29-أغسطس-2021

سيكون أحد المرشحين لكنه ليس الأوفر حظًا (فيسبوك)

يعمل رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، للعودة لمنصب رئاسة الوزراء، بعد ولايتين، بدأت الأولى في 2006، وانتهت الثانية مع سقوط المحافظات العراقية بيد تنظيم الدولة "داعش" في 2014، وتخلّل هذا العمل زيارات مكوكية وظهور مكثف بوسائل الإعلام، ولهجة أقل حدية عما عرف عنه في الفترة السابقة، حتى أنه عبّر عن استعداده للتصالح مع خصومه، ومنهم الصدريون.

يقول ائتلاف دولة القانون إن نوري المالكي هو مرشح الائتلاف لرئاسة الحكومة المقبلة 

وأجرى المالكي خلال الأسابيع القليلة الماضية مجموعة لقاءات إعلامية مع قنوات "العالم" الإيرانية، و"الغدير" التابعة لمنظمة بدر، و"السومرية" العراقية، و"رووداو" الكردية، تحدث خلالها صراحة عن طموحه برئاسة الوزراء من جديد، كما طرح في تلك المقابلات توقعه بأن تكون نتائج تحالفه الانتخابي في الانتخابات المقبلة أفضل من نتائج انتخابات عام 2018.

اقرأ/ي أيضًا: المالكي وبارزاني يؤكدان على موعد الانتخابات في تشرين

وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون صعوبة عودة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى القصر الرئاسي، يعبّر ائتلاف المالكي عن مشروعية حلم زعيمه الذي أثارت فترة توليه السلطة جدلًا واسعًا، انتهى بسقوط 4 محافظات عراقية بيد تنظيم "داعش".

بهاء الدين النوري، وهو المتحدّث باسم ائتلاف دولة القانون، يقول إن "نوري المالكي هو مرشح الائتلاف لرئاسة الحكومة المقبلة إذا ما حظيت دولة القانون بالمقاعد الكافية خلال الانتخابات".

ويضيف النوري في حديثه لـ"ألترا عراق"، عن حظوظ المالكي للظفر بالمنصب "لأنه رجل قوي ولديه إنجازات، ولم يأتِ رئيس وزراء بعد المالكي استطاع أن يفرض الأمن وأن يوفر فرص عمل وأن يقضي على البطالة وينشط الاستثمار، ويعيد المبادرات السابقة، كالمبادرة الزراعية والسكن والتعليم وغيرها"، لافتًا إلى أن "المالكي لديه القوة والشجاعة والإمكانية لإنقاذ العراق في هذه المرحلة".

لكن التيّار الصدري الذي تربطه ذاكرة سيئة بفترة رئاسة المالكي، يرى أن عودته لولاية ثالثة "مستحيلة".

ويقول القيادي في التيار الصدري عواد العوادي في لقاء متلفز، إن "ولايتي المالكي الأولى والثانية كانتا الأسوأ، والحديث عن ولاية ثالثة نسج من الخيال"، لافتًا إلى أن "الحكومات السابقة للمالكي صعدت بعناوين مختلفة كالعنوان الطائفي والقومي والديني".

ويسعى زعيم ائتلاف دولة القانون إلى ترطيب الأجواء مع خصومه، وتحشيد أكبر عدد ممكن من الكتل السياسية لدعمه خلال المرحلة المقبلة.

ويشير المتحدث باسم ائتلاف المالكي، إلى أنه "ليس لدينا خلافات مع الصدر، وفي كثير من اللقاءات دعا المالكي إلى التواصل وأن اليد مفتوحة للصدر والآن كذلك لا زلنا ندعوه"، موضحًا أن "دولة القانون يبحث عن أجواء آمنة للانتخابات وحكومة قوية تخرج لمعالجة الوضع السيئ بالبلاد".

وظهر المالكي في لقاءاته الأخيرة بلهجة أقل حدية من السابق، تجاه خصومه، كما أشار إلى أن "يده مفتوحة لمن يريد أن يفتح صفحة جديدة".

ورد المالكي خلال لقاء متلفز على سؤال حول محاولته تخفيف التوتر مع الصدر، قائلًا: "أنا لا أريد أن تبقى لي أزمة وخلاف مع أي مكوّن أو حزب أو أي دولة أو أي شخص ويدي مفتوحة للجميع، نعم وأكرّرها مرّة أخرى بأن يدي مفتوحة لمن يريد بأن نفتح صفحة جديدة من الوفاق ومن المصالحة أو من المشاركة سيما مع الجهات التي نحن معها شركاء في الانتماء والتاريخ مثل التيار الصدري".

وأضاف المالكي "نتمنى أن تكون علاقاتنا بهذا المستوى من إعادة النظر بهذه العلاقات والوصول إلى توافقات تحفظ الودّ وتحفظ العلاقات وتقوّي شوكة العمل الوطني".

لكن على ما يبدو، أن موقف الصدر لا يزال ثابتًا تجاه المالكي، ولا صلح يلوح في الأفق، خصوصًا بعد عدول الصدر عن قرار مقاطعة الانتخابات.

وفي 24 آب/أغسطس 2021، بحث رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني وزعيم ئتلاف دولة القانون نوري المالكي، الوضع السياسي في العراق والمنطقة والتحديات التي تواجهها العملية السياسية في العراق، مؤكدين أهمية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، بحسب البيان الرسمي للحزبين.

ورأى مراقبون سياسيون أن زيارة المالكي إلى أربيل ولقاء بارزاني خطوة لنيل منصب رئاسة مجلس الوزراء خلال المرحلة المقبلة، الأمر الذي نكره المتحدث باسم الائتلاف بهاء النوري، موضحًا أن "هذه الزيارات من أجل التنسيق بشان موعد الانتخابات، وكيف تكون شفافة وبعيدة عن عمليات التزوير، لكي نخرج بعملية سياسية سليمة وحكومة قوية تعالج كل هذه المشاكل".

القوى السنية ترفض ترشح المالكي لرئاسة الوزراء لأنها تتهمه بالتأجيج الطائفي خلال فترة توليه المنصب والمتهم الرئيسي بتسليم المحافظات الغربية إلى داعش

ويفصّل الكاتب والصحفي سامان نوح التحديات التي تقف أمام حلم المالكي للظفر بالمنصب إلى ثلاث فئات، الأول يتعلّق بـ"الرفض الشيعي"، والثاني بـ"الفيتو السني"، والثالث بـ"الحساسية الكردية".

ويقول نوح لـ"ألترا عراق"، إنه "في حال رشح ائتلاف دولة القانون رئيسه نوري المالكي لمنصب رئاسة الحكومة مستعينًا بكتل شيعية صغيرة، فسيكون أحد المرشحين لكنه ليس الأوفر حظًا، وأن كان يمتلك الكثير من مفاتيح العمل السياسي السابق والقدرة على التفاوض مع الجهات، وهو رجل براغماتي يستطيع التفاوض من خلال تقديم التنازلات لقوى أخرى من أجل كسبها"، موضحًا أن "هناك الكثير من المعوّقات أمام هذا الترشيح داخل القوى الشيعية، مثل تحالف الفتح سيكون لديه مرشحون آخرون، ولن يرضوا بسهولة التنازل عن هذا المنصب لحزب الدعوة، أما الصدريون فلديهم فيتو على المالكي، وهم يشكلون الفئة الشيعية الأكبر في المشهد السياسي، وبالتالي سيصعب ذلك المهمة أمام المالكي لتصل إلى المستحيل".

اقرأ/ي أيضًا: واشنطن تعلن دعم فريق مراقبة الانتخابات العراقية: المهمة لم تنته

وعن موقف الكتل السنية، يضيف نوح أن "القوى السنية ترفض ترشح المالكي لهذا المنصب لأنها تتهمه بالتأجيج الطائفي خلال فترة توليه المنصب، والمتهم الرئيسي بتسليم المحافظات السنية إلى داعش، أو أنه لم يدافع عنها بالشكل المطلوب، وبالتالي هناك فيتو من معظم الكتل السنية على المالكي".

ورغم لقاء المالكي ببارزاني، يرى الكاتب سامان نوح أن "الكرد لديهم حساسية تجاه  المالكي فيعتبروه السبب الأول في خلق الأزمات مع بغداد خلال السنوات السابقة، وكان يجاهر بعداءه لإقليم كردستان وأن كان في المرحلة الأولى خلال ولايته الأولى مرنًا بالتعاطي مع الملفات الكردية".

واستدرك نوح: "لكن بالتالي هو مرشح غير مريح بالنسبة للكرد لأنه عرقل تطبيق المادة 140 وتسليم حصة الاقليم من الموازنة، ودخل في صراعات مع القوى الكردية، وبالتالي لا أعتقد أن الكتل الكردية ستستسيغ  ترشح المالكي لولاية جديدة، وإذا حصل ذلك، فأنها ستطلب منه تنازلات كبيرة جدًا، ولا أعتقد أن الكتل الشيعية مستعدة التنازل عنها".

ووفق الكاتب والصحفي الكردي، فإن ترشح المالكي يواجه 3 تحديات، تنقسم بين فيتو سني وحساسية كردية ورفض شيعي.

من جهته، يرى الكاتب والمحلّل السياسي، حمزة مصطفى، زيارة المالكي إلى أربيل بأنها "مهمة إلى ما بعد مرحلة الانتخابات أو على صعيد إجراء الانتخابات في موعدها المقرر".

وأشار مصطفى في حديثه لـ"الترا عراق"، إلى أن "التحالفات السياسية المقبلة ستشهد إعادة نظر، ففي حال اتفق المالكي مع بارزاني على تحالف ثنائي هذا سينعكس على الكتل والمكونات الأخرى".

وتمكن زعيم ائتلاف دولة القانون والأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي، من الوصول أول مرة إلى السلطة عام 2006 وسط أحداث عنف طائفي كانت تهدد البلاد، واستمر في منصبه حتى عام 2014، بعد تراجع دعمه من جانب السنة والأكراد وعدد من الكتل الشيعية.

وخلال انتخابات 2018 لم يحصل فيها ائتلاف المالكي، سوى على 25 مقعدًا من أصل 329 إجمالي مقاعد البرلمان، في حين حظي تحالف "سائرون" الجناح السياسي لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بـ54 مقعداً.

وفي خطوة مفاجئة أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عودته للمشاركة في الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

 ترشح المالكي يواجه 3 تحديات وفقًا لمراقبين تنقسم بين فيتو سني وحساسية كردية ورفض شيعي

وقال الصدر في كلمة تلفزيونية، إنه "تسلمت ورقة إصلاحية من القوى السياسية، وهذه الورقة جاءت وفقًا لتطلعاتنا"، مضيفًا أن "العودة إلى المشروع الانتخابي باتت أمرًا مقبولًا، وسنخوض الانتخابات بعزم لإنقاذ العراق من الفساد والاحتلال والتبعية والتطبيع"، موضحًا أن "المصلحة اقتضت أن نخوض انتخابات مليونية".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصدر يتراجع عن الانسحاب ويحشد أنصاره لـ"انتخابات مليونية"

المنسحبون من الانتخابات بين العودة والتأجيل.. هل تتشكل حكومة بلا صدريين؟