11-يناير-2022

درس بليغ في الجلسة الأولى (فيسبوك)

كنّا ننوي كتابة الجزء الثاني من مقالة عن الحركات الجديدة الناشئة من احتجاجات تشرين؛ لكن الأحداث المتسارعة أخذتنا بعيدًا عن الخوض التنظيري في العمل السياسي المعقد الذي ينتظر النواب "المحتجون" الجدد، وعليه سندخل مباشرةً إلى الحدث من باب دخول ائتلاف امتداد بعربات التكتك إلى مجلس النواب.

ضروري أن يكون ما حدث في الجلسة الأولى درسًا بليغًا للنواب الجُدد عن طبيعة الصراعات والمؤامرات والألاعيب السياسية التي تتطلب قرارًا مركزيًا سياسيًا لا عاطفةَ فيه

كانت لهذه الحركة المعنوية رمزية مُهمة ارتكزت على أصحاب العربة الذين لعبوا دور الإسعاف في الأسبوع الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، وما لهذه العربة من ارتباط بالفقراء ومحدودي الدخل، وهو إعلان رسمي عن مشاركة المحتجين في العملية السياسية لأول مرة.

اقرأ/ي أيضًا: تحديات نواب الاحتجاج: النموذج الأول والمهام الجسام

وإذ لا نتفق مع الآراء التي تقلل من وتنتقد حركة "امتداد" الأخيرة، نقول إن الحركة إيجابية لناحية الانطلاقة على أن تُترجم إلى خطوات عملية تلاحق المتورطين بقتل المتظاهرين المسفوكة دمائهم على عربات التكتك التي لعبت دور الإسعاف في نقل المصابين والشهداء حين تخلت الدولة وأجهزتها عن حمايتهم وإسعافهم.

كانت البداية تتطلب جذب النظر لكي لا يضيع "المستقلون" أو نواب الاحتجاجات في زحمة الصراع في البيوت الطائفية، داخلها وفي ما بينها. وحسنًا فَعلوا حين لم ينسحبوا من الجلسة بغض النظر عن نوايا ذلك، فالاتهامات والإشاعات لها طريقها وستُكشف بعد حين، أما رأيُنا للناحية السياسية فأن الانسحاب سيعني المساهمة مع جهة سياسية في مساعي تعطيل جلسة البرلمان التي بانت أنها مُعدّة مسبقًا قبل أن تفشل حسب تقديرنا.

من الضروري أن يكون ما حدث في الجلسة الأولى درسًا بليغًا للنواب الجُدد عن طبيعة الصراعات والمؤامرات والألاعيب السياسية التي تتطلب هدوءًا وتعقلًا وقرارًا مركزيًا سياسيًا لا عاطفةَ فيه.

والدرس الثاني كان الموقف الحاسم. إن عدم اتخاذ موقف في السياسة هو موقف، والموقف بذاته انحيازًا في شكلٍ من الأشكال سيؤدي إلى نتائج، على عكس المواقف في الحياة العامة والنشاط الاحتجاجي والثقافي. لذا؛ فالحذر واجب في العمل السياسي. ونحن نصف ما حدث بالدروس لأن التجربة - لا النظرية – خيرُ معلمٍ، وأنها لحسن حظهم كانت فاتحة الجلسة الأولى من مجلس النواب الجديد.

ماذا عن المحاصصة؟

نحن بحاجة دائمة للعودة إلى سؤال: ماذا نريد؟ وعلى أساسه يُمكن رسم خارطة تتضمن طرقًا عدّة للوصول إلى الهدف. ولا شك أن المحاصصة سرطان يشل جسد الدولة، وأن معالجتها الطريق الأصوب للإصلاح السياسي والإداري والأمني والاقتصادي للنظام.

نتحدث بطبيعة الحال عن اشتراك النواب (المحتجين) في عملية انتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب وترشيحهم لمنصب النائب الأول لرئيس المجلس (حصة المكون الشيعي) وما رافقه من بعض الاعتراضات على الاشتراك وآلية الاشتراك. لكن الاستناد إلى رفض المحاصصة في "الرفض" قد يُحيل المتحمسين إلى أُلعوبة هامشية في برلمانٍ يضم أحزابًا وتيارات متمرسة في العمل السياسي، اعتادت على اللعب في دهاليز النظام المظلمة منذ 2003. فرفضُ هذا الخيار يعني رفض جملة مواقع وآليات دستورية لا عمل برلمانيًا من دونها، على سبيل المثال: تقسيم اللجان النيابية. هل يُمكن رفض الدخول في أهم مفصل رقابي وتشريعي بحجة تقسيمه وفق المحاصصة؟ - الجواب متروك لأصحاب القرار (السياسي).

نحن بحاجة دائمة للعودة إلى سؤال: ماذا نريد؟ وعلى أساسه يُمكن رسم خارطة تتضمن طرقًا عدّة للوصول إلى الهدف

الآن، يحتاج العمل البرلماني الرافض للمحاصصة استراتيجية عملية واضحة تراعي الظرف السياسي والتقاطعات الداخلية والخارجية فضلًا عن (الوضوح والمصارحة). ويحتاج العمل البرلماني حمل رسالة التكتك إلى داخل السلطة التشريعية عبر أعمال مرئية تمزج بين شعبيتها ونخبويتها، وهي مَهمة معقدة بحق.

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"نواب الاحتجاج" في البرلمان الخامس.. من ساحات الدم إلى السياسة

الكتلة الشعبية: لم نصوّت على الحلبوسي ونائبيه