03-مارس-2024
وزيرة المالية محافظ البنك المركزي

ارتفعت ديون العراق بسبب السياسات المالية للسلطات (فيسبوك)

رصد صندوق النقد الدولي، تحول الفائض المالي في العراق خلال العام 2022، إلى عجز في العام 2023، متوقعًا تضاعف الدين العام خلال السنوات المقبلة، وذلك بفعل زيادة الإنفاق، ناصحًا بالحد من التعيينات وفرض ضرائب جديدة.

الإنفاق حوّل الفائض إلى عجز والديون ستصل إلى الضعف بعد 5 سنوات

وأصدرت بعثة صندوق النقد الدولي، يوم الأحد 3 آذار/مارس 2024، بيانها الختامي، واطلع عليه "ألترا عراق"، وذلك بعد نهاية بعثتها بقيادة جان-غيوومبولا، التي "التقت السلطات العراقية في عمان، خلال المدة من 20 إلى 29 شباط/فبراير لإجراء مشاورات المادة الرابعة للعام 2024".

ورصد صندوق النقد الدولي تراجعًا في رصيد المالية العامة "من فائضٍ مقداره 10.8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022، إلى عجزٍ مقداره 1.3% في العام 2023، وذلك بسبب انخفاض الإيرادات النفطية، وزيادة الإنفاق بنسبة 8 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، الذي أسهمت في زيادته الرواتب والمعاشات التعاقدية بنسبة 5 نقاط مئوية".

والسبب في التحول من فائض في 2022 إلى عجز في 2023، هو التعيينات، إذ أرجع خبراء الصندوق، هذه الزيادة إلى أن "السُّلطات العراقية قد باشرت بالتعيينات على نحوٍ يتماشى مع قانون الموازنة"، وذلك "

على الرَّغم من عدم تنفيذ الموازنة التَّوسُّعية بسب تأخر مصادقة البرلمان على الموازنة".

 

الدين سيرتفع.. حزمة تحذيرات من النفط والتوترات

وحذّر صندوق النقدي الدولي من أن "حدوث تراجعاتٍ أكبر في أسعار النفط، أو لتمديد التخفيضات التي يتوافق عليها أعضاء منظمة أوبك+"، من شأنها "أن تثقل على حسابات المالية العامة والحسابات الخارجية".

كما حذّر خبراء النقد من أنه "إذا ما تصاعدت حدّة التّوترات الإقليمية، فإنّ حدوث انقطاع في مسارات الشحن، أو إلحاق الضرر بالبنية التحتية النفطية قد يؤدي إلى وقوع خسائر في الإنتاج النفطي من الممكن أن يفوق الأثر الإيجابي المحتمل لحدوث ارتفاع في أسعار النفط"، وكذلك، "في حال حدوث تدهور في ظروف الأمن الداخلي يُمكن أن يقود إلى تراجع في مستوى ممارسة أنشطة الأعمال وتعليق تنفيذ المشاريع الاستثمارية".

تميل المخاطر في النمو الإجمالي نحو الزيادة وسط تزايد حالة عدم اليقين

وعلى المدى المتوسط، توقع خبراء صندوق النقد أن "يستقر النمو غير النفطي في حدود 2.5% نظرًا للعقبات التي تحد من تنمية القطاع الخاص"، بالإضافة أن توقع "يؤدي ارتفاع الانفاق إلى دفع سعر برميل النفط المطلوب لتحقيق التعادل المالي إلى ما فوق 90 دولارًا في عام 2024".

وفي ظل ذلك، وغياب تدابير جديدة على مستوى السياسات، وفق بيان الخبراء، "من المتوقع أن يصل عجز المالية العامة إلى 7.6% في عام 2024 وأن يتسع أكثر بعد ذلك مع الانخفاض التدريجي المتوقع في أسعار النفط على المدى المتوسط"، ما يؤدي إلى "تضاعف الدين العام تقريبًا من 44% في عام 2023 إلى 86% بحلول عام 2029".

 

دعوة لخفض الاعتماد على النفط

وتوقع خبراء الصندوق أن يستمر التوسع في المالية العامة

، مع زيادة كبيرة في مواطن التعرض لتقلبات أسعار النفط على المدى المتوسط"، داعيًا إلى "إجراء ضبط كبير لأوضاع المالية العامة، يرتكَّزُ على التَّحكُّم في فاتورة أُجور القطاع العام، وزيادة الإيرادات غير النفطية"، وذلك من أجل "خفض مستوى الاعتماد على النفط، وضمان الاستدامة المالية، مع العمل في الوقت ذاته على حماية الإنفاق الاجتماعي والاستثماري بالغ الأهمية".

وأشار الخبراء إلى ضرورة "تحقيق نموٍ اقتصادي مرتفع لاستيعاب القوى العاملة المتزايدة بشكل سريع، وتعزيز الصادرات غير النفطية، وتوسيع نطاق الوعاء الضريبي"، وهو ما يفرض "على السلطات العراقية السّعي إلى تمكين القطاع الخاص من التطوّر والنماء، بما في ذلك من خلال إجراء عمليات إصلاح لسوق العمل، وتحديث القطاع المالي، وإعادة هيكلة المصارف المملوكة للدولة، و إصلاح قطاعي التقاعد والكهرباء، والاستمرار في بذل الجهود اللازمة لتحسين الحوكمة والحدّ من الفساد". 

وبفعل انخفاض أسعار الأغذية والطاقة على المستوى الدولي، تراجع التضخم الكلي في العراق "من المستوى المرتفع الذي بلغه بنسبة 7.5% في كانون الثاني/ يناير 2023، إلى 4% بحلول نهاية العام 2023، وفق الصندوق، الذي تحدث عن عودة القطاع غير النفطي في العام الماضي أيضًا، وعن "حدوث تعافٍ في تمويل التجارة في النصف الثاني من العام 2023".

 

 

فرض ضرائب والحد من التعيينات

معظم جوانب ضبط أوضاع المالية العامة ربطها صندوق النقد الدولي، بـ"خفض الإنفاق الجاري، وبخاصة السيطرة على فاتورة الأُجور عن طريق الحدّ من التعيينات الإلزامية"، وكذلك بـ"العمل على تطبيق التدريجي لقاعدة التناقص الطبيعي للعاملين في القطاع العام".

دعا صندوق النقد الدولي إلى فرض ضرائب جديدة والحد من التعيينات

ودعا صندوق النقد، السلطات العراقية، إلى "زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال توسيع قاعدة ضريبة الدخل على الأفراد، وجعلها أكثر تصاعدية، ومراجعة هيكل التعرفة الجمركية، والنظر في فرض ضرائب جديدة على البنود الكمالية". بالإضافة إلى "زيادة مستوى استرداد تكلفة تزويد التيار الكهربائي في قطاع الكهرباء.

ونصحت بعثة صندوق النقد، 

"وضع سقف إجمالي لإصدارات الضمانات وتضمينها في قوانين الموازانات في السنوات اللاحقة مع ضمان الالتزام بها"، مع "الابتعاد عن اللجوء لاستخدام الصناديق خارج الموازنة، خاصة على ضوء المخاطر المالية المحتملة المرتبطة بها".

وعن زيادة سعر الفائدة من قبل البنك المركزي، قالت البعثة إن "عملية انتقال أثر السياسة النقدية ظلّ متواضعًا بسبب السيولة النقدية الكبيرة، وغياب حوافز الوساطة الماليّة، وعلى وجه الخصوص، لدى المصارف المملوكة للدولة"، مؤكدة على "الحدّ من الاعتماد على التمويل النّقدي، وتحسين إدارة الدّين العام"، و"إنشاء سوق ما بين المصارف بدعم من المساعدة الفنية التي يقدمها صندوق النقد الدولي".

ويحتاج العراق، وفق بيان بعثة الصندوق، إلى رفع معدّلات النمو في القطاع غير النفطي وبشكل مستدام لاستيعاب القوى العاملة التي تتزايد أعدادها بشكل سريع، وإلى زيادة الصادرات غير النّفطيّة والإيرادات الحكوميّة، إضافةً إلى الحدّ من تعرّض الاقتصاد لصدمات أسعار النفط.

ولخّص بيان بعثة صندوق النقد الدولي، في الختام، أهم أولويات الإصلاح، بـ"اعتماد استراتيجية شاملة للتوظيف تهدف إلى إلغاء التعيينات الإلزامية في القطاع العام بصورة تدريجية"، إذ إن "السلطات العراقية ملتزمة بتحديث القطاع المصرفي ودعم قدرة المصارف على إقامة علاقات مصرفية مع البنوك المُراسِلة"، و"تكثيف الجهود الرّامية إلى إعادة هيكلة أكبر مصرفَين حكوميَّين"، و"تسريع وتيرة الإصلاحات في القطاع المالي لتحسين فرص الوصول إلى التمويل"، فضلًا عن "تنفيذ إصلاحات شاملة في نظام التقاعُد"، إذ يؤشر الصندوق "حاجّة مُلّحّة إلى هذه الإصلاحات للتقليل من التكاليف الماليّة الإجمالية المُتوقّعة لنظام تقاعد موظّفي القطاع العام".

ونبّه صندوق النقد إلى ملف مكافحة الفساد وتعزيز الحوكَمة، وإلى "ضمان استقلاليّة هيئة النزاهة وديوان الرّقابة الماليّة الاتحادي، وتعزيز نشر الإفصاحات عن الأصول المالية، والإفصاحات عن تضارُب مصالح كبار المسؤولين، واعتماد استراتيجيّة مُحدّثة لمكافحة الفساد"، ومواصلة السلطات العراقية "تعزيز إطار مكافحة غسل الأموال/تمويل الإرهاب وفعاليته، وذلك يشمل القطاع المصرفي".

دعا صندوق النقد إلى تكثيف إعادة هيكلة مصرفي الرافدين والرشيد

وفي تموز/يوليو الماضي، حذّر تقرير للبنك الدولي، من أن نموذج التنمية الذي يعتمد بشكلٍ أساسي على النفط في العراق، سيعاني معاناة شديدة"، إذ قال، إن "ضعف الرغبة في إجراء الإصلاحات، حتى في ظل تراجع أسعار النفط، لن يساعد في خفض سيطرة القطاع العام على الاقتصاد العراقي.

ونبّه البنك الدولي إلى أن موازنة العراق للسنوات 2023-2025 تشير إلى "اتجاه توسعي كبير في المالية العامة قد يؤدي إلى استنزاف سريع للعائدات النفطية غير المتوقعة، وبالتالي إلى معاودة الضغوط على المالية العامة. كما أنها قد ترجئ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة منذ وقت طويل".

ومن بين أبرز مؤشرات تقرير البنك الدولي:

  • انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي من 7% إلى 2.6% في الربع الأول 2023.
  • ارتفع معدل تضخم أسعار المستهلكين في أوائل 2023 بسبب انخفاض قيمة الدينار.
  • بعد ارتفاعه القياسي في 2022.. تباطأ إجمالي الاحتياطيات في أوائل عام 2023.
  • سينكمش إجمالي الناتج المحلي الكلي بنسبة 1.1% في عام 2023.