24-أبريل-2021

تركزت التسريبات حول الجولة الخامسة من المفاوضات (Getty)

الترا عراق - فريق التحرير

على الرغم من الأجواء المتوترة، تتواصل التسريبات حول جولات المفاوضات المفتوحة بين الأطراف المتنازعة في المنطقة وبمستويات رفيعة مثلت إيران والسعودية إلى جانب الإدارة الأمريكية على الأرض العراقية، بالتزامن مع جولة مفتوحة أخرى في فيينا.

تشير المعلومات المتوفرة إلى عقد 5 جولات من المفاوضات ضمت ممثلين من السعودية وإيران والإمارات والأردن ومصر في العراق

تقول آخر تلك التسريبات إنّ إيران أرسلت وفدًا رفيعًا آخر، الجمعة 23 نيسان/أبريل، برئاسة وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى العاصمة بغداد، في زيارة سرية تمهيدًا لاجتماع جديد مع ممثلين دبلوماسيين عن الجانب السعودي.

خمس جولات..

ولم يتسن لـ "الترا عراق" التحقق من تلك التسريبات من مصادر مستقلة، إذ ترفض وزارة الخارجية العراقية الإدلاء بأي معلومات حول طبيعة المفاوضات التي تحققت حتى الآن بين طهران وواشنطن والرياض، فضلاً عن الأنباء التي أشارت إلى وجود مسار مواز جمع أيضًا مسؤولين أمنيين من إيران والإمارات والأردن ومصر.

وعقدت حتى الآن خمس جولات من المفاوضات بدأت في كانون الثاني/يناير، بلقاء مسؤولين إيرانيين وإماراتيين في العراق، وفق تقارير صحافية استندت إلى مصادر حكومية داخل بغداد، حيث مهدت الجولة الأولى للقاء غير مسبوق بين مسؤولي أمن إيرانيين وسعوديين في العاصمة العراقية.

ويبدو أنّ اجتماع التاسع من نيسان/أبريل والذي أشارت إليه  صحيفة "فاينانشال تايمز"، قد سبق باجتماعين آخرين على الأقل خلال كانون الأول/يناير وشباط/فبراير، شاركت فيهما وفود من إيران والأردن والسعودية والإمارات قبل أن تنضم مصر أيضًا.

وتقول مصادر، إنّ إحدى الجولات شهدت اجتماع "قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، برئيس مديرية الاستخبارات العامة السعودية، خالد الحميدان، في بغداد"، مشيرة إلى أنّ "مسؤولين من وزارتي الخارجية والاستخبارات، فضلاً عن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني كانوا ضمن الوفد إلى أعضاء فيلق القدس التابع للحرس الثوري".

"المشرق الجديد"

وتتركز المعلومات المتوفرة حول اجتماع التاسع من نيسان/أبريل، والذي شهد محادثات مكثفة حول ملف الحرب في اليمن، إضافة إلى حوارات أمريكية - إيرانية غير مباشرة.

تستند المفاوضات إلى مشروع "المشرق الجديد" الذي طرحه الكاظمي خلال الاجتماعات مع الأردن ومصر

فيما يقول دبلوماسي عراقيّ لـ "الترا عراق"، إنّ "المحادثات تطرقت إلى ملفات أخرى تتعلق بأوضاع المنطقة والفصائل المسلحة".

اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي "يهدد" إيران بكشف ظّهر الفصائل.. وطهران تبعث قاآني إلى بغداد

ويضيف الدبلوماسيّ الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ "رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي نجح في جلب الأطراف المتصارعة إلى طاولة الحوار، لأول مرة منذ عقود، ضمن مشروع المشرق الجديد الذي انبثق خلال الاجتماعات الثلاثية مع الأردن ومصر".

عرض إيراني للرياض..

وتقوم فكرة "المشرق الجديد"، بحسب الكاظمي، على "إيجاد مصالح مشتركة واسعة من شأنها أن تخلق منطقة اقتصادية مزدهرة تنتفع منها جميع القوى في المنطقة ويلعب العراق فيها دورًا رئيسيًا"، مؤكدًا في تصريح سابق أنّ الفكرة هي "الفرصة الوحيدة" للخروج من "دوامة الصراعات".

وتمتنع الحكومة العراقية فضلاً عن طهران والرياض عن التعليق حول نتائج جولات المفاوضات التي تحققت حتى الآن، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده لم يؤكد أو ينفي تقارير المحادثات، مبينًا أنّ "المهم هو أن إيران رحبت دائمًا بالحوار مع المملكة العربية السعودية وتعتبره في مصلحة شعبي البلدين، وكذلك السلام والاستقرار في المنطقة".

فيما قال السفير الإيراني لدى العراق، إيراج مسجدي، إنّ طهران "تدعم وساطة بغداد لتقريب طهران من البلدان التي واجهنا معها تحديات أو التي هدأت العلاقات معها، وتم إخطار المسؤولين العراقيين بذلك"، مضيفًا "لم نتوصل بعد إلى نتائج واضحة وتقدم كبير. دعونا ننتظر أن تمضي الأعمال قدمًا ويمكننا أن نرى نتائج عملية".

وتطرح إيران كبح الميليشيات والفصائل المسلحة وكف يدها عن الأهداف السعودية، مقابل أنّ تدعم الرياض المحادثات النووية مع الولايات المتحدة لتحقيق اتفاق جديد، كما تقول مصادر في الشرق الأوسط استندت إليها "رويترز" في تقرير سابق.

الميليشيات جزء من الصفقة!

ولم تشر التسريبات بشكل واضح إلى ملف الميليشيات في العراق كجزء من الصفقة الإقليمية والدولية المحتملة، على الرغم من تبني بعضها هجمات في العمق السعوديّ كان أشده تأثيرًا استهداف القصر الملكي الرئيسي في الرياض.

تعرض إيران إيقاف هجمات الحوثيين وبعض الميليشيات مقابل دعم السعودية للمفاوضات النووية

وروّجت منصات على صلة بالفصائل المسلحة معلومات عن توجيه مئات الصواريخ لضرب "أهداف نوعية" داخل سعودية، دون تسجيل أي هجوم من هذا النوع منذ زيارة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى الرياض في آذار/مارس، إذ تعهد الأخير بـ "وقف تلك الهجمات"، قبل أنّ "يوجه رسالة شديدة اللهجة إلى طهران".

ويرى الخبير الأمني صفاء الأعسم، أنّ حديث الكاظمي الواثق بشأن "منع الهجمات ضد السعودية" كان مؤشرًا على وجود "خطة مستقبلية لتهدئة إقليمية تكون الرياض جزءًا منها"، مؤكدًا لـ "الترا عراق" أنّ "تأسيس علاقة قوية للعراق مع محيطه الدولي وخاصة دول الخليج مهمة جدًا لبدء صفحة جديدة تقوم على الثقة".

وترتبط محاور المفاوضات بشكل وثيق بتحركات الفصائل المسلحة في العراق، كما يشير المحلل السياسي السوري مالك الحافظ.

ويقول الحافظ لـ "الترا عراق"، إنّ "التطورات السياسية والأمنية في العراق تؤثر بشكل مباشر على جميع بلدان المنطقة بما فيها سوريا واليمن، فكل الدول متشاركة بملفاتها، وهو ما تدركه جميع الأطراف".

ويضيف، أنّ "السعودية تفكر جديًا ببناء علاقات متطورة مع بغداد لتجنب أخطار أكبر تعرضت لها نتيجة السياسات السابقة"، مرجحًا أنّ "تشهد المرحلة المقبلة تنسيقًا جديًا مع بغداد للتهدئة، بعيدًا عن سياسة التصعيد مع إيران وحلفائها".

مسار "ولاية ثانية"!

وعلى الرغم من أنّ نتيجة المفاوضات ما تزال غير واضحة حتى الآن، فإن نجاح العراق في لعب دور الوساطة لعقدها يعتبر تطورًا لم يتمكن رؤساء الحكومات السابقة من تحقيقه، وهو ما قد يشي بدور كبير للكاظمي بعد موسم الانتخابات لما يحظى به من توافق إقليمي ودوليّ.

يمكن أنّ تمهد المفاوضات إلى ولاية ثانية للكاظمي بعد الانتخابات المبكرة في العراق 

ويتفق الصحافي أحمد السهيل مع وجهة النظر التي تقول إنّ الكاظمي يعتقد أنّ نجاح "المفاوضات الإيرانية - الخليجية - الأمريكية قد يمهد أمامه الطريق بشكل كبير نحو ولاية ثانية على رأس الحكومة، مستندًا على علاقته الممتازة مع إيران والخليج فضلاً عن الولايات المتحدة".

ويرى السهيل، أنّ "الاتفاق يعني كف يد الفصائل المسلحة وتهيئة أجواء أكثر هدوءًا قبل موعد الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، وهو ما سيسوق كنجاح للكاظمي في احتواء سلاح الميليشيات".

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرب المسيّرات والصواريخ في العراق.. "تفاوض مرفوض" وهدنة مهددة

مرحلة جديدة في التعامل مع "مطلقي الكاتيوشا".. ماذا يعني وصفهم بـ"الإرهابيين"؟