الزمان هو مطلع العام 2013، أما المكان، فإحدى القرى الزراعية بمحافظة واسط، حيث ينهمك عمّال شركة للمقاولات بمشروع خدمي. العمل يسير بقدم عرجاء ويثير غضب الأهالي لبطء التقدم، لكن حياة أحدهم كانت تمضي سريعًا نحو لحظة ستغيّرها إلى الأبد.
سائق وجد بالمصادفة مسكوكات ذهبية ونفائس تعود إلى عصر الإمبراطورية الساسانية التي حكمت العراق بين 250 ـ 612 م، اختفى السائق وغاب معه تاريخ كان يمكن أن يكون رمزًا ثقافيًا مفيدًا لبلاد مفكّكة!
تنتشر الآليات في أرجاء الموقع، تشق طريقها بأطرافها الفولاذية دون علم، في الأرض الرخوة، تقترب من حدود إمبراطورية قديمة، وتستمر الأعمال دون توقف. على حين غرة يترجل أحد سائقي آليات الحفر العاملة في الموقع من مركبته، بعدما أجبره اصطدام ذراع الآلية بما يشبه الجدار في عمق تجاوز الخمسة أمتار، على إيقاف عمله والنزول، مشى خطوات قليلة، ثم اختفى حتى اليوم.
إمبراطورية بلا حرس تتعرض للنهب!
بضع دقائق تمضي، وآلية الحفر التابعة لشركة "نور الأفق" للمقاولات تعمل والسائق ليس داخلها، وتتناثر قطع كثيرة من عملة نقدية في الأرض، كان السائق قد حصل على حصة الأسد منها، جرة مليئة بالقطع النقدية لإحدى العملات التاريخية، غادر مسرعًا واختفى عن الأنظار وبحوزته ما يقدر بآلاف الدولارات، "ربما غادر البلاد".
اقرأ/ي أيضًا: آثار العراق بين "سقوطين".. إهمال الحكومة شاهد ثالث!
بعدها بوقت قصير تجمع الأهالي حول الحفرة التي أحدثتها ذراع اللآلية، ما زالت القطع النقدية الأثرية مبعثرة في الارض، لتبدأ عملية الاستحواذ عليها، يقول "أبو علي"، وهو يستعيد ذاكرته إلى حادثة اكتشاف موقع أثرى بإحدى قرى قضاء العزيزية، أثناء عملية إنشاء مشروع المجاري الثقيلة.
تتحرّك دوريات من الشرطة المحلية للموقع الأثري المكتشف بالمصادفة، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من "المسكوكات الذهبية"، فتتمكّن من استعادة 65 مسكوكة فقط من أصل جرّة حبلى بأكثر من 110 قطع ذهبية، وغيرها من النفائس والقطع الأثرية، يؤكد قائممقام القضاء السابق، علي هليل.
يوضح أستاذ قسم التاريخ في جامعة واسط، طالب منعم حبيب، أن "المسكوكات الذهبية والنفائس التي ضاع أغلبها بين السائق الذي تحول سرابًا وأيدي الأهالي، يعود تاريخها إلى عصر الإمبراطورية الساسانية التي حكمت العراق أعوام 250_612 م".
الطريق إلى 45 قطعة ذهبية مفقودة من العملة الساسانية
تعقب "ألترا عراق"، طريقًا شائكة محفوفة بالكتمان لمعرفة مصير المسكوكات الذهبية المفقودة.
القطع الـ 45 من أصل الـ110 من العملة الأثرية الساسانية والتي عُثر عليها، سرعان ما اختفت تحت ركام من الروايات الرسمية وروايات الأهالي، وسط تحفظ حكومي.
أضاف هليل "عندما بدأت عملية الاستيلاء على القطع الذهبية، قمنا بمتابعتهم للتوصل إلى القطع المفقودة، لكن دون جدوى، تناقل الأهالي نبأ العثور بالمصادفة على المسكوكات، فيما تجمع الآخرون حول الموقع للحصول على ما يمكن من القطع أو غيرها من الكنوز"، لافتًا إلى أن المسكوكات كانت تملأ الأرض "أنا شخصيًا في اللحظات الأولى عند اكتشاف الموقع الأثري عثرت على بعضها في المكان، وقمت بتسليمها للسلطات على الفور".
أشار إلى أنه "كان من الأجدر بالسلطات الشروع بالتحقيق من السائق، أو مطالبة الشركة بإحضاره، أو رفع شكوى ضدها، لأن المنطقة أثرية، ويجب أن يكون العمل فيها على مستوى عالٍ من الحذر"، الأمر الذي أطلق صافرة سباق النبش في آثار المحافظة.
أكثر من 1000 موقع أثري عرضة لـ"لنبش والسرقة"
حفزت حادثة اكتشاف الموقع الأثري بالمصادفة الكثير من الباحثين عن المواقع الأثرية، الذين بدأوا سباقًا للحصول على النفائس، حتى بات البحث عن التلال وحفرها مغامرة بالنسبة للكثيرين، طمعًا بالكنوز المطمورة.
يؤكد مصدر في هيئة السياحة بمحافظة واسط، أن "المئات من المواقع والتلول الأثرية تتواجد في عمق أمتار قليلة تحت سطح الأرض، ومن أصل أكثر من 1000 موقع وتل أثري موجود، اكتفت الحكومة المحلية بتسجيل 450 موقعًا فقط، دون تنقيب أو حماية تذكر".
ومع كثرة التلول الأثرية المتنشرة على خريطة المحافظة، والحماية الخجولة التي تكاد تكون معدومة، تتتعرض المواقع غير المنقبة بين الحين والآخر للحفر والسرقة، ليتم بيع محتوياتها في الأسواق السوداء بأسعار زهيدة، فيما يصل بعضها إلى أيدي التجّار فتهرّب خارج البلاد، يضيف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بوظيفته.
وتنص المادة (40) من قانون الآثار والتراث رقم (55) لسنة 2002، على "عقوبة بالسجن لمدة لا تقل عن (7) سنوات، ولا تزيد على (15) عامًا، لمن سرق أثرًا أو مادة تراثية في حيازة السلطة، وبتعويض مقداره (6) أضعاف القيمة المقدرة للأثر أو المادة التراثية في حالة عدم استردادها"، في وقت تعلن شرطة محافظة واسط بين الحين والآخر، القبض على مهربين ومصادرة قطع أثرية.
كانت مديرية الاستخبارات العسكرية، قد أعلنت يوم 12 آذار/مارس الماضي، إحباط عملية كبيرة لتهريب الآثار من المحافظة، وبعملية وصفتها بـ"الاستباقية" استندت لمعلومات استخبارية دقيقة تمكنت من "اختراق" عصابة لتهريب القطع الأثرية وإحباط "أكبر" عملية تهريب للآثار.
أضافت المديرية أنها "ضبطت المهربين وبصحبتهم 22 قطعة أثرية على شكل تماثيل نادرة تعود للعصور القديمة، و6 قطع من أحجار النيزك النفيسة، إضافة إلى 4 قطع من العملة النقدية"، ومع أن مديرية الاستخبارات العسكرية، أكدت في بيانها أن "المهربين أحيلوا للقضاء"، لكن مهربين آخرين يتنظرون هطول المطر للحصول على القطع الأثرية.
مئات المواقع "لاتعلم بوجودها الحكومة".. كنوزها متاحة للجميع!
يقول أستاذ قسم التاريخ طالب منعم حبيب، إن "محافظة واسط كانت قد شهدت استيطانًا بشريًا يرجع لآلاف السنين، منذ العصر الحجري المعدني، والذي يبدأ في العراق من (5600) حتى (3500) قبل الميلاد، وصولًا للدولة الأموية ومابعدها"، مضيفًا أن "تعاقب التجمعات البشرية على السكن في هذه البقعة، سهلة الجغرافيا والغنية بمتطلبات الاستيطان البشري، تركت الكثير من المواقع الأثرية المسجلة رسميًا، والتي تنتشر بعموم أقضية المحافظة، لكن غالبيتها العظمى لم ينقب حتى الآن، ويعاني الإهمال، دون حماية تذكر".
تابع حبيب في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "المواقع المثبتة رسميًا، كانت قد سجلت على ضوء مسوحات أجريت في السبعينيات من القرن الماضي، ومع أي عملية مسح حديثة، ستضاف الكثير من المواقع الجديدة إلى تاريخ واسط"، مؤكدًا أن "الكثير من المواقع والتلول الأثرية، لا تعلم بوجودها حكومة المحافظة المحلية، ولا حتى وزارة السياحة والآثار".
حصل "ألترا عراق" على جدول مسح، يظهر أعداد المواقع الأثرية في واسط، إضافة إلى الأماكن غير المنقبة في المحافظة، التي تعد مواقع سهلة لجني الكثير من الأموال بعد حفرها وبيع محتوياتها التي لا تقدر بثمن.
أشار حبيب في حديثه إلى أنه قام بإعداد "دراسة تفصيلية عن أهمية المواقع والتلول الأثرية غير المنقبة، والتي تتعرض لعملية حفر ونهب غير مسبوقة"، مؤكدًا "طالبت بتخصيص جهاز من الشرطة لحمايتها، أو على الأقل حماية المواقع المهمة والمعروفة، التي أتيقن وجود مدن تاريخية تحتها، كمواقع "تل الدير" و"تل الولاية" و"تل البقرات" و"التل النجمي"، لكن الجهات المعنية في الحكومة المحلية تحججوا دائمًا بعدم وجود الإمكانيات".
حصل "ألترا عراق" على صورة لهذه القطعة الأثرية، التي بيعت في وقت سابق، بعدما عثر عليها أحد السكان المحليين في تل أثري لا تعتقد السلطات بوجوده.
عرض أحد "السماسرة" شرائها بمبلغ 15 دولارًا فقط، فلم يتردّد صاحبها في البيع، لأنه يجهل تمامًا كمية "الدولارات" التي تساويها، كما أنه لا يعرف ما تعني لبلاد تعرّضت لأكبر عملية نهب في تاريخها ورموزها الحضارية، يؤكد أحد المقربين من البائع، بعدما رفض كشف هويته لأسباب أمنية.
من جانبه رجح استاذ التأريخ، أن تكون القطعة، أحد الأختام المستخدمة من قبل الإمبراطوريتين اللتين حكمتا العراق خلال عصور ما بعد الميلاد، وامتد حكمهما لواسط حتى حروب التحرير الإسلامي سنة 612 م، وهما الإمبراطورية الفرثية وبعدها الساسانية.
سيول الأمطار تسهل المهمّة وتجرف القانون بعيدًا
يعرف أغلب سكان القرى عند أطراف المدن بمحافظة واسط، أماكن المواقع الأثرية، وقد يبدو للزائر الغريب عن المنطقة، أن بعض التلول ليست ذات أهمية، لكن السكان هنا متيقنون بأن تحت هذا التل أو ذاك توجد "كنوز" مدفونة.
امتنع أغلب الأهالي ومن توصلنا إليهم بالحديث عن التلول الأثرية، أو حتى عن مشاهداتهم العابرة، والتي يسمعون بشأنها عادةً "الخوف من القانون قد يودي بحياتك خلف القضبان بتهمة تهريب الآثار" هكذا أجاب بعضهم.
جميع التلول المنتشرة يمكن حفرها واستخراج القطع الأثرية منها بسهولة وفي حال البحث البسيط تحتها ستظهر الآثار التي توثق ما مر على هذه الأرض من حضارات وسلالات بشرية متعدّدة
يقول (م ع)، إن "جميع التلول المنتشرة يمكن نبشها واستخراج القطع الأثرية منها بسهولة" مبينًا أن "أغلب التلول المعروفة، وفي حال البحث تحتها بشكل بسيط، ستظهر آثارها".
أجرى "ألترا عراق" جولة على معظم المواقع الأثرية في المحافظة، قبل موسم الأمطار وبعده، ووثق مشاهد واضحة من انكشاف المواقع المنتشرة في واسط.
وتظهر الصور أن المواقع الأثرية غير محمية أمنيًا من خطر النبش والسرقة، أو فعل السيول والأمطار، التي توفر عناء البحث عنها.
من جانبه، أكد المزارع (ت ن) "منع من يقومون بالحفر الذين يظهرون بين الحين والآخر الطامعين بالكنوز، من الوصول إلى الموقع الأثري في أرضه الزراعية".
ومع منعه إياهم، يأتي من يحفرون الآثار بهدف "استطلاع الأراضي المفتوحة بعد كل يوم ممطر، حيث تعمل الأمطار القوية ومياه السيول، على توفير الجهد للنابشين بكشفها القطع الأثرية القريبة من سطح الارض، ليبادروا بجمعها"، مشيرًا إلى أن "الكثير من "المسكوكات الذهبية يتم العثور عليها من وقت لآخر، خاصة مع الشتاء وأمطاره، بعد بروز محتويات وملامح المواقع الأثرية المبعثرة".
ولا يعد اكتشاف القطع الأثرية بعد سقوط الأمطار أمرًا نادرًا، ففي محافظة بابل الممتدة مع واسط، أعلنت السلطات المحلية خلال شهر شباط/فبراير الماضي، العثور على "75 قطعة أثرية متنوعة جرفتها سيول الأمطار، عبارة عن أواني فخارية وقطع نقدية، وأخرى معدنية تاريخية".
تجار الآثار أكثر "ثروةً وأمنًا" من الحكومة!
تسترجع حكومة واسط المحلية بين الحين والآخر، قطعًا أثرية يسلمها بعض الأهالي بأنفسهم، بعد وقوعها بين أيديهم عن طريق المصادفة.
وأعلنت الحكومة المحلية، في وقت سابق، استرجاع أكثر من "700 قطعة أثرية مختلفة الأنواع"، سلّمها الأهالي إلى السلطات، التي تبادر بمكافأة من يسلّم قطعة أثرية.
اقرأ/ي أيضًا: نوتردام والثور المجنح.. لماذا سكت العالم عن "اغتصاب بلاد الرافدين"؟
وتجيز المادة 19 من قانون الآثار للسلطة "منح المكتشف أو الذي علم بالإكتشاف مكافأة مناسبة عن قيامه بالإخبار بذلك، ولا تقل المكافأة التي تقررها اللجنة الفنية عن قيمة مادة الأثر إذا كان من الذهب أو الفضة أو الحجارة الكريمة، بغض النظر عن قدمه أو صنعته أو قيمته التاريخية أو الفنية".
لكن أحد المزارعين، الذي سلّم الحكومة المحلية "8 قطع أثرية" في سنوات سابقة، أكد "عدم حصوله على أي تعويض".
أضاف المزارع الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "بعض الأهالي يبادرون إلى بيع القطع التي تقع بين أيديهم، في الأسواق السوداء، بعد اليأس من استحصال شيء مقابل تسليمها للجهات المعنية"، لافتًا إلى أن "الكثير من القطع التي يُعثر عليها على مدار السنة تكون من حصّة التجّار والمهربين، لأنهم يدفعون الأموال فورًا، على عكس الحكومة، إضافة لخوفهم من اعتبارهم سارقين بعد تسليمها".
أشار إلى أن "أحد معارفه سلّم خمس قطع وحصل على صك فقط، دون صرف الأموال، بدعوى أن الوزارة لا تملك الأموال الكافية لصرف مكافآته عن القطع جميعها، خاصة وأن القطعة الواحدة من قطعه الخمس، قيمت بتعويض قدره 3 ملايين، كما أخبروه وقت التسليم".
حكومة واسط: ليست مسؤوليتنا
تقول حكومة واسط الحالية، إن عمليات النبش والتهريب "تراجعت خلال السنتين الماضيتين، بشكل كبير، بعدما كانت الآثار تُهرب إلى السعودية عن طريق البادية عبر محافظة المثنى".
المواطنون بدأوا يشعرون بالخطر الآن ويسلّمون القطع الأثرية إلى الحكومة المحلية على عكس السابق عندما كانت الآثار تهرّب إلى السعودية
بدأ المواطنون يشعرون بالخطر ويبادرون لتسليم القطع فور الحصول عليها، بفعل القرارات الصارمة التي اُصدرت مؤخرًا، والتي تعامل المهربين كما تعامل المتهمين بالإرهاب، حتى أن أحد المواطنين أعاد قبل ما يقارب الشهر، أكثر من 100 قطعة أثرية"، يقول مدير المكتب الإعلامي لمحافظ واسط، رياض العكيلي.
اقرأ/ي أيضًا: هل يمهد هولاند لـ"امتلاك" آثار العراق وسوريا؟
لكن العكيلي عاد وأكد لـ"ألترا عراق"، أن المواقع الأثرية "خارجة عن سلطة الحكومة المحلية، وتتبع بشكل مباشر إلى وزارة السياحة والآثار، المعنية بتوفير الحماية لها وتسييجها"، مبينًا أن "المحافظة دعت لأكثر من مرّة إلى استثمار مناطق الآثار وتطويرها وتأهيلها، وخصوصًا مدينة واسط الأثرية، التي تعرّضت لتخريب وتهريب".
تابع أن "أغلب مواقع الآثار داخل أراض تابعة للحكومة المركزية، منقسة بين وزارتي السياحة والآثار، والنفط، وهناك تداخل بين الوزارتين، فموقع تل البقرات الأثري يقع ضمن أراضي وزارة النفط، بدعوى احتوائه على النفط غير المستخرج".
قادة أمريكان سرقوا حكومة كلكامش والبرلمان فضل عدم إزعاجهم!
يعود أستاذ قسم التاريخ بجامعة واسط، إلى ما قبل عام 2003، عندما كانت عملية حفر التلول الأثرية والمواقع وسرقة القطع "محدودة وعلى نطاق ضيق".
"بحكم تعاملي مع الآثار منذ العام 1973، لم أسمع بعملية نبش لأحد المواقع أو سرقتها، رغم أنها لم تكن محمية بشكل جيد، الفرق بين الماضي والحاضر هو شدة القانون وقساوته مع سراق الآثار ومهربيها"، يؤكد حبيب.
أضاف أن "الاحتلال الأميركي للبلاد بعد 2003 ساهم كثيرًا بتعرّض المواقع الأثرية للنبش والسرقة"، مبينًا أن "ضباط جيش الاحتلال الأمريكي مع البريطانيين كانوا يشجعون الأهالي على نبش المواقع، وكان الأمريكان يشترون الأختام الإسطوانية والتماثيل والقطع الأثرية بأثمان بخسة من الأهالي، بضمنها ختم يعود إلى حكومة كلكامش، وسط جهل الأهالي بعمر وقيمة هذه الآثار بالنسبة لبلادهم".
وأكد نقله هذه الممارسات لرئيس الملحق الثقافي في السفارة الأمريكية في أوآخر سنة 2016 في أحد الاجتماعات التي دعي لحضورها برفقة عدد من الباحثين الآثاريين، لافتًا إلى أنه "بعد نهاية الاجتماع، قال لي أحد نواب البرلمان وقتها باستياء شديد: "كيف تتكلم مع الملحق الثقافي بهذه الطريقة المزعجة؟!".
الأمر الذي يؤكد أن المادة 37 من قانون الآثار والتراث التي تحث "السلطة الآثارية العمل على إعادة الآثار العراقية المسروقة من خارج العراق بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية وبالطرق القانونية والوسائل الدبلوماسية الممكنة"، غير معمول بها.
كان ضباط الجيش الأمريكي مع البريطانيين يشجعون الأهالي على نبش المواقع، وكانوا يشترون الأختام الإسطوانية والتماثيل والقطع الأثرية بأثمان بخسة من الأهالي، بضمنها ختم يعود إلى حكومة كلكامش
حتى وقت كتابة التحقيق ما يزال سائق الآلية الذي تلاشى عن الأنظار وبصحبته عشرات القطع من العملة الذهبية الساسانية في جهة مجهولة، ومع استمرار الإهمال الذي يطال المواقع الأثرية، يفضل حبيب: "بقاء الآثار مطمورة تحت الأرض، أفضل من خروجها وتعرّضها للسرقة، أو المعاملة البائسة"، في إشارة إلى الإهمال الذي شمل حتى القطع المعروضة للعلن.
اقرأ/ي أيضًا:
بإهداء نبوخذ نصر ورسوم الآلهة البابلية.. قطعة عمرها 3000 عام تعود إلى العراق