يسعى بلد النفط لتوسيع استكشافاته للحصول على حقول جديدة تعزّز صادراته التي تمثل 95 % من وارداته المالية، وتتمثل تلك المساعي بجهود مشتركة يقوم بها العراق مع شركات أجنبية لوضع اللمسات الحقيقية لمكامن النفط المؤشرة باحتياطاتها الكبيرة، في الوقت الذي تُركت فيه الشركات الاستكشافية الوطنية على الجانب، لتصرف ملايين الدولارات للعقود الموقعة حديثًا، ما يثير جملة من التساؤلات.
أبعدت الشركات الاستكشافية في العراق عن مشروع تصدر محافظة المثنى ضمن المحافظات المنتجة للنفط
الشركات الاستكشافية في العراق، وبحسب ما تعلن وزارة النفط العراقية دائمًا، تمتلك ما يكفي من الخبرات والفرق الكفوءة، كما تنفذ واجباتها بشكل مستمر وفقًا لما تفتضيه حاجة المشاريع التي تسند لها، إلا أن تغييبها بشكل واضح عن مشروع تصدير محافظة المثنى لواجهة المحافظات المنتجة للنفط، لا يمكن تبريره، وهي الشركة التي تم تجهيزها قبل فترة قريبة بمعدات حديثة كانت بمبالغ مالية قاربت نحو 450 مليار دينار، وفقًا لمصدر مسؤول في وزارة النفط تحدث لـ"ألترا عراق"، رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بالوظيفة.
اقرأ/ي أيضًا: "كارثة" نفط العراق خارج حدود الإقليم.. لماذا ترضى بغداد بإنتاج أقل من الحقيقي؟
ويتلخص جهد شركة الاستكشافات الوطنية في مشروع الرقعة 12 من خلال قيام الفرقة الثانية بوضع اللمسات الأخيرة لإنجاز برنامج بلوك 12 ثلاثي الإبعاد في محافظة المثنى في 12 نيسان/أبريل 2021 بمنطقة قضاء السلمان لصالح شركة (باش نفت الروسية) الموقع معها العقد من قبل وزارة النفط.
وأكدت الشركة الوطنية، في بيان لها أن "أهمية هذه الرقعة تتمثل بوجود مكامن هيدروكربونية"، فيما تعد هذه المرة الأولى التي تتوجه فيها الجهود الحكومية لاكتشاف النفط في محافظة المثنى، والذي سيشكل ثروة كبيرة لها، وهي المحافظة المعروفة بتصدرها لقائمة الفقر في العراق بنسب قاربت 40%، وفقًا للإحصائيات الرسمية.
وتمتلك المحافظة مصفى نفطي تم إنشاؤه منذ سبعينيات القرن الماضي، لكن دُمر في حرب عاصفة الصحراء عام 1991، وأعيد تأهيله على مرحلتين قبل 2003 ليصل إنتاجه حاليًا إلى 30 ألف برميل يوميًا، فضلًا عن وجود جزء من الأنبوب الاستراتيجي لنقل النفط من حقول البصرة إلى وسط البلاد وغربها، لكن المثنى وطيلة السنوات الماضية لم تشهد أي حراك حكومي لضمها للمحافظات المنتجة، إلا بخطوات بسيطة تضمنت الاستكشافات لمنطقة السلمان، وحقل أريدو المشترك مع محافظة ذي قار، والذي تقدر احتياطاته بـ8 مليارات برميل، بحسب الخبير النفطي علاء الأسدي.
ويقول الأسدي في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "حين تتمكن المثنى من إنتاج 100 ألف برميل نفط يوميًا فسوف يكون بإمكانها إنشاء شركة تسمى شركة نفط المثنى وفقًا للدستور العراقي، مبينًا أنه "الآن لا يوجد أي حقل منتج في المثنى يؤهلها لذلك".
ويضيف أن "أي محافظة لديها شركة نفطية وتنتج هذا الرقم وأكثر، هي تسعى من ذلك للفائدة بالحصول على (البترودولار) التي كانت سابقًا تقدر بدولار واحد عن كل برميل نفط، والآن أصبحت 6 دولار عن كل برميل يسلم للحكومة الاتحادية".
من جهته، يبيّن وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج كريم حطاب، أن "تعاقد وزارة النفط مع الشركة الروسية للاستكشاف يهدف إلى تقدير الموارد الكربونية والصورة الاستكشافية للرقعة النفطية 12 بهدف زيادة الإنتاج من النفط والغاز، وتوفير فرص عمل لأبناء محافظتي المثنى والنجف"، مشيرًا في حديث لـ"ألترا عراق" إلى أن "الشركة الروسية قامت بتخصيص اثنين من فرقها للمباشرة بعمليات المسح الزلزالي لإعداد الدراسة التفصيلية للبنية الجيولوجية وتحديد الصورة التركيبية لحقل السلمان".
ويوضح حطاب، أن "هذه الخطوات الجارية من المؤمل أن تثمر عن استثمارات ستجعلها مصدر أساسي لتحسين الوضع المعيشي للمحافظات الموجودة فيها، فيما لفت إلى أن "النتائج الأولية الواردة من الشركة الروسية إيجابية، وهناك طموح عالي لانعكاس ذلك على الوضع الاقتصادي لمحافظة المثنى لإعلانها نفطية، وما ستمثله من نقطة تحول أيضًا في الصناعات الأسمنتية مستقبلًا لكونها الآن تقود دور كبير في إنتاج الأسمنت العراقي".
وبالحديث عن الأسمنت في المثنى، فهي تعد بصدارة الإنتاج العراقي بمختلف الأنواع لما يتوفر فيها من مواد خام تتمثل بالأحجار الكلسية، فضلًا عن كونها نجحت بجلب المستثمرين لها لتشييد المصانع العملاقة في البادية الكبيرة التي توجد فيها، ما أوصل إنتاجها حاليًا إلى 6 ملايين طن أسمنت.
بالمقابل، يعلق الخبير النفطي حمزة الجواهري، في تصريحات صحافية، حول استكشاف الرقعة 12 في المثنى، قائلًا إن "خطوات وزارة النفط هي لتقصي أبعاد الحقل وكمياته وحدوده، كما أن الشركة الروسية لديها الكثير من الأعمال في العراق بضمنها في إقليم كردستان".
يصل إنتاج محافظة المثنى من الأسمنت إلى 6 ملايين طن
ويشير الجواهري إلى أن "قرار تطوير الحقل مرتبط بوزارة النفط العراقية، حيث أن جولات التراخيص زادت عملية إنتاج النفط الخام، فضلاً عن الإنتاج المتحقق نتيجة الجهد الوطني، وأن التركيز سيكون على تطوير حقول الغاز".
اقرأ/ي أيضًا:
ذي قار.. كيف أدت "محسوبيات الأحزاب" إلى إيقاف المستودعات النفطية؟