01-أغسطس-2020

أزمة كبيرة وعميقة واصطدام للمصالح في سياق تحديد موعد الانتخابات المبكرة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

مرحلة جديدة يدخلها المشهد السياسي في العراق، يمكن وصفها ـ وفقًا لمراقبين ـ بحرب "الزوايا الضيقة" وممارسة الضغط الأقصى، وذلك عندما فاجئ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الأوساط الشعبية والسياسية بتحديد موعد الانتخابات المبكرة دون سابق إنذار.

عام يضاف لعمر حكومة الكاظمي وينقص من الدورة التشريعية

وخرج الكاظمي الذي مر على عمر حكومته نحو 4 أشهر، بكلمة متلفزة "مباغتة" أضاف من خلالها عامًا واحدًا لعمر حكومته، وسلب عامًا من عمر الدورة الانتخابية التي من المفترض أن تنتهي في أيار/مايو من عام 2022، وذلك عندما أعلن أن السادس من حزيران/يونيو من عام 2021 المقبل، سيكون موعدًا لإجراء الانتخابات المبكرة في البلاد، متعهدًا بحمايتها من التزوير والسلاح، لضمان إجراء انتخابات تمثل الناخبين بشكل حقيقي.

خطوة الحلبوسي صعبة التحقق لأسباب عدة، من بينها عدم إمكانية تحديد موعد انتخابات مبكرة خلال 60 يومًا

الخطوة التي فاجئت الجميع، حصدت في اللحظات الأولى "مباركات" من قبل بعض الشخصيات والقوى السياسية وتحديدًا السنية منها، فضلًا عن قيامها بدفع القوى الشعبية الاحتجاجية إلى "الحيرة" والشعور بالخطر وضرورة العمل على تنظيم دورها قبل حلول موعد الانتخابات وعودة الوجوه والقوى السياسية المسيطرة، إلى المشهد مجددًا، لما تمثله هذه الانتخابات من كونها "فرصة أخيرة".

حرب "الزوايا الضيقة" تتكشف

إلا أن المرحلة بدأت تتعقد عندما خرج رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بتغريدة بعد منتصف ليل الجمعة وفجر السبت، قلبت الموازين، حيث تضمنت في ظاهرها تأييدًا لخطوة الكاظمي بل والزيادة عليها، وجعلها من انتخابات مبكرة إلى انتخابات "أبكر"، إلا أن في باطنها تحمل الكثير وتعطي مثالًا جديدًا لـ"حرب الدفع نحو الزوايا الضيقة"، وتنذر بمرحلة جديدة تعصف بالمشهد السياسي العراقي.

اقرأ/ي أيضًا: العراق يعلن موعد الانتخابات المبكرة.. والأمم المتحدة ترحب

قال الحلبوسي في تغريدة رصدها "ألترا عراق"، إن "الحكومات المتعاقبة لم تنفذ برنامجها الحكومي، ومنهاجها الوزاري، ولم يتعد السطور التي كتبت به مما أدى إلى استمرار الاحتجاجات الشعبية بسبب قلة الخدمات وانعدام مقومات الحياة الكريمة".

أضاف: "من أجل العراق ووفاءً لتضحيات أبنائه ندعو إلى انتخابات (أبكر) وعقد جلسة طارئة مفتوحة علنية بحضور الرئاسات والقوى السياسية للمضي بالإجراءات الدستورية وفق المادة 64 من الدستور، فهي المسار الدستوري الوحيد لإجراء الانتخابات المبكرة وعلى الجميع أن يعي صلاحياته ويتحمل مسؤوليته أمام الشعب".

الحلبوسي "يقلص" عمر حكومة الكاظمي

ربما تحمل بداية ونهاية تغريدة الحلبوسي، تلميحًا واضحًا لاعتبار خطوة الكاظمي محاولة لـ"الهروب" والنأي بالنفس عن الوضع الصعب والمسؤوليات المنتظرة منه، إلا أنه وبالعودة إلى خطوة الكاظمي بتحديد موعد الانتخابات المبكرة وما ينتج عنها من إضافة عامًا لعمر حكومته وسلبه من عمر الدورة التشريعية التي تكمل عمرها المفترض في عام 2022، يتبين من خطوة الحلبوسي ـ بحسب مراقبين ـ محاولة للإجهاز على عمر حكومة الكاظمي بموعد أبكر من ذلك، ومن خلال خطوة تعتبر "حزامًا ناسفًا"، حيث أن المادة 64 تقضي بموت البرلمان وحكومة الكاظمي معًا وفي آن واحد.

وتختص المادة 64 بمسألة حل البرلمان، وتنص على:

  • أولًا: يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية. فإذا تم ذلك ننتقل إلى الخطوة الثانية التي تنص عليها نفس المادة وهي:
  • ثانيًا:  يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يومًا من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة "مُستقيلًا"، ويواصل تصريف الأمور اليومية، حيث أن الحكومة تصبح حكومة "تصريف أعمال" لمدة أقصاها 60 يومًا.

المناوشات لا تتحقق.. وأزمة في الأفق

خطوة الحلبوسي "الانتحارية" صعبة التحقق لأسباب عدة، من بينها عدم إمكانية تحديد موعد انتخابات مبكرة خلال 60 يومًا، وما زال قانون الانتخابات فضلًا عن قانون المحكمة الإتحادية غير مكتمل حتى الآن، ما يوحي إلى أن ما ذهب إليه الحلبوسي، ترجمة واضحة لأزمة يحاول التلويح بها لحكومة الكاظمي، وفق سياسة حرب "الدفع نحو الزوايا الضيقة".

يقول رئيس مركز التفكير السياسي المحلل إحسان الشمري، إن "البرلمان ورئيسه محمد الحلبوسي فضلًا عن باقي القوى التقليدية، قد تعتقد بأن خطوة الكاظمي بتحديد موعد الانتخابات المبكرة، بمعزل عن دائرة التوافق يعد (انقلابًا ناعمًا) تجاهها"، مستدركًا "إلا أنه مقابل ذلك، فإن الكاظمي يبدو وكأنه يريد أن ينأى بنفسه عن التركة السابقة ولا يريد أن يخضع لمزيد من الضغوط".

اعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن هذا السجال بين الكاظمي والحلبوسي يؤشر لوجود أزمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية

أضاف الشمري خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "الأمر الثالث فإن الكاظمي يريد القول بأنه لا يملك مشروعًا سياسيًا لذلك ذهب إلى تحديد موعد الانتخابات".

اقرأ/ي أيضًا: محاولة لإجهاض أولى جولات محاسبة قتلة المتظاهرين.. واتهامات لمسؤولين كبار

بيّن الشمري أن "الحلبوسي قد يعتقد أن هذه الخطوة التي جاءت دون تشاور هي محاولة لإحراج البرلمان العراقي، وبالتالي وضع المسؤولية برمتها على البرلمان لكي يعمل على حل نفسه ابتداءً، والذهاب نحو الانتخابات المبكرة التي حددتها الحكومة".

واعتبر الشمري أن "هذا السجال يؤشر لوجود أزمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية"، مبينًا أن "الرغبة المعلنة من قبل القوى السياسية لإجراء انتخابات مبكرة (مشكوك بها)، حيث أن الانتخابات سواء مبكرة أو أبكر، لا بد من وجود فواعل لها مثل استكمال قانون الانتخابات والمصادقة عليه وتوفير الدعم اللوجستي لمفوضية الانتخابات".

أشار إلى أنه على القوى السياسية أن "تترجم رغبتها بإعلان التأييد للانتخابات المبكرة من خلال المضي بإجراءات استكمال القوانين، فضلًا عن تحديد موعد الانتخابات"، فيما لم يخف الشمري تصوره بالقول: "نحن أمام أزمة كبيرة وعميقة واصطدام للمصالح وهذا سيعوق الدولة بشكل كبير".

وفي الأثناء، قال زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، إن ملف حل البرلمان يعتمد على مرحلتين اثنتين.  

وذكر المالكي في تدوينة تابعها "ألترا عراق"، أن "حل مجلس النواب يعتمد مرحلتين، الأولى الجهات التي لها حق طلب الحل والثانية الجهة التي بيدها قرار الحل، ويكون بتصويت المجلس على حل نفسه ولا صلاحية لأي جهة بحل المجلس دون موافقة المجلس على حل نفسه".  

وعلق رئيس تحالف عراقيون، عمار الحكيم، على إعلان السادس من حزيران/يونيو 2021، موعدًا للانتخابات المبكرة، قائلًا في بيان تلقى "ألترا عراق"، نسخة منه، إن "تحديد موعد لإجراء الانتخابات المبكرة من قبل رئيس الوزراء خطوة موفقة وبالاتجاه الصحيح وهو مؤشر لعزم الحكومة على الإيفاء بوعودها".  

قال رئيس مركز التفكير السياسي إننا أمام أزمة كبيرة وعميقة واصطدام للمصالح وهذا سيعوق الدولة بشكل كبير

أضاف "نطالب الجهات التشريعية بمساندتها واستكمال تمرير قانون انتخابي رصين يضمن إجراءها بصورة شفافة وعادلة ومعبرة عن إرادة الشعب وبعيدًا عن الضغوط والتسييس".  

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ما هي عقبات إجراء الانتخابات المبكرة؟

الانتخابات المبكرة.. بين المرجعية والدستور والجدوى