15-أكتوبر-2023
الدولار البنك المركزي الدينار انهيار مصرفي في العراق

إجراءات البنك المركزي قد تؤدي إلى انهيار مصرفي في العراق (ألترا عراق)

تفاجأ المتعاملون العراقيون بإجراءات البنك المركزي العراقي في منع تداول العراق عبر الحوالات الداخلة والخارجة من البلاد، واختفاء الدولار من المصارف، فضلًا عن القفزات المتوالية في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار في الأسواق المحلية، وسط تحذيرات من أن تؤدي إجراءات المركزي الأخيرة في تشديد القبضة على الدولار إلى انهيار مصرفي في العراق.

صدم العراقيون بإجراءات نُسبت إلى البنك المركزي العراقي بمنع تداول الدولار عبر الحوالات الداخلة والخارجة من البلاد بدعوى السيطرة على أزمة العملة الأمريكية في العراق

وبالتوازي مع شكاوى زبائن بعض المصارف من عدم تسليمهم الدولار، كان مسؤول في البنك المركزي العراقي يؤكد في تصريح لـ"رويترز" أن الحكومة "ستحظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار اعتبارًا من الأول من كانون الثاني/ يناير 2024"، في خطوة تهدف، بحسب مدير عام إدارة الاستثمار والتحويلات مازن أحمد إلى "وقف الاستخدام غير المشروع لنحو 50% من مبلغ نقدي يبلغ 10 مليارات دولار يستورده العراق سنويًا من البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك".

تصريح المسؤول عن التحويلات في البنك المركزي تسبب بغضب لدى المتعاملين بالدولار سواء عبر المصارف وما يتعلق بالرواتب بالنسبة للقطاع الخاص، أو شراء السلع، والسفر، وغير ذلك، ما دفع ذات المسؤول إلى إصدار بيان توضيحي اتهم فيها "رويترز" بصياغات صحفية غير دقيقة، وقال إن البنك يضمن ودائع الدولار بالنسبة للمواطنين لدى أي مصرف واستلامها نقدًا، مبينًا أن التصريح يقصد أن بداية العام المقبل سيشهد "إيقاف السحب النقدي يشمل الحوالات الواردة فقط من خارج العراق وفق ترتيبات معينة تضمن استدامة الأعمال ولا يشمل بأي حال من الأحوال أرصدة المواطنين بالدولار الأمريكي".

 

أسباب قرار البنك المركزي

في العام الماضي، أنشأ البنك المركزي العراقي منصة لتنظيم التحويلات المصرفية التي تشكل الجزء الأكبر من الطلب على الدولار بغية السيطرة على تذبذب أسعار العملة الأمريكية في الأسواق.

وفي شهر آذار/مارس 2023، أصدر البنك المركزي حزمة ثالثة من إجراءات "تسهيل الحصول على الدولار"، كانت تهدف إلى السيطرة على أسعار الصرف في السوق الموازي ومنع تفاقم الأزمة، واكتفى بتلك الحزم قبل أن يلجأ إلى ما يمكن تسميته "محاصرة الدولار".

وحول الإجراءات الأخيرة، يقول الخبير الاقتصادي خطاب الضامن إن "البنك المركزي العراقي لجأ أخيرًا إلى تطبيق نظام الرقابة على الصرف بسبب أزمة ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الدينار في الأسواق الموازية"، مبيناً أن "البنك المركزي استحوذ على كافة التحويلات الداخلة إلى العراق بالدولار الأمريكي، والدفع للمستفيدين منها بالدينار العراقي وفق سعر الصرف الرسمي وهو 1320 دينارًا لكل دولار، رغم أن سعر الصرف في الأسواق يتجاوز 1600 دينار لكل دولار".

وفي حديثه لـ "ألترا عراق"، يضيف الضامن، إن "النظام الجديد أضر بحقوق أصحاب التحويلات الداخلة إلى العراق بالدولار الأمريكي، نتيجة لحصولهم على أسعار صرف رسمية أقل من أسعار الصرف الموازية في السوق العراقية، في المقابل يحصل البنك المركزي على التحويلات الدولارية مقابل سعر الصرف الرسمي بالدينار العراقي".

استحوذ البنك المركزي العراقي على تحويلات الدولار إلى العراق وصرفها بالدينار وبالسعر الصرف الرسمي

جاء تنفيذ هذا النظام من قبل البنك المركزي العراقي، بحسب كلام الضامن، في محاولة لزيادة احتياطات البنك المركزي من الدولار الأمريكي، في ظل أزمة تنامي الطلب على الدولار لأغراض الاستيراد والعلاج والسفر والتهريب وغسيل الأموال.

ويتوقع الخبير الاقتصادي، أن يؤدي تطبيق هذا النظام إلى زيادة الطلب على الدولار في الأسواق العراقية، نتيجةً لانخفاض الكميات الدولارية التي كانت تتدفق إلى الأفراد والشركات من التحويلات الخارجية، معتبرًا أن هذا القرار لا يتناسب مع ظروف دولة نفطية مثل العراق تتجاوز صادراتها من النفط الخام 90 مليار دولار سنويًا.

ووفقًا لحديث الضامن، فإن تحقيق التوازن في أسعار الصرف يتطلب رسم وتنفيذ سياسات اقتصادية تستهدف السيطرة على أسباب ارتفاع الطلب على الدولار وارتفاع أسعاره في الأسواق الموازية، وهي انهيار قطاعات الإنتاج الحقيقي في العراق (القطاع الزراعي وقطاع الصناعة التحويلية) للتقليل من الاستيرادات المتنامية والتي تجاوزت 18 مليار دولار سنويًا حسب إحصاءات عام 2022، بالإضافة إلى الطلب على الدولار لأغراض التهريب وغسيل الأموال، وليس السيطرة على الأرصدة المحولة من الخارج، في بلد يتمتع بإيرادات نفطية مرتفعة حاليًا.


 

اختفاء الدولار!

في المقابل، يقول مصدر في أحد مصارف بغداد الأهلية، إن "المصارف الأهلية والحكومية في بغداد والمحافظات بدأت بتنفيذ قرارات البنك المركزي بشأن عدم التعامل بالدولار واعتماد الأسعار الرسمية للدينار في الحوالات".

شهدت المصارف العراقية شحة كبيرة من حصصها الدولارية ما تسبب بأزمة مع المتعاملين

ويشير المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن أسمه لأسباب وظيفية، خلال حديثه لـ "ألترا عراق"، إلى أن "البنك المركزي بدأ بتقليل حصص المصارف من الدولار عبر منافذ بيع العملة في خطوة لتطبيق إجباري للتعليمات الصادرة عنه".

ويؤكد المصدر، وجود "شحة كبيرة شهدتها المصارف" خلال الفترة الأخيرة، "الأمر الذي ولد مصادمات ومشادات كلامية بين المصارف في بغداد والمواطنين الذين وجدوا أنفسهم لا يستطيعون سحب حوالات ودائعهم بالدولار".

ويلفت المصدر، إلى "مشكلة تتمحور حول إجراءات البنك المركزي الأخيرة وهي قضية الكتلة النقدية في البلاد والتي تقدر بـ 85 مليار دينار وبالتالي أن هذه السيولة غير كافية لسد التعاملات المالية للحكومة التي كانت تعتمد على سحب الدينار مقابل الدولار الأمر الذي يسمح لها بتوزيع الرواتب وسد الاحتياجات الأخرى".

وشكا متعاملون في العراق، يتقاضون رواتبًا بالدولار، من عدم تسلّمهم لما يتقاضوه كما تنص عقودهم، بسبب قرار حكومي يقضي بالتعامل بالدينار العراقي، سواء للعراقيين أو الأجانب الذين يتسلمون رواتبهم من شركات أو منظمات غير عراقية. 

 

 

تحذير من قفزة بأسعار الصرف وانهيار مصرفي

"الإجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي بخصوص أزمة الدول متخبطة وفاشلة وجاءت بسبب ضغط الشارع والحكومة"، هكذا يصفها الخبير الاقتصادي، همام الشماع، خلال حديثه لـ "ألترا عراق".

انهيار مصرفي في العراق قريبًا مع منع الحوالات الخارجية

ويضيف الشماع، قائلًا إن "المركزي لجأ لهكذا إجراء بسبب الضغوط من قبل البنك المركزي الفيدرالي الاميركي الذي أكد على العراق أهمية عدم ذهاب الدولار إلى إيران"، مبينًا أن "بسبب تطبيق الإجراءات الجديدة للبنك المركزي سيشهد الدولار قفزة كبيرة في السوق نتيجة لهذه السياسات المتخبطة".

تحذير من انهيار مصرفي في العراق، أطلقه الشماع، إذ قال إن "منع الحوالات الخارجية من قبل القطاع المصرفي سيؤدي إلى انهيار القطاع المصرفي قريبًا كونه هو بالأساس يعتمد على تداول وتحويل الدولار"، مشيرًا إلى أن "هذه الإجراءات ستعمل على زيادة الفجوة بين المواطن والمصارف الأمر الذي سيؤثر تأثير كبير على القطاع المصرفي في العراق".

وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن عجز المصارف عن تسليم حوالات الدولار للمستفيدين في العراق "سيؤدي لعدم تشجيع الحوالات المالية من الخارج مستقبلًا"، ووهو إجراء "ليس بصالح الاقتصاد العراقي وسيؤثر على التعاملات المالية تحديدًا".