30-أغسطس-2023
المغيبون قسرًا

مليون شخص مفقود (Getty)

يوافق 30 من شهر آب/أغسطس، اليوم العالمي للمختفين قسرًا، وهو يوم ربما له خصوصية في العراق، إذ أنه يتصدر العالم في أعداد المختفين والمغيبين قسرًا، بحسب مركز جنيف الدولي للعدالة. 

عدد المفقودين في العراق منذ عام 2003 يقدر بنحو مليون شخص

وقال مركز جنيف الدولي، في بيان اطلع عليه "ألترا عراق"، إن "جرائم الاختفاء القسري في العراق، أصبحت من القضايا المهمة على طاولة البحث والتقصي الدولي، حيث تتولى اللجان الدولية مختصة متابعة الإجراءات الواجبة التنفيذ من أجل معرفة أماكن الأشخاص المختطفين ومحاسبة الجناة وتحقيق العدالة للضحايا، ومن ضمنهم العوائل الذين ينتظرون ذلك منذ سنين". 

مليون شخص مفقود

ورأى مركز جنيف، أنّ "الاختفاء القسري في العراق شكل ممارسة واسعة النطاق خلال العقدين الأخيرين، إذ "طالت هذه الجريمة مئات الآلاف من الأبرياء، من خلال اعتقالات عشوائية تقوم بها أجهزة الدولة والمجاميع المسلحة التي تعمل معها أو بعلمها". 

المغيبون

ويتصدر العراق وفق مركز جنيف، دول العالم في أعداد المختفين قسرًا، حيث قال إنّ "عدد المفقودين منذ عام 2003 يقدر بنحو مليون شخص"، فيما دعا السلطات إلى محاسبة المتورطين والمسؤولين "الذين لم يقوموا بما يجب" لمنع هذه الحالات.  

مقترح قانون

إلى ذلك، حذر رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، أرشد الصالحي، من تعرض العراق لعقوبات دولية مع تفاقم ملف المختفين قسريًا منذ سنوات، وخاصة بعد 2014، فيما أشار إلى أنّ "لجنته لم تطلع لغاية الآن على "مقترح قانون مكافحة الاختفاء القسري المرسل من الحكومة". 

وقال الصالحي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "المغيبين وعوائلهم بلا حقوق أو إجراءات عادلة منذ سنوات بسبب غياب أي قانون يعنى بأوضاعهم"، مشيرًا إلى أنّ "لجنة حقوق الإنسان اقترحت في عام 2019 قانونًا لمعالجة قضايا الاختفاء القسري لكن تم رفضه حكوميًا بعد القراءة الأولى له في المجلس بسبب الآلية المتبعة باقتراح القوانين من الحكومة على البرلمان، وليس العكس لأن فيها جنبة مالية يجب ترتيبها للمستحقين".

وأضاف أنّ "اللجان التابعة للأمم المتحدة تجري زيارات دورية لمناقشة هذا الملف وتؤكد على ضرورة الإسراع بتشريعه، كما تحذر من ذهاب العراق باتجاه هدر المزيد من الوقت دون وضع الحلول المناسبة"، لافتًا إلى أنّ "الحكومة استغرقت 4 سنوات حتى أعلنت إكمال القانون وإرساله للبرلمان الشهر الماضي".

وكشف الصالحي عن أن القانون بحال وصوله إلى اللجنة سيقسم إلى عدة فترات حدث فيها الاختفاء القسري حسب الحقب الزمنية وكالآتي: 

  • 1- الفترة الأولى تتمثل بحكم حزب البعث المقبور من عام 1968 ولغاية 2003.
  • 2- الفترة الثانية تتمثل من 2003 ولغاية 2014.
  • 3- الفترة الثالثة تتمثل من عام 2014 ولغاية هذه الفترة، أي الأحداث التي رافقت سقوط المحافظات بيد تنظيم "داعش" الإرهابي. 

واعرب رئيس اللجنة النيابية، عن "وجود خيبة أمل كبيرة لعدم توفر أي قاعدة بيانات كاملة للمختفين قسريًا، حيث يجري الاعتماد على تقارير وقوائم أسماء مرفقة وتبليغات قضائية وأمنية".

وقال الصالحي إنّ "هذه الخطوة الأهم يجري التنسيق بشأنها مع المنظمات الدولية لغرض العمل على قاعدة بيانات تفصل بين المختفي قسريًا والمفقود وغيره، كما ستوضح تسمية الجهات التي ارتكبت تلك الجرائم بمختلف الفترات الزمنية".

حقوق الإنسان النيابية: المغيبون وعوائلهم بلا حقوق أو إجراءات عادلة منذ سنوات بسبب غياب أي قانون يعنى بأوضاعهم

"الحشد الشعبي"

وخلال المعارك ضدّ تنظيم "داعش"، فقدت مجموعات كاملة من أهالي المدن المحررة سواء على يد "داعش" أو المجموعات المسلّحة التي كانت تحارب التنظيم، وعلى سبيل المثال، طالبت منظمة العفو الدولية في حزيران/يونيو من العام 2021، الحكومة العراقية بالكشف عن مصير 643 مفقودًا خطفوا قبل خمس سنوات على يد مجموعات "شبه عسكرية شيعية"، ومنضوية في الدولة.

وقالت المنظمة في تقريرها، إن "هؤلاء فقدوا خلال عملية للحشد الشعبي، التحالف الذي تهمين عليه فصائل مسلحة موالية لإيران، لاستعادة الفلوجة في حزيران/يونيو 2016، من "داعش" الذي كان يهمين على المحافظات الغربية في البلاد حينها".

وبحسب التقرير، في الثالث من حزيران/يونيو وفيما كان آلاف النازحين يفرون "قام رجال مسلحون يرتدون زي الحشد الشعبي، وفق شهود بأخذ نحو 1300 رجل وشاب يعتبرون بسنّ يسمح لهم بالقتال من عائلاتهم".

ويضيف التقرير أنه "في الليلة نفسها، وضع 643 منهم على الأقل في حافلات وشاحنة كبيرة، وهم حتى الآن مفقدون"، فيما أفاد المتبقون منهم أنهم تعرضوا "للتعذيب وإساءة المعاملة".

ومنذ الخامس من حزيران/يونيو، قام رئيس الوزراء حينها حيدر العبادي بتشكيل لجنة تحقيق، لكنّ "نتائج ذلك التحقيق لم تنشر قط" وفق منظمة العفو التي أوضحت أنّ "عائلات هؤلاء الرجال تنتظر منذ خمس سنوات لمعرفة ما إذا كانوا على قيد الحياة. وهي تستحق أن تنتهي آلامها".

التغييب

وبحسب مفوضية حقوق الإنسان السابقة في العراق، فإنّ أعداد العراقيين المختفين قسريًا خلال الأعوام 2017 و 2018 و2019، وصلت إلى أكثر من 7000 آلاف حالة اختفاء. 

وكانت مفوضية حقوق الإنسان أعلنت في نهاية 2018 تلقيها أكثر من 4800 شكوى ومناشدة بإدعاءات حول وجود حالات اختفاء قسري في مختلف المحافظات العراقية. 

الاحتجاجات

وحصلت حالات إخفاء قسري بعد اندلاع احتجاجات تشرين في خريف العام 2019، حيث كان مرصد "أفاد" تحدث عن اختطاف العشرات من الناشطين والمتظاهرين، أطلق سراح أغلبهم بعد تعرّضهم للضرب والتنكيل، بينما لا يزال آخرون في عداد المفقودين.

افتتح الناشط المدني جلال الشحماني قائمة المغيبين في الاحتجاجات التي تنطلق بين فترة وأخرى في العراق

ولعلّ أبرز المغيبين في احتجاجات تشرين، كان "سجاد العراقي"، هو ناشط في احتجاجات تشرين، اختطف في أول شهر أيلول/سبتمبر 2020، وبحسب شهادة حصل عليها "ألترا عراق" من صديقه الذي كان برفقته ليلة الاختطاف، فإنّ "مجموعة من السيارات رباعية الدفع قد حاصرت سيارتهم في منطقة آل أزيرج في ضواحي مدينة الناصرية وأجبرت العراقي على مرافقتهم"، وفليح كان قد ذكر أيضًا في شهادته أمام الجهات الأمنية والقضائية أنه "استطاع تمييز أحد الخاطفين وأنه أحد عناصر فصيل مسلح مرتبط بالحرس الثوري الإيراني".

العراقي، كان ظهر في مقطع فيديو قبيل اختطافه بأيام ليكشف عن تعرّضه لـ"تهديدات بالقتل من قبل ميليشيات مسلحة نافذة في محافظة ذي قار"، ولا يزال مصيره مجهولًا حتى الآن.  

وللتغييب القسري سجل طويل مع حركة الاحتجاج في العراق، حيث افتتح الناشط المدني جلال الشحماني قائمة المغيبين والذي اختطف مع اندلاع موجة احتجاجات صيف 2015، تلاه في ذات الفترة، اختطاف الصحفي والمحامي واعي المنصوري، دون أن يتمّ الكشف عن مصيرهما رغم مرور أكثر من 7 سنوات على اختطافهما.

فقد العديد من النشطاء والصحفيين خلال احتجاجات تشرين وما قبلها في 2015 و2018

ولكنّ قائمة المغيبين لم تتوقف عند الشحماني والمنصوري، حيث تم اختطاف المعلّم فرج البدري بالتزامن مع احتجاجات البصرة 2018، إضافة إلى المحامي علي جاسب الذي اختطف مع اندلاع الموجة الأولى لاحتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، والذين لا يزال مصيرهما مجهولًا حتى اللحظة، ليلتحق بهما الصحفيان مازن لطيف وتوفيق التميمي.