14-يوليو-2021

تُتهم جماعات مسلحة بأنها الراعية لعمليات تهريب المشروبات الروحية (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

بعد أكثر من عقد ونصف على منع بيع المشروبات الكحولية في محافظات الوسط والجنوب، افتتح أول متجر بإجازة قانونية لبيع المشروبات الكحولية في مدينة الكوت مركز محافظة واسط، إذ كانت عمليات توريد المشروبات الكحولية خلال فترة المنع تتمّ بواسطة تجار متخفين، وبتخادم مع القوات الأمنية وجماعات مسلحة متنفذة، ما يجعل أسعارها مضاعفة ونوعياتها رديئة، بحسب مواطنين.

القانون ينص على أن يكون صاحب إجازة المتاجرة بالمشروبات الروحية من غير الديانة الإسلامية وهذا ما حصل في واسط

 وكان قد صدر قرار في آذار/مارس 2010 من مجلس محافظة واسط، يقضي بمنع بيع وتناول الخمور، وأشار بيان للمجلس وقتها إلى "إبلاغ حواجز التفتيش بمنع إدخال المشروبات الكحولية إلى المحافظة، ومصادرة الكميات التي يتم ضبطها"، فيما وجه المجلس بحسب البيان "إحالة المخالفين إلى المحاكم الجزائية لمعاقبتهم، وفرض غرامة قدرها خمسة ملايين دينار عراقي (4270 دولارًا وقتها)، على كل شخص يصنع أو يبيع أو يشرب الكحول في مكان عام أو يستورده إلى المحافظة".

اقرأ/ي أيضًا: محال الخمور بين التنظيم والرضوخ لـ"أهل العبوات".. من يحكم بغداد بعد العاشرة؟

وبالرغم من ترحيب شريحة كبيرة من الشارع الواسطي، بهذه الخطوة، والتي تنوعت  بين متناولي المشروبات وبين آخرين يعدونها خطوة لتنظيم عملية البيع وإنهاء انتشار البائعة غير القانونيين في الأحياء السكنية وتسببهم بمشاكل كبيرة، فضلًا عن كون الإجراء يصنف ضمن العوامل المساعدة على الحد من استهلاك المخدرات التي غزت المحافظة بشكل كبير، لكن رجل الدين محمد الدلفي دعا إلى التحشيد لوقفة شعبية ضد القرار، وقال في تدوينة على صفحته في "فيسبوك" وتابعها "ألترا عراق"، "نرفض بجميع كلمات الرفض فتح متجر لبيع الخمور في مدينة الكوت، وحرمتها من ضروريات الدين الإسلامي بنص القران الكريم ولا يمكن السكوت عليها".

لكن آراءً على وسائل التواصل الاجتماعي كانت في غالبيتها تحاجج الدلفي بـ"الدستور والقانون" الذي سمح بفتح محال بيع المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى مطالبة هذا الفريق بالاحتجاج على انتشار المخدرات والضغط على القوات الأمنية لمواجهته بجدية، على حد تعبيرهم، وقال كنان الأسدي، إن "المكان الذي وافقت السلطات على فتح متجر لبيع المشروبات الكحولية فيه يقع في طرف المدينة، ما يفند الادعاءات حول الضرورة الاجتماعية، خاصة وأن متناولي المشروبات يحصلون عليها من موارد متعددة خلال فترة المنع"، مستشهدًا بـ"بوضع العاصمة بغداد التي تحتوي على عدد كبير من مراقد الأولياء الصالحين، وبالوقت نفسه، يوجد فيها نوادي ليلية ومحال لبيع المشروبات الكحولية".

وأضاف الأسدي، خلال رده على الدلفي، أن "تجارة المشروبات الروحية وتحت الضوابط وتدقيق الجهات الرقابية هو الأفضل، والدستور والقانون يحميان الحريات العامة والخاصة، ومنها بيع الكحول وتناولها، بما لا يخالف نصوص القانون والتعليمات، ومثلما حضرتك لك مطلق الحرية بممارسة حرياتك، الآخرون كذلك لهم الحق تحت غطاء القانون"، متسائلًا: "من أنت حتى تمنع، وتكون وكيلًا عن الله وتتحدث باسمه، نبي أنت أم إمام؟".

فيما وجه علاوي هميل، حزمة تساؤلات إلى الدلفي، وقال "هل طالبت بالخدمات لحي الجهاد الذي تعيش فيه، طالبت بالكهرباء، وطالبت بالبطالة، والفساد المستشري، ودم الشهداء، والخريجين والشهادات العليا"، مضيفًا: "طوال حياتي لم أتناول المشروبات ولم أدخن، لكن هناك أولويات يجب أن نطالب بها وليس بيع الخمر".

فيما استغرب آخرون عدم الحديث بالموضوع سابقًا بالرغم من وجود منطقة تعتبر مصدرًا للمشروبات الكحولية والمخدرات، وهي أشبه بمنطقة "البتاوين" في العاصمة بغداد، فيما تتعالى أصوات الرفض بالرغم من حصول صاحب المتجر على الموافقات القانونية التي تسمح ببيع وتناول المشروبات الكحولية بما لا يتعدى النصوص القانونية ويخالفها.

بدوره، يقول ضاري علاء، إن "المناطق الجنوبية المقدسة منها والاعتيادية، يمنع القانون فيها المتاجرة بالمشروبات الروحية، وهذا لم يمنع أن تكون مشاعة، لكن بنوعيات رديئة وأسعار مضاعفة، وهذا ما يجعل محتسيها وغالبيتهم من الطبقة الفقيرة، إلى ارتكاب جرائم السرقة لتوفير الأموال، أو اللجوء للبدائل وهي المخدرات والمؤثرات العقلية"، لافتًا إلى أن "عدم وجود السيطرة النوعية من قبل الجهات الرقابية المختصة إثر المتاجرة غير الشرعية يساهم بانتشار البضائع المغشوشة، وهي ذات نتائج سلبية أكثر فيما لو كانت تتم وفقًا للقانون".

وأضاف علاء وهو صاحب خبرة في مجال التجارة في المشروبات الكحولية، في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "وجود المنافذ غير الرسمية في المنازل وداخل الأحياء السكنية يسبّب المشاكل داخل الأحياء، لكون عملية البيع غير رسمية، وتسبّب الإزعاج للسكان، ناهيك عن تردد المتبضعين"، ويعتقد علاء أن "السماح بالمتاجرة وفقًا للقانون يساهم بشكل كبير في الحد من تعاطي المخدرات".

وحول جدلية المادة الثانية/أولًا في الدستور "الإسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس للتشريع"، يقول علاء إن "القانون ينص على أن يكون صاحب إجازة المتاجرة بالمشروبات الروحية من غير الديانة الإسلامية، وهذا ما حصل في الكوت"، لافتًا إلى أن "وجود مكان قانوني محاط بقوة أمنية لحمايته تمنح الشرطة المجتمعية ومكافحة المخدرات مساحة عمل جيدة للمراقبة".

تُتهم جماعات مسلحة بأنها الراعية لعمليات تهريب المشروبات الروحية

من جهة أخرى، تداولت منصات في الفيسبوك "شبه رسمية"، خبرًا حول عزم قائممقام مدينة الكوت، إزالة المنازل المتجاوزة في منطقة سيد هشام بسبب تحولها إلى مركز للدعارة وبيع المشروبات الكحولية والمخدرات، بحسب المنصات، وهذا ما يثير التساؤل حول مدى التنسيق بين صاحب الإجازة والجهات الأمنية وجماعات مسلحة متنفذة، تتهم بأنها الراعية لعمليات تهريب المشروبات قبل الإجازة، بحسب عديدين. 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

طريق الكحول إلى العراق.. تجارة تحكمها ميليشيات دينية وأحزاب سياسية

شرب الخمر "جريمة" في جنوب العراق.. مزاج "الخصوصيات" فوق الدستور!