12-مارس-2021

دورة الحياة السياسة العراقية بانتظار إعلان نهايتها (فيسبوك)

عندما تتشابك الإرادات وتتصارع المحاور وتتداخل المفاهيم، لا بد أن تنتج هذه المُرّكبات والعناصر المختلفة خلطة عجيبة وغريبة ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة، فكيف إذا كان هذا النتاج المبهم هو واقع حال السياسة في العراق، وإذا كان الكتاب يُقرأ من عنوانه، فكيف سيكون عنوان التشتت والفوضى وعدم وجود هوية وطنية توصل الشخصية السياسية العراقية إلى فئة رجل دولة، حتمًا ستنتج هذه الجدلية وستفضي هذه المخرجات إلى نتائج كارثية، تجعل من ساحة السياسة العراقية مسرحًا للصراعات والنزاعات والاختلافات التي قد تُطيح بالدولة والوطنية وتوصلها إلى حضيض الهاوية.

وبعد كل هذه المقدمة يبدو أننا لا زلنا غارقين في عدم فهم واقع ما يحدث في هذا العالم المُتداخل لمفهوم السياسة في بلدنا أو على الأقل إدراك ما يُريده السياسي العراقي المُتخبط بأفكاره ونزعاته الشخصية وقراراته الأنانية. ولا ننكر أن أحداث ما بعد 2003 أحدثت هزة عنيفة في مفهوم هذا العالم لدى العراقيين أفرزت طبقة سياسية معوقة فكريًا وأخلاقيًا أنتجتهم ماكنة انتخابية بائسة أفرزت مسميات فقدوا بوصلة الانتماء إلى الوطن والأرض، وبدأوا يبحثون عن اتجاهات ومخارج تُعينهم في منافع وملذات شخصية محدودة التفكير إلى أن أصبح بالتدريج ما يسمى بـ"السياسي" يتذرع بالغاية التي تُبرر الوسيلة مُتنازلًا عن كل القيّم والأخلاق وحتى مبادئ وأبجديات السياسة والعهود التي قطعها عندما وضع قدمه في أول السُلّم.

واقع العالم السياسي اليوم في العراق مُرتبك تُحيط به المخاطر والفوضى والتخبط، لكن المدافعين عن هذا الأسلوب لا يمكن لأي مُستقرئ أو باحث إلاّ أن يصفهم بأنهم مجموعة من الجبناء والمُرتزقة والمنتفعين الذين فضّلوا مصالحهم الشخصية وأدواتهم الحياتية على مصالح شعبهم ووطنهم، وربما نصل إلى نهاية المعنى فنقول إن السياسة ثوب لا يليق أن يرتديه هؤلاء، لأنه في المحصلة فن لا يجيده إلا المتمرسون وأصحاب الخبرة والعقلية الوطنية، وليس الأنانيون والمنتفعون أصحاب الأفكار الضيقة.

إن دورة الحياة السياسة العراقية بانتظار إعلان نهايتها وإصدار شهادة الوفاة لها بعد أن مرّ عليها وقت من الزمن كانت فيه ميّتة سريريًا، وتنتظر من يرفع عنها جهاز التنفس الأصطناعي الذي يُطيل ديمومتها. إن الواقع السياسي ربما سيُطيح به أصحابه الذين استأنسوا به وعدّوه مكسبًا لهم وربما سيكون هؤلاء أداة قتل كمن يذبح نفسه بيديه وتنتهي هذه التجربة البائسة لأنها بالتأكيد كانت لهم مجرد ورقة يانصيب ليس أكثر.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بلد المحاكاة المُشوَّهَة

عن مشرقنا العربي