هل دخلنا مرحلة حل الفصائل المسلحة ؟ - ربما هو السؤال الأبرز الذي يطرحه المراقبون للشأن العراقي مع توارد الأخبار ذات الصلة بدءًا من إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حل تشكيل لواء اليوم الموعد ثم رد كتائب حزب الله بحل تشكيل سرايا الدفاع الشعبي.
قد يتحول "سباق إلقاء الحجة" إلى مدخل لحل سياسي شرط أن يقترن بترضية انتخابية لجماعات الإطار التنسيقي
بالتأكيد ما زال الجواب مبكرًا، ونحن في صدد تفكيك هذه التحركات وإعطاء التفسيرات والتحليلات وأيضًا طرح الاحتمالات الممكنة في ما بات أشبه بالسجال الإعلامي.
اقرأ/ي أيضًا: بعد دعوة الصدر لحلها.. كيف ردّت الفصائل المسلحة؟
في البدء، لم يكن إعلان الصدر حل تشكيله المذكور مفاجئًا أو خارج السياق، فسبق له أن أعلن تجميد العديد من تشكيلاته، كما فعل مؤخرًا - بعد الانتخابات - مع سرايا السلام ذاتها في جميع المحافظات عدا أربع منها. وهي تتسق مع مطالباته السابقة بحصر السلاح بيد الدولة.
الآن، يبدو الأمر أشبه بسباق على "إلقاء الحجج" بدأه الصدر قبل أن ترد كتائب حزب الله عليه. وبرأينا لا يترتب على الإعلانات الأخيرة أية تطورات مفصلية على الأرض، خصوصًا وأن التشكيلات المذكورة سبق وأن دُمجت في ألوية "مُرقمة" داخل الحشد الشعبي تابعة لفصائلها الأم رغم أعمالها أو تواجدها خارج الهيئة كليًا.
في السياق أيضًا، تزامن إعلان الكتائب مع تعرّضٍ لرتل دعم لوجستي للتحالف الدولي قرب ذي قار، والعثور على صواريخ موجهة في محافظة نينوى فضلًا عن بيان ما تسمى بـ"الهيئة التنسيقية للمقاومة"، وهو ما ينفي وجود قرار جماعي بالتماهي الجدي مع دعوة الصدر، ويؤكد "تكتيكية" الخطوة في المجال الإعلامي. وقد أكد ذلك رئيس كتاب سيد الشهداء لاحقًا بدعوته فتح باب التطوع والاستعداد لمواجهة الأمريكيين في الساعات الأولى من مطلع العام المقبل، موعد انسحاب القوات القتالية المُفترض.
الآن، قد يتحول "سباق إلقاء الحجة" إلى مدخل لحل سياسي شرط أن يقترن بترضية انتخابية لجماعات الإطار التنسيقي سواء عن طريق إعادة ترتيب الأصوات انتخابيًا أم إعادة ترتيب المناصب سياسيًا. أما عدم اقترانه بالترضية يعني بقاءه في إطار الإحراج ورد الإحراج، وقد أُعيدت الكرة إلى ملعب الصدر الآن، بانتظار ركلها مجددًا.
بإمكان زعيم الصدريين الاستمرار بلعبة الحجج حتى النهاية لأسباب جوهرية تتعلق بطبيعة التيار الصدري التكوينية المختلفة عن الفصائل المسلحة تارة، وبثقله الانتخابي السياسي الآن تارة أخرى، والمساحة المتاحة للصدر تحديدًا في ما يتعلق بسرايا السلام، لا بالبيمشركة الكردية. فتشكيلات البيمشركة لا تؤثر على الصدريين بوصفهم فصيلًا سياسيًا أو تشكيلات مسلحة، ويعزز ذلك تنظيم البيشمركة دستوريًا كما هيئة الحشد قانونيًا، ونعلم ألّا حديث أو تفاوض لحل الحشد.
إن السياق السياسي المحلي والدولي يُركز على الفصائل المسلحة وأدائها لا الآخرين، ومن هنا تحدثنا في مقالة سابقة عن الفروق المصطنعة بين "قوى الدولة واللا دولة". والحق، أن ربط الحشد الشعبي بالقائد العام للقوات المسلحة يستدعي ربط البيشمركة كذلك؛ فإنْ أُريد لتلك الفروق (بين الدولة واللا دولة) أن تكون حقيقية وواقعية، فلا بد من تعميم التجربة على التشكيلين القانونيين.
لعل الفصائل دشّنت طريقة "توزيع الأدوار" مع الصدر تصعيدًا وتهدئةً
في النهاية، ستبقى المسألة معلقةٌ على الفصائل الشيعية لاعتبارات تحدثنا عنها في المقالة المذكورة، وأيضًا لأهداف الصدر السياسية. ولعل الفصائل دشّنت طريقة "توزيع الأدوار" مع الصدر تصعيدًا وتهدئةً، تبنيًا وتخليًا؛ لكنها تفتقد إلى الأرضية التي تُعينها على المطاولة في لعبة الحُجج والإحراجات.
اقرأ/ي أيضًا: