أعاد ظهور والدة الشاب مهند القيسي، وهي تنتقد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بعد أن وصف أحداث العنف التي طالت المتظاهرين وأحدهم القيسي، بـ"جرة الأذن"، أعاد ذلك إلى الأذهان حادثة ساحة الصدرين في النجف والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من المعتصمين، فيما توجه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى "القبعات الزرق".
تجددت الدعوات إلى محاسبة المسؤولين عن أعمال العنف التي وقعت في النجف بعد تصريحات الصدر الأخيرة
وطالبت والدة القيسي، الذي قتل في أحداث العنف التي طالت المتظاهرين في ساحة الصدرين في مدينة النجف، بمحاسبة المسؤولين عن الحادثة التي وقعت في 5 شباط/فبراير.
وعلق الصدر، في وقت سابق على تلك الأحداث بالقول، إن "المتظاهرين قد انحرفوا عن الطريق الصحيح وكانوا بحاجة إلى جرة أذن"، مشددًا أنه "يعتبر المتظاهرين أبناءه"، وهو ما استفز أسر ضحايا تلك الأحداث والناشطين والمتظاهرين.
وأشار بعض الناشطين إلى أن تعليق الصدر يعني "اعترافًا صريحًا" بالمسؤولية عن أعمال العنف والقتل التي طالت المتظاهرين، خلال الأحداث التي بدأت مع مطلع شباط/فبراير، بالتزامن مع إعلان تكليف محمد علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة، خاصة وأن حساب صالح محمد العراقي، الذي يوصف بـ"وزير الصدر"، كان قد أشاد بما فعله عناصر "القبعات" تلك الليلة في النجف.
اقرأ/ي أيضًا: "عهد الدم" في وجه "قبعات الحنانة".. محتجو تشرين "يتحدون" مقتدى الصدر
لكن قيادين في التيار الصدري، ينفون تلك الاتهامات، بل ينفون سقوط ضحايا في النجف، حيث قال حاكم الزاملي، إن "ماحدث هو تمثيلية هوليودية"، على الرغم من توثيق الحادثة من خلال كاميرات هواتف المتظاهرين.
ويستذكر الأستاذ في جامعة الكوفة صالح العميدي تلك الأحداث، مبينًا أن "ساحة الصدرين عادةً ما تشهد عدة فعاليات رياضية وفنية وثقافية، فضلًا (الهوسات الحماسية) التي تجوب الساحة، وهي تعبر عن مطالب ومواقف المنتفضين من التطورات على المستوى السياسي وغيره من الأحداث في البلاد، حيث كانت تركز حينها على الشعارات الرافضة لمحمد علاوي، قبل أن يحدث الهجوم ويدوي الرصاص في المكان".
ينفي متظاهرون في النجف "الذرائع" التي ساقها الصدر لتبرير أعمال العنف التي وقعت مطلع شباط
وينفي العميدي، وجود أسلحة في ساحة اعتصام المتظاهرين في النجف، ويقول لـ"الترا عراق"، إن "من يتظاهر هناك هم من طلاب الجامعات وخيرة الشبان، وأنا أرابط في الساحة بشكل يومي، ولو كان لدى الشبان رغبة بالخروج عن سلميتهم لفعلوا ذلك منذ أول رصاصة صوبت نحوهم".
ويضيف، أن "ساحة الاعتصام تحولت إلى مركز لتدريس السياسة والاقتصاد والاجتماع، وليس كما يشاع عن وجود مراكز لشرب الخمر وإقامة الحفلات، وما عليك إلا أن تجلس مع الشباب وتستمع إلى أحاديثهم لتعرف حجم الوعي وتشعر بالفخر".
ووقعت الأحداث في النجف بعد سلسلة أعمال العنف طالت المتظاهرين في بغداد ومحافظات أخرى، على يد ميليشيات، إثر رفض تكليف محمد علاوي.
ويقول الناشط النجفي علي العطار، إن "ماحدث من اعتداءات بحق المتظاهرين في بغداد والناصرية وغيرها، على يد أنصار الصدر، وما حدث من اعتداءات على طلبة الجامعات من قبل ما يعرف بالقبعات الزرق أثار حفيظة وسخط المعتصمين في بقية المحافظات".
يؤكد مدير دائرة صحة النجف مقتل 9 من المتظاهرين في أحداث ساحة الصدرين
ويضيف علي لـ "ألترا عراق"، "في مساء الأربعاء 5 شباط/ فبراير، حاولت جماعة القبعات الزرق الدخول لساحة الاحتجاج، لكن المتظاهرين كانوا قد شكلوا حاجزًا بشريًا لمنعهم، فردت تلك العناصر بفتح النار من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، على مرأى ومسمع من القوات الأمنية".
ويبين العطار، أن "تلك الأحداث أسفرت عن سقوط عدد من المتظاهرين من بينهم لاعب المنتخب العراقي للجودو خليل إبراهيم خليل وطالب كلية اللغات مهند القيسي وآخرين".
ويستغرب الناشط النجفي، من "الحجج" التي ساقها الصدر وأنصاره لتبرير أحداث العنف التي طالت المتظاهرين، ومنها وجود أسلحة ومشروبات كحولية، موضحًا أن "أنصار الصدر كانوا يتواجدون في ساحات الاعتصام طوال الأشهر الماضية، فيما تسيطر القوات الأمنية على مداخل تلك الساحات".
ويشير، إلى أن "أنصار الصدر استخدموا تلك الذرائع لشيطنة الاحتجاجات، بعد أن دعاهم زعيم التيار إلى الانسحاب، على خلفية ترشيح محمد توفيق علاوي"، مشددًا بالقول "ولو فرضنا أن هناك من المتظاهرين من يتناول الكحول، فهل هذا يعد مبررًا لقتل الشباب وحرق خيمهم وترويعهم ومطاردتهم حتى المستشفيات؟".
بدوره، يقول مدير الصحة في النجف لـ "الترا عراق"، إن "تسعة أشخاص قتلوا على الأقل، وجرح 25 آخرين بعد أن فتح أنصار الصدر النار على المتظاهرين أثناء محاولة منعهم من دخول ساحة الاحتجاج".
اقرأ/ي أيضًا: بيان جديد من مقتدى الصدر حول "مهام" القبعات الزرق
فيما بين حيدر سفينة، وهو صحافي شهد الحادثة، لـ"الترا عراق"، أن "الصدريين انسحبوا حينما رفض المتظاهرون دخولهم للساحة لكنهم عادوا وهم يحملون السلاح، وأطلقوا الرصاص بشكلٍ عشوائي وحرقوا خيام المعتصمين، بوجود القوات الأمنية التي لم تحرك ساكنًا".
وعلى إثر تلك الأحداث، والتي أدانتها المرجعية الدينية العليا، أعلن الصدر في 12 شباط/فبراير، حل "القبعات الزرق"، متعهدًا بمحاسبة أنصاره في حل أثبتت التحقيقات ضلوعهم في تلك الأحداث.
يتهم المتظاهرون أنصار الصدر بالمسؤولية المباشرة عن أحداث العنف التي شهدتها ساحة الصدرين
في حين أصدر المعتصمون في النجف بيانًا، حملوا عبره زعيم التيار الصدري وأنصاره المسؤولية عن أعمال العنف التي وقعت منذ مطلع شباط، بعد اختيار "شخصية جدلية لرئاسة الحكومة".
ونظم طلبة جامعة الكوفة، في 9 شباط/فبراير، مسيرة حملت اسم "مهند القيسي" بحضور أسر بعض الضحايا، حيث شهدت المسيرة هتافات ضد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ولم تكشف السلطات حتى الآن، عن نتائج التحقيق في أحداث ساحة الصدرين في النجف، فيما تعهد رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي بـ "محاسبة" المسؤولين عن أعمال العنف التي طالت المحتجين، مؤكدًا أن الملف سيكون ضمن أولويات حكومته.
اقرأ/ي أيضًا:
"انشقاق" نواته جيل جديد من الصدريين.. هل يدفع الصدر ثمن "شطحاته ونفثاته"؟
كواليس الصفقة و"تصدع" البناء.. لماذا يستميت الصدر دفاعًا عن محمد علاوي؟!