25-ديسمبر-2021

حوار مع كاتب برنامج "ولاية بطيخ" (فيسبوك)

احتلت الكوميديا الساخرة أو ما يطلق عليها "السوداء"، في السنوات الأخيرة مساحة بارزة في العراق، وكان لها التأثير الكبير على الناس، خصوصًا الشباب، وأصبحت بمثابة نهج عام في نقد الوضع العراقي السياسي منه والاجتماعي، وطريقة للتمرّد على الأعراف والتابوهات الموجودة في البلاد. 

يقول حسن شغيدل حين تحوّل السلطة أو الحدث السياسي إلى طرفة أو "نكتة" باللهجة الدارجة فقد تزيل تأثيره على الناس

وبرز العديد من الأسماء والكتّاب الساخرين، الذين يعتبرون حالة جديدة في نمط الكتابة التلفزيونية داخل العراق الذي كان جادًا إلى سنوات متأخرة، ومنهم، حسن شغيدل، والذي بدأ مشواره في تقديم فيديوهات بسيطة تحت اسم "stop"، وكانت هذه أول الخطوات في المجال الكوميدي ثم أصبح كاتبًا في البرنامج الشهير ولاية بطيخ، كما كتب وقدّم برنامج "حجي زايد" في نفس التوقيت، وكتب كذلك برنامج "ليش" والمسلسل الكارتوني "صابون ركي".

والأعمال الفنية الساخرة المنتشرة في العراق مؤخرًا تخيف السلطة السياسية والحكّام وتحولهم إلى طرفة، كما يرى شغيدل في حوار خاص لـ"ألترا عراق". 

وعن أسباب اختياره للكتابة الساخرة، يقول شغيدل إنّ "الأمر لم يكن خيارًا محضًا، وإنما نتيجة كون الفكرة التي بدأت فيها الكتابة هي فترة مرتبكة سياسيًا وفنيًا وإعلاميًا، فلم تكن هناك طريقة إلا السخرية لتعبّر بها عن وجهات نظرك أو أن تقول رأي اتجاه شيء معين، وهي الطريقة الأسرع للتعبير، خصوصًا وسط الفوضى بكافة الأوساط السياسية منها والاجتماعية والفنية".

اقرأ/ي أيضًا: كيف ساهمت السخرية بقلب المعادلة على "قوى السلاح"؟

ويتحدّث شغيدل عن آثار الأعمال الساخرة على الناس، ويؤكد أنّ "السخرية هي الأكثر تأثيرًا منذ الأزل، وهي تخيف الحكّام والسياسيين، لأنك حين تحوّل السلطة السياسية أو الحكّام أو حدث سياسي معيّن إلى طرفة أو نكتة باللهجة الدارجة، فإنك أزلت تأثيره على الناس، وهي طريقة مؤثرة جدًا سواء في مصر أو في العراق"، مبينًا أنّه "في مصر ساعدت السخرية في إقامة الثورة، وفي العراق تحولت الكثير من المواضيع التي كان يقف عندها الشعب العراقي، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، مثلًا الدفاع عن السياسيين أصبح نكتة، الطائفية تحولت إلى نكتة، الناس تسخر من الذي يتحدث بلغة طائفية، وهذا جاء بفعل البرامج الكوميدية، وكذلك تم التوجه إلى التقاليد الاجتماعية القديمة".

وأضاف شغيدل أنّ "البرامج الكوميدية توفر الاسترخاء للناس، ولكنها بالوقت ذاته تبث رسائل مهمة عن التعايش السلمي والفهم السياسي والحريات ورفع الوعي لدى الناس، وهذا جزء مهم من أهداف الكوميديا، والتي بدورها تساهم في سرعة انتشار المعلومات للناس".

ولم يختص شغيدل في الكتابة الساخرة فحسب، بل قدّم برنامجًا تحت عنوان "حچي زايد"، انتقد من خلاله أحداث سياسية وقيود اجتماعية، بمشاركة عدد من الممثلين الذين قدموا مشهدًا في كل حلقة.

وعن أسباب انتشار الكوميديا في مواقع التواصل الاجتماعي، بيّن أنّ "مجتمع السوشيال ميديا حسب الدراسات يميل إلى الأفكار السريعة والخفيفة للمتلقي، لذلك فإن البرامج الكوميدية لديها مساحة للانتشار في منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا المشاهد القصيرة، التي تساهم في إضحاك الجمهور".

وأشار إلى أنّ "البرامج الكوميدية لا تستهدف جمهور السوشيال ميديا فقط، بل حتى شاشات التلفاز، لكن وجود مثل هذه المواد على التواصل الاجتماعي هدفها محاكاة الشباب، أما الآن أصبح كبار السن لديهم حسابات حتى في تيك توك، ويقضون الكثير من الوقت في منصات التواصل الاجتماعي".

وأرجع شغيدل أسباب توجه الناس إلى الأسلوب التهكمي أو الساخر إلى مدى تأثيره بالقول "هو الأقوى في إدانة الفعل أو الحدث الذي تود أن تتناوله، بينما إذا قمت بإدانة الحدث بمشهد جاد سيكون محدود التأثير على عكسه في المشاهد الساخرة، وهذا ما يجعل السلطات تخشى الكوميديا الساخرة، كونها جريئة في الطرح".

ويرى شغيدل أنّ "الأعمال أو المشاهد الجادة يجب أن لا تخلو من الكوميديا، مبينًا "أنا أفكر بطريقة ساخرة حتى وأن كتبت أعمالًا جادة، اعتقد ستحتوي على شخصيات أو أحداث كوميدية، وحتى في الحياة الواقعية هناك جانب كوميدي وآخر جاد، وبأقسى المواقف التي نواجهها لا بدّ أن تكون هناك طرفة، وهذا ما نحاول بثه في الدراما كونها تمثل صورة الحياة".

أما بشأن إعداد البرامج وما إذا كان سيؤثر على السيرة المهنية للكاتب، يقول شغيدل إنّ "إعداد البرامج كذلك يحتاج إلى كتابة سيناريو، فالحلقة الحوارية هي سيناريو يكتب، كيف تبدأ مع الضيف وأين تقف وكيف تختم فهذا سيناريو له بداية ووسط ونهاية، وأنا دخلت إلى الإعلام محبة في البرامج الحوارية، خصوصًا الفنية منها، والآن عندما أمارس عملي كمعد، أنا أمارس محبتي للمحاورة، فأقف كمحاور في الظل، وليس معدًا فقط، وهذا ما يبث فيّ الرغبة لإعداد البرامج".

وكتب شغيدل عددًا من الأغاني الكوميدية التي قدمها نجوم ولاية بطيخ خلال البرنامج منها "منريد چنة للصبح"، وأيضًا تايتل البرنامج للموسم الخامس وأغنية "كلنا نخاف".

ويعتبر شغيدل أنّ "جزءًا من وظيفة الكاتب أن يتعلم مهارات إضافية في الكتابة، الفكرة تختار الطريقة التي تكتب بها، الفكرة قد تكون مشهدًا كوميديًا أو فيلمًا سينمائيًا، وقد تكون أغنية، فأحيانًا تتطلب الفكرة أن تكون أغنية لتصل إلى المشاهد بدلًا من المشهد، وأحيانًا حتى داخل المشهد تحاول أن تضيف أغنية أو أهزوجة، وهذه المهارات الإضافية مفيدة جدًا للكاتب".

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

النكتة السياسية في العراق.. صفعة على وجه الموت

"جيش الأضحكني" في العراق.. احتجاج ساخر ضد المحتوى الالكتروني "المحرض"