من مدنيين وعسكر إلى 11 ألف قتيل".

وبحسب بيانات الحكومة، فإن قتلى عناصر تنظيم "داعش" في الموصل وصل إلى 30 ألفًا. وهو ما يؤكده الفيصل ليصل الرقم النهائي إلى حدود 40 ألف قتيل بين مدنيين وعناصر في القوات المسلحة ومسلحي "داعش"، في حين يبين المصدر الكردي، أن "القتلى الموثقين لدى البيشمركة هم جميع تلك الجثث ولكنها لم تشمل تلك التي ما تزال تحت الأنقاض حتى الآن".

تقول الحكومة المحلية إنها لا تعلم شيئًا عن تلك الإحصائية لكنها تنفيها على كل حال، فيما تعزز شهادات ناجين معلومات وجود جثث لم يتم الكشف عنها وتسجيلها ضمن قوائم القتلى

وتكشف مصادر في الموصل لـ "ألترا عراق"، أن "غالبية المنازل في منطقتي الشهوان والميدان إضافة الى رأس الكور، كانت قائمة عند انتهاء المعارك بأيام، والشوارع سالكة، لكن المنطقة أغلقت بأوامر أمنية، ومن ثم تحولت إلى خراب فوق الخراب"، مبينين أن "المنازل ردمت وشقت الطرقات فوق الأنقاض الطرقات، وهو ما طمر عشرات الجثث أو المئات تحت الأنقاض".

تشير المصادر وهم مجموعة من ناشطين محليين في منظمات دولية، إلى أن غالبية تلك الجثث تعود لمقاتلين في "داعش"، و"لكن بعضها تعود لمدنيين، فهناك عائلات قتلت كاملة، وأخرى لم ينجو منها أحد ولا يزال بعضهم مجهول المكان".

تعزز شهادة يسرى، وهي ناجية من حي الميدان في الموصل القديمة، تلك المعلومات، حيث تقول إن "التنظيم منعهم من الخروج واستخدمهم دروع بشرية، وجراء إحدى القذائف طائشة قتل أفراد أسرتها بالكامل ولم ينجو منها سواها"، مبينة في حديث لـ "الترا عراق"، أن "عائلتها مكونة 11 شخصًا عثر على جثمان خمسة منهم لكن الخمسة الآخرين لا تزال جثثهم مجهولة الموقع، فبعد العودة وجدت منزلها وقد سويّ بالأرض، وكل محاولات العثور على بقية الجثث باءت بالفشل".

اقرأ/ي أيضًا: "صراع طائفي" على إرث الأموات في الموصل.. كلٌ يدعي وصلًا بـ "بنات الحسن"!

وتؤكد الناجية الموصلية، أنها "لا تعرف أين ذهبت جثثهم، فقد تكون انتشلت وأحرقت من دون علمهم أو رميت بالنهر أو نقلت إلى منازل أخرى سويت مع الأرض لاحقًا من دون علم أحد".

تعيد تلك الشهادات أجواء الحرب المروعة التي شهدتها الموصل، حيث قتل في حي واحد خلال المعارك، نحو 150 مدنيًا بقصف خاطئ، فيما تعرض العشرات الذين ظلت جثثهم لأيام قرب معمل الببسي غرب الموصل لإطلاق نار أسفر عن مقتلهم جميعها ويقدر عددهم، بـ 60 شخصًا.

عادت الحياة لتدب في الموصل على الرغم من حجم الموت الذي خيم على أهلها والجثث التي لا تزال موجودة حتى الآن تحت الأنقاض في مناطق من المدينة

ورغم حجم الموت في الموصل قبل عامين لكن الحياة بدأت تدب مجددًا في أغلب أحياء الموصل. يقول مصدر في منظمة الهجرة الدولية لـ "ألترا عراق"، إن "6 آلاف شخص عادوا مجددًا إلى المنطقة القديمة غربي الموصل وهم يعيدون هيكلة حياتهم مع الخراب والدمار ويعيدون إيصال الكهرباء بأنفسهم والماء إلى منازلهم التي بدأوا بإعمارها".

 

اقرأ/ي أيضًا:

قصّة "الجنس" مقابل الغذاء.. شهادة حية من مخيمات النزوح في نينوى

هدمها "جنود البغدادي" ولن تعود.. معالم اختفت من نينوى