20-نوفمبر-2021

"مبتدع الأزمة" يتجول بالأروقة السياسية (فيسبوك)

تحاول الأطراف السياسية في العراق بمختلف مسمياتها، الخروج عن ما فرضته نتائج انتخابات العاشر من تشرين الأول/أكتوبر خارج ما رسمه الدستور وقانون الانتخابات، بالإضافة لمحاولات وجوه سابقة العودة مرّة أخرى لموجة المفاوضات الجارية، رغم أنها قد خرجت عن المعادلة سابقًا، سواء بخسارتها للانتخابات، أو ما سبقها من حراك احتجاجي أطاح بالحكومة السابقة.

ظهر رئيس الوزراء المستقيل عادل عادل عبد المهدي في جولات مكوكية أثناء أزمة نتائج الانتخابات

وفي هذا السياق، كان من الملفت الظهور الجديد لرئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، وجولاته المكوكية على مختلف الجهات السياسية والقيادات، للتحاور حول نتائج الانتخابات، فقد التقى برئيس تيار الحكمة، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، فضلًا عن ممثلة الأمين العام لبعثة الأمم المتحدة في العراق، بالإضافة إلى ما أثاره بتصريحاته التي استنكر فيها "التعامل العنيف" مع أنصار المعترضين على نتائج الانتخابات قرب المنطقة الخضراء، وهو ذاته من كان قائدًا لأعلى سلطة عسكرية بالبلاد في وقت راح ضحية الاحتجاجات أكثر من 500 قتيل، وفقًا لبيانات حكومة مصطفى الكاظمي.

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة الحكيم.. خلطة لجمع الفائزين بالخاسرين وتحذير من دماء

ويؤشر ذلك ـ بحسب مراقبين ـ وجود عدة أهداف يحملها عبد المهدي في جعبته خلال التدخل الحاصل في الحوارات السياسية والمطالبات التي يطلقها، فضلًا عن محاولة إيجاد ضمانة لعدم محاكمته بملف ضحايا الاحتجاجات، حيث يرى المحلّل السياسي كتاب الميزان، أن "جولات عادل عبد المهدي جاءت في وقت يمكن تفسيرها بأنها محاولات لاستغلال تأخر تطبيق مطالب حملة إنهاء الإفلات من العقاب التي وصل صداها لجميع العالم من أجل محاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين في العراق، بالإضافة للفاسدين الذين بدأوا اليوم بإعادة أنفسهم من جديد عبر بوابة الانتخابات والأزمة الحاصلة كأطراف تساهم بحل الاختناق السياسي مثل عبد المهدي المتهم بقتل المتظاهرين".

ويضيف الميزان في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "هؤلاء القتلة مثل عبد المهدي وأمثاله يسعون للمشاركة مجددًا بالعملية السياسية مع الأطراف الأخرى وحصولهم على الشرعية"، مبينًا أنه "إذا نظرنا بدقة أكثر، فحتى المجتمع الدولي وممثليه في العراق هو شريك ومتواطؤ مع جميع المجرمين من السياسيين".

ويشير المحلل إلى أنه "وبناءً على عدم محاسبة هؤلاء، فحتى عبد المهدي أصبح اليوم لديه 3 مقاعد نيابية لمستقلين قام بدعمهم للصعود للبرلمان، وهم واحد في بغداد واثنين من المحافظات الجنوبية ضمن تحالف العراق المستقل، المعلن مؤخرًا، مؤكدًا "ولهذا تراه يفاوض وينقل الرسائل بين الأطراف السياسية للحصول على شيء بالحكومة التنفيذية المقبلة يبعده عن إمكانية المحاسبة عما اقترفه سابقًا خلال تظاهرات تشرين وحكومته بشكل عام".

وعما يحصل في الوسط السياسي، يصف الميزان، المشهد بأنه متخبط جدًا منذ 2003 وليس اليوم فقط، فـ"تارة تجد الأطراف السياسية تذهب للطرق القانونية، وتارة أخرى يذهبون للخروج على الدولة والقانون، وآخرها طرح مبادرات للتسوية والتوافق، أما بالنسبة للقضاء ومواقفه، يبيّن الميزان أنه "سيذهب باتجاه المصادقة على النتائج وإعطاء الشرعية لها ولن يخضع للرغبات لكون التجربة الانتخابية الحالية مضمونة بسلامتها ولا تقبل الشك".

يشار إلى أن عوائل خمسة عراقيين كانوا قد تقّدموا في نيسان/أبريل الماضي، بشكوى قضائية في باريس ضد عادل عبد المهدي الذي يحمل الجنسية الفرنسية، تتّهمه فيها بـ"جرائم ضد الإنسانية وتعذيب وإخفاء قسري" خلال مظاهرات تشرين الأول/أكتوبر 2019.

واستهجن طيف واسع من المدونين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، تصريحات أدلى بها عبد المهدي مؤخرًا، حول ما وصفه بـ"التعامل القاسي مع المحتجين ضد نتائج الانتخابات"، مذكرين بما اقترفه عبد المهدي وحكومته ضد احتجاجات تشرين 2019.

 

 

بالمقابل، يقول الكاتب والمحلل السياسي، سامر الساعدي، إن "عبد المهدي قد عاد لكسب ود الأطراف السياسية، ومن ثم طرح اسمه لرئاسة الحكومة مجددًا، وهذا سيكون مرفوضًا بشكل واسع وواضح أيضًا، مبينًا أنه "يحاول الآن تحصين نفسه من المحاسبة على جرائم حكومته بحق المتظاهرين، فضلًا عن قضايا الفساد الكبرى".

ويتابع الساعدي في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "عبد المهدي بات ورقة محروقة، واستخدامه بهكذا اختناق سياسي من أي جهة مشاركة بالعملية السياسية هو لجس النبض فقط بين الخصوم، أو الرأي العام، مبينًا أن "الخاسرين بالانتخابات قد عرفوا حجمهم جيدًا بنتائج الاقتراع الأكثر شفافية منذ 2003".

ويعتقد المحلل الساعدي، بأن "اسوأ السيناريوهات للوضع الحالي، سيكون باصطدام مسلح كصراع من أجل البقاء بين الأطراف الفائزة والخاسرة، مضيفًا أن "ذلك قد لا يحصل ويكون العكس أيضًا بحال نجاح تسوية ما تمنح بعض الجهات مصالحها بالفترة المقبلة نتيجة للضغط الإيراني على العملية السياسية، الذي سيضع ضمانة ضرورية لعدم محاسبة أطراف السلاح وفتح ملفاتها في الفترة السابقة".

وبهذا السياق، فإن مفوضية الانتخابات ورغم إعلانها بوقت سابق، إنهاء جميع عمليات العد والفرز اليدوي وفقًا للطعون المقدمة للأحزاب الخاسرة، وإرسالها للهيئة القضائية، إلا أن مدير دائرة الإعلام والاتصال الجماهيري في مفوضية الانتخابات حسن سلمان، قال في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق"، إن "المفوضية لا تستبعد إعادة العد والفرز اليدوي لمحطات جديدة"، في موقف متناقض يشير لإمكانية حصول متغيرات أخرى وفقًا لتحاور الجهات السياسية.

لكن عضو الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات عماد جميل محسن، أكد عبر التلفزيون الرسمي، أن "الطعون الخاصة بالنتائج أظهرت فروقات بين الفائز الأخير والخاسر الأول تتراوح بين 5-20 صوتًا في عدد من الدوائر، وربما يحدث تغيير في النتائج بعد الفرز في ضوء الفوارق البسيطة"، مؤكدًا أن "عملية الفرز حدثت فيها فوارق بالأصوات في 8 محطات بصوتين إلى ثلاثة ما أحدث تغييرًا بالنتائج".

من جهته، اعتبر المحلل السياسي هاشم الجبوري، أن "عبد المهدي يشكل بالنسبة للطبقة السياسية أشبه بطفل انفجر عليه لغم بتر ساقيه وذراعيه، فبقي الأبوان يعطفان عليه ويحاولان عدم جرحه وإشهاره بالعوق الذي أصابه"، مضيفًا أنه "كان مرشح تسوية للقوى السياسية بعد 2018 وفشل فشلًا ذريعًا في إدارة الدولة وخصوصًا إدارته لملف التظاهرات في تشرين حتى وصل حد الإبادة الجماعية وجرائم الحرب".

يرى مراقبون أن عبد المهدي يحاول الآن تحصين نفسه من المحاسبة على جرائم حكومته بحق المتظاهرين فضلًا عن قضايا الفساد الكبرى

وأشار إلى أن "الجميع يعلم أن الإشكالية هي ما بعد الانتخابات، وليست الانتخابات، كون العمل بالعرف هو من يحدد شكل الحكومة ومناصبها، كما أن ما يساعد على ذلك هو الدستور الذي يفرض حصول رئيس الجمهورية على ثلثي أصوات المجلس، ورئيس الحكومة على النصف زائد واحد، وهذان العددان لا يمكن تحققهما إلا بعرف المحاصصة ووفق مبدأ (اعطني لكي أعطيك)".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

شعار انتخابي ذوبته النتائج.. "قوى الدولة" تنطق بخطاب الفصائل المسلحة

نصف أصوات مقاعد الفتح من الشمال.. هل لدى "قوى السلاح" جمهور حقيقي؟