19-أبريل-2022
بابل

لا تمتلك بابل أي مؤهلات سياحية (فيسبوك)

مع زيارة البابا فرنسيس إلى العراق في آذار/مارس 2021، كانت الأنظار تتوجه إلى أن وجوده سيفتح الباب إلى زيارة الأماكن الأثرية القديمة، وهو ما سيدفع السلطات إلى إعمار هذه الأماكن وجعلها مؤهلة للسياحة، لكن شيئًا من هذا لم يحدث، حتى أن مدينة بابل الأثرية لا تملك أي فندق لجذب السائحين. 

المتطلبات الواجب توفرها بعد الموافقة على إضافة آثار بابل على لائحة اليونسكو كانت في توفر بنية تحتية متكاملة كالفنادق والمطاعم واستتباب الملف الأمني

وبالرغم من امتلاكها لآثار منضوية تحت لائحة التراث العالمي "اليونسكو"، تعاني بابل من تراجع واضح في السياحة خلال السنوات الماضية مقارنة بمحافظات أخرى بدأت تستشعر تحسنًا ملحوظًا في هذا القطاع، حيث نجح العراق وفي العام 2019 بتسجيل موقع بابل الأثري، الذي يبعد 100 كيلومتر  عن العاصمة بغداد، على قائمة التراث العالمي بعد محاولات متكرّرة استمرت حوالي 30 عامًا، فيما فرضت منظمة اليونسكو العالمية، شروطًا بعد الموافقة على الإدراج لإزالة المخلفات من آثار بابل لغاية شباط/فبراير 2020.

تنصل حكومي

وتواصل "ألترا عراق"، مع المتحدث باسم وزارة الثقافة والسياحة أحمد العلياوي، ليقول إنّ "وزارته ليست جزءًا من ملف بناء الفنادق السياحية في المحافظات"، مؤكدًا أنّ "بابل كانت تملك فندقًا كبيرًا وله إطلالة على النهر، لكن الآن غير داخل بالخدمة".

والحكومات المحلية ـ والكلام للعلياوي ـ هي المسؤولة عن ملف إدامة قطاع السياحة والعمل على توفير كافة المتطلبات الخاصة بهذا الشأن.

وبشأن التخوّف من إزالة آثار بابل من لائحة التراث العالمي، يوضح أنّ "المتطلبات الواجب توفرها من قبل العراق بعد الموافقة على إضافة آثار بابل على لائحة اليونسكو كانت توفر بنية تحتية متكاملة كالفنادق والمطاعم واستتباب الملف الأمني".

وتابع العلياوي أنّ "الوزارة تنظم ملف ضم المناطق الأثرية في العراق على لائحة التراث العالمي فقط، لكن إدامة المشروع يكون ضمن صلاحيات المحافظات كافة".

وختم حديثه بالقول إنّ "إبقاء المدن على اللائحة التراثية العالمية يحتاج إلى تعاون كبير ومستمر بين المحافظات والوزارات المعنية وتوفير التخصيصات المالية اللازمة من قبل الموازنات".

بابل

وبحسب فرانس برس، فإنّ أكثر من 107 آلاف سائح دخلوا العراق، بينهم أكثر من 300 من فرنسا والنرويج وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة وتركيا غيرها، مقابل نحو 30 ألفًا في 2020.

وبات ملف السياحة في العراق، يجذب العديد من صانعي المحتوى العرب والأجانب، إذ بدأوا يستكشفون البلاد، وينشرون رحلتهم المصورة على "يوتيوب".

إجراءات مشددة

ويقرّ المسؤول في هيئة آثار بابل، حسين العامري، بأنّ 

المحافظة تفتقر إلى "البنى التحتية مثل المطاعم والفنادق السياحية، رغم أن آثارها مدرجة ضمن لائحة التراث العالمي". 

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يروي العامري، أبرز الصعوبات التي تقف أمام السياحة الأجنبية في المحافظة، قائلًا إنّ "السائحين الأجانب تواجههم صعوبات عديدة مثل التنقل عبر المحافظات".

وانتقد المسؤول الحكومي، الإجراءات الحكومية والأمنية المتخذة بحق السائحين الأجانب، مؤكدًا: "لولا هذه الإجراءات لحصلت المحافظة على إيرادات مالية كبيرة جدًا".

وتقدم العراق منذ عام 1982، للمرة الأولى طلب إدراج المدينة على اللائحة، وأتبعه بأربعة طلبات أخرى في 1988 و2003 ثم 2006، وآخرها تقديم الملف عام 2018.

وفي ذلك الحين، رفضت "اليونسكو" الملف لإخلال الحكومة العراقية بالمعايير المطلوبة لإدراج المواقع الأثرية، لا سيما بعد التغيير الذي حصل في الموقع عقب ترميم المدينة منتصف السبعينيات.

الحاجة إلى 5 فنادق

وفي تصريح تابعه "ألترا عراق"، يقول مدير هيئة السياحة في بابل قاسم حمد نعمان، إنّ "المحافظة بحاجة إلى 5 فنادق بشكل أولي لضمان تنشيط السياحة الآثارية واستقرار السياح لأوقات طويلة في المحافظة بدلاً من مغادرتهم المدينة في غضون أقل من يوم".

بابل 2

 

ويشير نعمان إلى أنّ "المحافظة تمتلك فندقًا حكوميًا واحدًا (فندق بابل)،وهو يعاني من مشاكل تجعله غير مؤهل لاستقبال السياح كونه أصبح مقرًا للقوات الأميركية بعد 2003 ومن ثم استخدم لإيواء النازحين عام 2014".

لا مقومات موجودة

وبحسب الخبير الاقتصادي دريد العنزي، فإنّ "العراق يفرض رسومًا مالية على السياحة الدينية والأثرية تعتبر هي الأقل في جميع أنحاء العالم"، كما أنّ العراق لا يملك أي مقومات خاصة تؤهله للنهوض بالواقع السياحي رغم امتلاكه مئات الأماكن الأثرية في البلاد وهي تعد من أقدم بقاع الأرض، وفقًا للعنزي. 

ويضيف الخبير الاقتصادي لـ"ألترا عراق"، أنّ "عدم وجود قانون ينظم إدارة الملف السياحي يدخل ضمن أسباب فشل القطاع في العراق"، مشيرًا إلى أنه "من الأسباب الأخرى التي أسفرت عن تراجع القطاع هو عدم وجود تسعيرة خاصة تفرض على السائحين القادمين إلى الأماكن السياحية كما ما هو معمول فيه في عموم دول العالم".

ووفقًا للعنزي، فإن الإيرادات المالية القادمة عن طريق السياحة قد تسد فجوات كبيرة وتعالج العجز المالي الذي يشل حركة الاقتصاد في البلاد.

ويعود تاريخ مدينة بابل الأثرية إلى عامي 626 -539 قبل الميلاد، وهي تقع ضمن الحدود الإدارية لمحافظة بابل وتبعد نحو 100 كيلومتر جنوب بغداد، وتمتد على مساحة 10 كيلومترات.

يواجه العديد من السائحين الأجانب صعوبات عديدة مثل التنقل عبر المحافظات

وعبّر مواطنون في بابل، عن تخوفهم من إزالة المدن الاثرية من لوائح "اليونسكو"، كون الحكومة المحلية لم تحقق المطلوب من إعادة تأهيل البنى التحتية للمحافظة وعدم وجود فنادق لاحتضان السائحين.