04-فبراير-2023
جعفر عبد الكريم

مقدم برنامج "جعفر توك" في زيارة سابقة إلى العاصمة بغداد (يوتيوب)

الترا عراق - فريق التحرير

بينما يحاول رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إقناع الشركات الألمانية للاستثمار في العراق وتعزيز التعاون بمختلف أشكاله مع ألمانيا، وفق ما ترجمه خلال زيارته إلى برلين الشهر الماضي، قادت إحدى أكبر وأبرز المؤسسات الإعلامية الألمانيّة المتمثلة بـ "دويتشه فيله" حملة غاضبة من بغداد بفعل ما تعرض له أحد أكثر إعلاميها العرب شهرةً وجدلًا، جعفر عبد الكريم.

اتهمت مؤسسة "دويتشه فيلا" الألمانية الحكومة العراقية بتهديد مقدم برنامج "جعفر توك" ومنعه من بث حلقة من حديقة الزوراء

كان عبد الكريم، الذي يقدم البرنامج المثير للجدل "جعفر توك" يستعد لإقامة حلقة حواريّة في متنزه الزوراء بالعاصمة بغداد، في 2 شباط/فبراير الجاري، قبل أن يعلن إلغاء التصوير ومغادرة العراق على خلفية تعرضه لـ “تهديدات شعبيّة وحكوميّة".

ونشر عبد الكريم صورة للمنصة والمقاعد المهيأة في حديقة الزوراء في بغداد، الخميس الماضي، معلنًا إلغاء الحلقة لـ "أسباب خارجة عن الإرادة"، مضيفًا: "سلامتكم وأمنكم يهمنا. قريبًا سنخبركم بالمزيد".

عبد الكريم كرر نشر أكثر من تغريدة تتعلق بالموضوع، حيث قال في تغريدة أخرى: "اليوم أشعر حال الكثيرين من الصحفيين والصحفيات والناشطين والناشطات في مجال حقوق الإنسان والحريات في العراق".

وأضاف، "ممكن أن تهدد برنامجنا، لكن لا يمكن أن تهدد جيل يؤمن بالحرية وحقوق الإنسان. حوارنا مستمر مع العراقيين والعراقيات".

من جانبها، انتقدت محطة "دويتشه فيله - DW"، الحادث، وعدته "تعديًا غير مقبول على حرية الصحافة".

وبحسب "دويتشه فيله"، فإنّ الحلقة كانت معدّة لمناقشة قضية بطالة الشباب، والمشاركة السياسية، وحقوق المرأة، باستضافة ممثلين عن الحركة الاحتجاجية التي شهدتها بغداد ومحافظات عراقية ضد البطالة والفساد، والتي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، بالإضافة إلى ممثلين عن الحكومة العراقية، وبوجود 50 ضيفًا.

المؤسسة اتهمت أيضًا أنّ وسائل إعلام محليّة بـ "منع جعفر توك من تصوير حلقته في بغداد"، بعرض مقاطع فيديو لحلقات سابقة لـ "جعفر توك" تناقش قضية "المثليّة الجنسيّة".

 فضلًا عن ذلك، يقول جعفر وفريقه أنّهم "تعرضوا تدريجيًا لضغوط أكبر من قبل مسؤولين عراقيين. فقد طلبت فجأة هيئة الإعلام والاتصال العراقية التابعة للدولة تصريحًا خاصًا من الفريق لتصوير الحلقة، رغم أنّ مثل هذه التصاريح يقدمها ويحصل عليها شركاء مؤسسة DW في العراق"، بحسب المؤسسة.

المؤسسة الألمانية قالت كذلك، إنّ "ممثلًا عن وزارة الداخلية زار مساء الأربعاء الأول من شباط/ فبراير، الفندق الذي يسكن فيه الفريق، وأبلغ الإعلامي جعفر عبد الكريم بأنّه لم يعد مسموحًا له تصوير الحلقة من دون الحصول على تصريح خاص، وبأنّه سيتعرض للاعتقال في حال قيامه بالتصوير. كما أنّ الحكومة لا يمكنها ضمان سلامته".

رئيسة تحرير مؤسسة "DW" مانويلا كاسبر كلارديج، بدورها قالت، إنّ "طريقة التعامل مع الصحفيين في العراق مثيرة للقلق، والتهديدات التي تعرض لها فريقنا ومذيع البرنامج جعفر عبد الكريم، من قبل أطراف عراقية تحاول كبح حرية التعبير، أمر غير مقبول".

وأضافت، "حتى بعد إجبارنا على إلغاء التصوير والحلقة، سنبقى نناقش التطورات في العراق".

السفارة العراقية في برلين تلقت احتجاجًا رسميًا، وفق "DW"، بسبب "المعاملة التي تلقاها موظفوها وعرقلة العمل الصحفي". وقالت المؤسسة في رسالة رسمية، إن "هذا الإكراه الشديد من قبل سلطات رسمية في العراق هو مثال على تقييد غير مسبوق لحرية الصحافة".

لم يتلق "الترا عراق" ردًا من وزارة الداخلية على الاتهامات التي أثارتها المحطة الألمانية ومقدم البرنامج حول ما حدث في بغداد

 لم تكن هذه المرة الأولى لتواجد جعفر عبد الكريم وتصوير حلقة في بغداد، فسبق أن صور حلقة في بغداد في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، دون ضجة، إلا أنّ ما رافق ذلك التواجد، والحلقة التي أجراها بمواجه شيخ معمم مع فتيات ونساء عراقيات، وبمساحة نقاش قد تكون غير مسبوقة، أثارت الغضب والقناعة لدى بعض الأوساط بضرورة عدم تكرار هكذا نوع من النقاشات أو حضور رجال دين في حلقات كهذه.

 

"الترا عراق" تواصل مع وزارة الداخلية لمعرفة حقيقة إرسال ممثل من الوزارة إلى جعفر عبد الكريم لمنعه من تقديم البرنامج، لكن الوزارة لم ترسل أي رد.

ويعد برنامج "جعفر توك" من أكثر البرامج المثيرة للجدل عربيًا، بفعل المواضيع التي يخوض فيها البرنامج، ولاسيما المثلية الجنسية واستضافة فتيات ورجال "مثليين" بهوياتهم العلنية، فضلاً عن مناقشة أمور وقضايا دينية تتعلق بالحريات، وبطريقة غير أكاديمية، حيث غالبًا ما يكون الضيوف من شباب وفتيات من الأوساط الاعلامية والثقافية، وليس من المختصين.

مقدم البرنامج، استمر على مدى الساعات الماضية، بنشر مقاطع مصورة وتقارير تشير إلى تردي حرية التعبير في العراق، وفق ما رصد "الترا عراق".