11-ديسمبر-2020

بكين ترشد بغداد إلى رغباتها المنسية (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

بينما لا يزال عرضها الأول لتنفيذ مشروع ميناء الفاو بميزات "مغرية" قائمًا وسط استمرار مفاوضات بغداد مع الشركة الكورية، فاجأت شركة CMEC الصينية، العراق بمشروع "تكميلي" لعرضها الأول، والذي تسبب بـ"ذهول" خبراء الاقتصاد في العراق ليقتربوا من حقيقة مفادها أن الصين تنظر إلى مستقبل عراقي واعد في مشروعها المتمثل بـ"طريق الحرير" لربط آسيا بأوروبا.

قال خبير اقتصادي إن الصين تقدم عرضًا لإنشاء سكك حديد تربط البصرة بتركيا، إضافة إلى طريق سريع موازٍ للطريق القديم

الشركة الصينية لهندسة الماكينات CMEC، وهي شركة مملوكة للحكومة الصينية، خاطبت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي برسالة لتصميم وتنفيذ طريق سريع يربط البصرة عبر صفوان، بزاخو شمال العراق ليكون طريق رابط بين ميناء الفاو وتركيا، الأمر الذي أثار اهتمام الاقتصاديين العراقيين.

اقرأ/ي أيضًا: تساهل العراق بفقرة في قانون الاقتراض "يغري" الأردن لتوسيع الإعفاءات الجمركية

وتضمنت الرسالة استعراض الشركة لإمكانياتها وخبراتها الفنية ومنجزاتها في هذا المجال، فضلًا عن تطمينات ومغريات للحصول على تمويل لا يحمّل العراق أعباءً مالية، لتنفيذ المشروع.

ووصف الخبير الاقتصادي ورئيس لجنة المتابعة سابقًا مصطفى جابر سند، الشركة الصينية بعد خطوتها بأنهم "يفكرون نيابة عنا، ويسبقونا بخطوة".

وأضاف سند، في تدوينة رصدها "ألترا عراق" أن "الصين تقدم عرضًا لإنشاء سكك حديد تربط البصرة بتركيا، إضافة إلى طريق سريع موازٍ للطريق القديم"، مبينًا أن "المشروع سيكون بتمويل صيني واسترداده من إيرادات المشروع".

من جانبه، قدم الخبير وأستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسومي، ما وصفه بـ"قراءة اقتصادية في خطاب الشركة الصينية".

وبيّن المرسومي في تدوينة رصدها "ألترا عراق"، أن "الشركة الصينية CMEC قدمت عرضًا مهمًا لتصميم وبناء الطريق السريع من صفوان إلى زاخو لربط ميناء الفاو الكبير بتركيا"، فيما استعرض 6 ملاحظات قال إنها "يمكن أن تؤشر على هذا العرض".

ومن بين هذه الملاحظات اعتبر المرسومي أن العرض يمثل "إدراك الصين لأهمية العراق الاستراتيجية في موقعه الجغرافي الذي يقع في قلب منطقة الشرق الأوسط التي تُعد منطقة اتصال والتقاء قارات العالم القديم، ويجعل هذا الموقع من العراق محور توجه واهتمام السياسة الصينية، ولذلك ينطوي العراق على أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للصين، وذلك من أجل ضمان استراتيجيتها الكبرى المسماة (حزام واحد - طريق واحد) التي من المفترض أن تربط كلًا من أوروبا وآسيا بالصين بحلول عام 2050".

وبيّن أن "العراق كان وما زال جزءًا مهمًا ومحوريًا في طريق الحرير بل هو بمثابة القلب النابض وهو ما يضع حدًا لمن يحاول التقليل من أهمية ميناء الفاو الكبير والقناة الجافة من خلال تضخيم التحديات المتعلقة بميناء جوادر الباكستاني أو الربط السككي ما بين الصين وتركيا".

وأكد أن "مشروع القناة الجافة يعدُّ جزءًا مكملًا لمشروع ميناء الفاو الكبير، إذ يتم من خلاله نقل البضائع عبر الأراضي العراقية من خلال ربط الموانئ العراقية بشمال أوروبا عبر تركيا وسوريا، وبذلك يكون العراق حلقة وصل ما بين الخليج العربي والبحر المتوسط عبر ممر بري هو الوحيد الذي يربط الشرق مع أوروبا والغرب عبر الموانئ العراقية، الذي يعد أقصر الطرق وأقلها تكلفة وأكثرها أمانًا للسفن والبضائع العالمية، وسيسهم المشروع في تسهيل عمليات النقل والعبور والتجارة البينية بين العراق ودول المشرق وأوروبا".

واعتبر المرسومي أن "ربط القناة الجافة بموانئ العراق سيمنحهُ مكاسب اقتصادية كبيرة لا تنحصر بتعرفة مرور القطارات عبر السكك العراقية والشاحنات عبر الطرق البرية في الأراضي العراقية, بل يتعدى ذلك إلى أجور وعوائد السفن البحرية القادمة الى موانئ العراق وكذلك أجور وعوائد الوكالات البحرية وفرص العمل لعمال الشحن".

وأشار إلى أن "العراق مهم جدًا في الاستراتيجية الاقتصادية الصينية إذ أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للعراق، إذ وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 30 مليار دولار في عام  2018  حيث تعد السوق العراقية قريبة من الصين مقارنةً بالأسواق الأوروبية والأمريكية، وكذلك يعد العراق ثاني أكبر مورد نفطي للصين، ورابع أكبر شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط" .

قال خبير اقتصادي إن ربط القناة الجافة بموانئ العراق سيمنحهُ مكاسب اقتصادية كبيرة لا تنحصر بتعرفة مرور القطارات عبر السكك العراقية والشاحنات عبر الطرق البرية في الأراضي العراقية

ومن ملاحظة أن العرض الجديد جاء من الشركة الصينية CMEC وهي ذاتها التي قدمت قبل عدة أسابيع عرضًا لميناء الفاو الكبير، وهي شركة حكومية مملوكة لدولة الصين، استنتج المرسومي أن "هذا يعني أنها لا تهتم كثيرًا بحجم الأرباح المباشرة التي تحصل عليها من تنفيذ مشروعها الجديد بقدر اهتمامها بتحقيق المصلحة العليا للصين والمتمثلة بإكمال طريق الحرير بوصفه البوابة التي خلالها يتم تصريف فائض الإنتاج الصيني الضخم الذي يعادل ثلث الإنتاج الصناعي العالمي".

اقرأ/ي أيضًا: ما هي أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق؟

وأوضح المرسومي أن "العرض الذي قدمته الشركة الصينية يشير إلى أن الصين ستنفذ المشروع وتتحمل تكاليفه من خلال تمويله بالقروض طويلة الآجل التي تتضمن شروط دفع ميسرة من خلال طول مدة العقد وفترة السماح وسعر الفائدة الذي يمكن أن يصل إلى 5%".

ولتهدئة مشاعر القلق عند البعض من تحميل العراق لأعباء ديون خارجية جديدة، اقترح المرسومي أن "يعمل المفاوض العراقي على إقناع الصينيين بتخفيض سعر الفائدة إلى مستوى 2% مثلًا أو التقديم بعرض جديد يتضمن تنفيذ المشروع بصيغة BOOT التي تعني البناء – التملك – التشغيل – نقل الملكية، ومن خلال هذا النظام تتحمل الشركة الصينية تكاليف بناء الطريق السريع على أن تقوم بتشغيله لمدة زمنية متفق عليها تحصل خلالها على الرسوم المفروضة على مستخدمي الطريق من أجل تسديد تكاليف الشركة الصينية ثم تعود بعد ذلك ملكية المشروع إلى العراق"، مشيرًا إلى أن "هذا الأسلوب هو الأكثر استخدامًا في العالم لتنفيذ مشاريع البنى التحتية، ومن المهم جدًا استدراج عروض من شركات أجنبية أخرى لخلق نوع من المنافسة بين الشركات لأجل تحسين نوعية العروض بما يحقق المصلحة العليا للعراق".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

صلاح الدين: نحتاج نحو تريليونين لإنجاز المشاريع الملتكئة

ما هي تكلفة الغاز المستورد من إيران للعراق سنويًا؟