16-أكتوبر-2021

ستكون حركة امتداد أول تجربة سياسية لمحتجين داخل قبة مجلس النواب (فيسبوك)

أعطى حصول حركة امتداد المنبثقة من احتجاجات تشرين على تسعة مقاعد برلمانية (تزيد أو تنقص بحسب النتائج النهائية) نوعًا من الارتياح لأوساط شعبية طامحة للتغيير بالتناسب ودعوات المقاطعة الشعبية للانتخابات ونسبة المشاركة التي على أية حال لم تكن بالكبيرة التي يُمكنها صنع الفارق.

ستكون حركة امتداد أول تجربة سياسية لمحتجين داخل قبة مجلس النواب، وهي النموذج الأول، وما أدراك ما النموذج الأول

حالة الانتشاء بالفوز مقابل خسارة بعض الأطراف المعادية للحراك الاحتجاجي ستصطدم بواقع مخالفٍ لطرق التفكير والمنهاج الذي يتعبه المحتجون - هنا في العراق، وفي كل مكان - من شعارات ثورية راديكالية لا ترحم الخارجين عنها.

اقرأ/ي أيضًا: تحالف قوى المعارضة

رسميًا، ستكون حركة امتداد أول تجربة سياسية لمحتجين داخل قبة مجلس النواب، وهي النموذج الأول، وما أدراك ما النموذج الأول. ونفترض أن يكون نواب الحركة على علم بأن كل تحركٍ لهم مهما بلغ حجمه سيُسجل من قبل - الخصوم والأصدقاء، السياسيين المحليين والجهات الخارجية، المتظاهرين والناخبين والأغلبية الساكنة - في صفحة بيضاء هم يملأونها لتكون مادة تعريفية عن النموذج الذي قدمه المتظاهرون، أو المصوتون للمستقلين، إلى المجلس التشريعي.

تنشطر من تحدي "النموذج الأول" تحديات عدّة أولها مجابهة كتل سياسية تمرست على العمل السياسي وتغلغلت في مفاصل الدولة وخَبرت دهاليز المفاصل التشريعية والتنفيذية والقضائية، مقابل تجربة ناشئة منبثقة من الساحات معتادة على العفوية متعكزة على الخطاب الجماهيري الثوري.

في إطار مواجهة الكتل المتمرسة، سيفرض العمل السياسي في مجلس النواب على برلمانيي الاحتجاجات التعامل العيْني مع تلك الكتل وعقد التفاهمات والدخول في لجان نيابية تقليدية ولجان عمل مشتركة لتحقيق الأهداف المرسومة من بينها التي تحتاج إلى نواب يرفعون أيديهم للتصويت لا للاحتجاج فقط، ولا يخفى على مُطّلع صعوبة إخراج هذا الفعل إلى الجمهور الثوري، وفي مجتمع لديه حساسية اتجاه حالات "الجلوس مع المختلف، أو الخصم أو العدو"، ويعتبر هذا "الجلوس" تناقضًا بغض النظر عن النوايا، وهو تحدٍ يفرض على البرلمانيين الجدد الشروع بمصارحة جماهيرهم ابتداءً بعد أداء القسم.

مع ذلك، لا يمكن للقوى الجديدة أن تنغمس بالعمل السياسي المنزوع من قيم الاحتجاجات بحجة الواقعية السياسية، فالواقعية لا تعني الرضوخ لواقع فرضه القوي فحسب بل عدم الانجرار خلفه وخسارة القاعدة الساندة للقوى البرلمانية والمتمثلة بالمحتجين الذين لن يرحموا من يستشعرون تخاذله، وهو تحدٍ آخر يفترض صنعَ توازنٍ قوي.

هذا التوازن المطلوب والحساس والدقيق يساعد على مواجهة التحدي المتمثل بكيفية الحفاظ على القاعدة الجماهيرية المتمثلة بالناخبين حصرًا، أي العمل المدروس على الانتخابات القادمة وكأنها ستجري غدًا، ومن هنا ينشأ التحدي الأوضح عمليًا وهو: ما الذي يُمكن أن يُقدمه البرلمانيون؟

لا يمكن للقوى الجديدة أن تنغمس بالعمل السياسي المنزوع من قيم الاحتجاجات بحجة الواقعية السياسية، فالواقعية لا تعني الرضوخ لواقع فرضه القوي فحسب

يحتاج العمل السياسي الرسمي في هذه الظروف وأي ظروف إلى فتح آفاق التفكير على اتساعها، والتصرف على أساس يجمع بين النخبوية والمبدئية، والحذر من المغامرات غير المحسوبة والشباك السياسية للخصوم، وهي تحديات من السهل الحديث عنها نظريًا هنا لكنها تحتاج إلى عمل جبار في الواقع العملي، لبرلمانيين جُدد بلا تجربة سياسية أو حزب متمرس ذي خارطة طريق واضحة تحدد أعمالهم وتؤطرها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المَهمة الملقاة على عاتق هؤلاء النواب أكبر من التصورات، وأعقد بكثير من مهام أقرانهم الجدد التابعين للأحزاب، وسنفصّل في مقالة لاحقة بعض الإمكانات المتاحة لهم مع صعوباتها.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

وفاء لتشرين.. كلمات لا بدّ منها

انتخابات تشرين.. سيناريوهات مبدئية لنتائج أولية