13-يوليو-2020

يقدر عضو في اللجنة المالية النيابية واردات المنافذ الحدودية بـ10 مليارات دولار (Getty)

ليس بالجديد، الحديث عن الفساد الموجود في المنافذ الحدودية الرسمية فضلًا عن وجود منافذ غير خاضعة لسلطة الدولة وتدخل جهات مسلحة في ابتزاز التجار وأخذ الرشى ومخالفة التعليمات من قبيل حماية المنتج الوطني؛ لكن التصريحات والدعوات لفرض سلطة الدولة ومنع الفساد فيها تصاعدت مع الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد مع انهيار أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا.

يقدر عضو في اللجنة المالية النيابية واردات المنافذ الحدودية بـ10 مليارات دولار، منها ملياران فقط تدخل خزينة الدولة 

ولدى العراق 30 منفذًا على الحدود مع دول الجوار، تتضارب الأرقام حول عائداتها المستحصلة من الجمارك المفروضة على البضائع والمنتجات وغيرها، وتسيطر أحزاب سياسية وجماعات مسلحة وعشائر على الكثير من المنافذ وتستحوذ على إيراداتها.

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق| منفذ مع إيران تتقاسمه "العصائب" و"السواعد".. لا حصّة لميسان غير الفقر!

ويقدّر عضو اللجنة المالية النيابية عدنان الزرفي واردات المنافذ الحدودية بـ 10 مليارات دولار منها ملياران فقط تدخل خزينة الدولة، فيما يؤكد نائب آخر أن العراق يخسر 9 مليارات دولار سنويًا خاصة في منافذ إقليم كردستان والبصرة وعلى الجانب الإيراني، ويلفت نائب آخر إلى أن إيرادات منفذ حدودي واحد تبلغ 199 مليار دينار شهريًا لا تصل إلى الحكومة إلا 9 مليارات منها، والمتبقي يتوزع على محافظين وأحزاب وشيوخ عشائر.

توجيه بإطلاق النار!

مع ضرورات الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد لإنقاذ خزينة الدولة تتوجه الدعوات إلى البدء بالمنافذ الحدودية. ومؤخرًا، أعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي "بدء مرحلة إعادة النظام والقانون في المنافذ الحدودية لوقف هدر الأموال في غير محلها"، وهو مطلب شعبي بحسب الأخير الذي أعلن خلال زيارة لمنفذ مندلي الحدودي في محافظة ديالى خضوع المنفذ تحت حماية القوات العسكرية وهدد بأن لدى القوات "الحق بإطلاق النار على كل من يتجاوز على الحرم الجمركي".

كما وجّه الكاظمي بملاحقة من أسماههم بـ"الأشباح" المتواجدين في الحرم الجمركي والذين "يبتزون التجار ورجال الأعمال"، وتوعدهم بـ"التعقب وتخّليص المنافذ منهم"، وأعطى صلاحيات للقادة الأمنيين ولمدير المنافذ لمعالجة وضعها، مؤكدًا أن "منفذ مندلي من المنافذ المهمة لكنه تحول إلى وكر ومعبر للفاسدين".

من جانبه، اعتبر عضو مجلس النواب عن محافظة ديالى عبد الخالق العزاوي في تصريح صحفي وصول الكاظمي إلى معبر مندلي وإعلانه نشر قوات النخبة الحازمة "بداية تجفيف منبع القوى المتنفذة في ديالى التي تسيطر على معبرين حدوديين (مندلي والمنذرية) وتستحوذ على الإيرادات"، مبينًا أنه "قرار ننتظره منذ سنوات".

معابر غير رسمية

للمنافذ الحدودية تأثير مباشر على تراجع الزراعة والصناعة المحليتين بحسب متخصصين يشددون على ضرورة ضبط المنافذ الحدودية والمعابر وبالتحديد غير الرسمية منها، بما في ذلك الموجودة تحت سلطة حكومة إقليم كردستان، والتي تمر من خلالها مواد تالفة، ومحظورة، إضافة إلى تهريب العملة، بل ويؤكد نواب أن عمليات التهريب تجري من خلال المعابر أكثر من المنافذ الحدودية بضمنها التابعة للإقليم مع دول الجوار، فيما يطرحون دخول الرقابة المالية المركزية إلى الإقليم كحلٍ للسيطرة عليها.

ويرى عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر في حديث لـ"ألترا عراق" أن المنافذ الحدودية في الإقليم يجب أن تخضع مثل غيرها إلى الحكومة بحسب الدستور والقوانين كونها في إقليم فيدرالي تابع إلى الحكومة المركزية. ويتابع: "من المفترض أن يرضى الجميع بالإجراءات الحكومية ولا يخالف أحد الدستور ومن خلال ذلك يتم التعامل والتفاهم بين الحكومتين".

ويحذر خبير اقتصادي من أن تسليط الضوء على منفذ واحد في محافظة ديالى من الممكن أن يؤدي إلى استغلال المنافذ الأخرى من قبل الفاسدين في عملياتهم.

الحل بالقوة العسكرية

في السياق، وصف النائب جمال كوجر تحرّك الكاظمي بإحدى الخطوات المهمة للحكومة الجديدة التي وعدت بأن تتعامل مع الميليشيات والأحزاب حسب القانون، وقال لـ"ألترا عراق" إن "البلاد تمر بوضع اقتصادي وصحي غير جيد وتحتاج إلى تحرك من الحكومة للسيطرة على الاقتصاد وإن المنافذ الحدودية أحد المصادر الرئيسية للوارادت ويجب السيطرة عليها".

لاحقًا، أكد الكاظمي في الاجتماع الوزاري للأمن الوطني أن الحكومة "ماضية بالعمل على منع الفاسدين من استغلال المنافذ الحدودية ووضع الخطط الكفيلة بتطويرها".

لكن مراقبين يعتقدون أن تحرك رئيس الحكومة لن ينجح بسهولة، إذ يقول النائب عن تحالف القوى رعد الدهلكي إن "صرخات الجهات المستفيدة كانت واضحة بعد خطوة الكاظمي المؤذية عبر عمليات قصف حصلت في محافظة ديالى بعد الزيارة، وهي ستبحث عن طرق أخرى لتمويل مشاريعها ومسلحيها".

قال النائب رعد الدهلكي إن فشل رئيس الحكومة في المنافذ يعني أن نقرأ على العراق السلام

وفسّر آخرون استعانة الكاظمي بقوات النخبة بسبب وجود فاسدين لديهم من القوة ما لا يمكن للقوات العادية ردعها، ويرى السياسي المستقل غالب الشابندر أن مشكلة المنافذ لا تُحل بزيارة بروتوكولية، وأن الأحزاب الفاسدة لا يمكن ردعها إلا بالقوة العسكرية، مقترحًا على الكاظمي توسيع قاعدة جهاز مكافحة الإرهاب وإعطائه صلاحيات أكبر.

اقرأ/ي أيضًا: 20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟

وقال النائب جمال كوجر في حديث لـ"ألترا عراق" إن الحكومة الحالية مثل سابقاتها "وعدت الشعب بسحب السلاح من الجهات السياسية والأشخاص وإعادته إليها ومن المفترض تنظيم الميليشيات تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة والتعامل مع الأحزاب السياسية التي تحمل السلاح حسب قانون الأحزاب الموجود".

النجاح أو قراءة الفاتحة!

ومن وجهة نظر كوجر الذي انتقد سيطرة الأحزاب على واردات العراق والمنافذ فأن "الجميع يجب أن يرضوا بهذه الإجراءات القانونية إن كانوا يريدون مصلحة العراق".

فيما يرى النائب الدهلكي أن الجهات المسيطرة على المنافذ لن تسكت وعلى الكاظمي أن يتهيأ للرد ضد خطوته في الملف الأهم، لافتًا إلى أن "فشل رئيس الحكومة في المنافذ يعني أن نقرأ على العراق السلام".

ويؤكد النائب كوجر لـ"ألترا عراق": "إذا تراجعت الحكومة عن هذا المنهج فمن المفروض أن نقرأ (الفاتحة) على هذه الحكومة كالحكومات السابقة التي لم تتمكن من السيطرة على المنافذ"، مضيفًا أن الحكومة "لا يمكن أن تقف على رجليها إذا لم تتخلص من هذه الظواهر السلبية في العراق".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قوات مشتركة تقتحم منفذين مع إيران.. والكاظمي يراقب عن كثب

تقرير: المواجهة مع الفصائل "تتعّمق".. والكاظمي أمام خيارين قاسيين