16-يوليو-2022
طالب مقتدى الصدر في صلاة الجمعة الموحدة بتنظيم الحشد الشعبي وحل الفصائل

دعا الصدر عبر صلاة الجمعة الموحدة إلى حل جميع الفصائل (Getty)

أثارت دعوة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر الأخيرة لإعادة تنظيم الحشد الشعبي وحل جميع الفصائل جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية بين مؤيد ورافض، خاصّة وأنها تأتي في فترة مثقلة بتداعيات انسحاب الصدر من العملية السياسة عقب فشل مشروع "حكومة الأغلبية" التي طرحها عبر التحالف الثلاثي.

مسؤولون وبرلمانيون مقربون من الفصائل المسلحة رفضوا دعوة الصدر لتنظيم الحشد الشعبي وحل الفصائل

وجاءت دعوة الصدر خلال خطبة الجمعة الموحدة التي أقيمت في مدينة الصدر يوم أمس بحضور عشرات الآلاف من أتباعه، والتي عبّر فيها عن دعوته للقوى السياسية بضرورة حل الفصائل المسلحة وإعادة تنظيم الحشد الشعبي معتبرًا أنّه "لا يمكن تشكيل حكومة عراقية قوية مع وجود سلاح منفلت وميليشيات منفلتة".

وعلى إثر دعوة الصدر، أطلقت منصات مقربة الفصائل المسلحة في العراق، العديد من الوسوم التي انتشرت خلال ساعات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتندّد بالدعوة وتذّكر بضرورة وجود "الحشد الشعبي" معتبرين أنّ دعوات مثل هذه "تتنكر للدور الكبير الذي لعبه الحشد في عمليات التحرير".

وعلى منصة تويتر انتشر وسم "شكرًا حشدنا الشعبي" والذي ذيلت فيه النائبة عن ائتلاف دولة القانون، عالية نصيف، تدوينتها على حسابها الشخصي، قائلة إنّ "من أهم وصايا المرجعية التي أوصت مرارًا وتكرارًا عليها هو توثيق انتصارات حشدنا المقدس وقواتنا الأمنية كي لا يتم سرقتها أو إنكارها يومًا ما". 

وشهدت منصة "تويتر" أيضًا تداول مقاطعًا قديمة لعدد من خطب الجمعة التابعة للمرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، والتي تؤكد على "أهمية دور ملبي فتوى الجهاد الكفائي، حيث كتب نجاح محمد علي على "تويتر"، وهو مدوّن معروف بدعمه للفصائل المسلّحة ولإيران، أنّ "السيد السيستاني خاطب شباب الحشد بأن لا فضل يداني فضلكم ولا مجد يرقى إلى مجدكم في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي المهم". 

"لم ولن يستطيع مقتدى الصدر ولا أتباعه ولا حلفائه في الداخل والخارج أن يخدشوا هيبة الحشد الشعبي"، هكذا كتب المدوّن المقرب من الفصائل المسلحة، مقتدى المقدسي على مدونته الشخصية، والذي أضاف: "لن يستطيعوا تحريف تاريخًا عاصرناه كتبه قرابة 8 آلاف شهيد بدمائهم الطاهرة".

 

 

 

 

أما على الطرف المقابل من الجدال حول دعوة الصدر، كتب المدوّن الصدري عصام حسين على حسابه الشخصي في "فيسبوك"، إنه "لا تردوا على الأقلية المنبوذة، استمروا بنشر مقاطع الصلاة المليونية لكي تصل رسالتنا إلى العالم". 

 

 

 

اخوان رجاءً لا تردون على الاقلية المنبوذة ، خليكم بنشر مقاطع الصلاة المليونية على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك التيك...

Posted by ‎عصام حسين‎ on Friday, July 15, 2022

وفي خطابه عبر صلاة الجمعة الموحدة، وجه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، شكره إلى أهالي المناطق المحررة من "داعش"، قائلا إنهم "رضوا بنا محررين ولولا تعاونهم لما حُررت الأراضي المغتصبة فلا مَنّة للحشد عليهم". 

وردًا على نشر المدونين المقربين من الفصائل المسلّحة لمقاطع سابقة تظهر بعض شيوخ عشائر من المناطق المحرّرة برفقة عناصر تنظيم "داعش" تحت وسم " لولا أهلها لما سقطت"، كتب محافظ بغداد الأسبق عن التيار الصدري علي محسن التميمي على حسابه الشخصي أنّ "من يتقيأ طائفية فعليه أن يأخذ علاج حب الوطن وشرب ماء الغيرة العراقية الأصيلة". 

وعلى المستوى الرسمي لم تختلف حدّة الجدل حول دعوة الصدر، حيث كان أوّل المعلقين، هو رئيس تحالف

"السيادة" خميس الخنجر، والذي قال في تدوينة رصدها "ألتراعراق" إنّ "هذه فرصة أخرى يجب أن تستثمرها القوى السياسية نحو خارطة طريق لتشكيل حكومة قوية تحارب الفساد والإرهاب وتعيد للوطن هيبته". 

 

 

أما رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، فاعتبر أنّ ما طرحه الصدر "يعد خارطة طريق وطنية كانت أساسًا لبناء تحالف قوي يتبنى هذه الطروحات وغيرها من أساسيات المجتمع وضروراته"، مؤكدًا أنّ "العملية السياسية بحاجة إلى عقد جديد تتبنى فيه القوى الوطنية معالجة الخطايا بعيدًا عن أوهام المؤامرة الكونية". 

 

من جهتها، اعتبرت حركة حقوق، وهي الجناح السياسي لـ"كتائب حزب الله" في العراق، عبر القيادي في الحركة علي فضل الله، أنّ "الحديث عن تنظيم الحشد الشعبي ليس له محل بالنقاشات الحالية" مشيرًا إلى أنّ "الأمر منجز ومكتمل ولا يتطلب أي تدخلات أو تعديلات". 

ويقول فضل الله لـ"ألترا عراق"، إنّ "دعوة الصدر نقطة مكررة ومأخوذ بها حيث جرى تنظيم الحشد بتشريع مجلس النواب وهو الآن قوة تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة"، في إشارة إلى القانون المقر من قبل مجلس النواب العراقي في 2016.

أما على المستوى السياسي للقوى المقربة من الحشد الشعبي، فقد رأى القيادي في "الإطار التنسيقي" علي الفتلاوي أنّ "قرار حل الفصائل المسلحة مرهون بإخراج قوات الاحتلال الأمريكي والتركي وهذا أمر متفق عليه". 

ويقول الفتلاوي لـ"ألترا عراق"، إنّ "ما نسعى إليه هو إقامة دولة مدنية خالية من السلاح وهذا ما تسعى إليه كل فصائل المقاومة أن لا تكون إلا في خدمة الدين والمذهب".

وعلى الرغم أنّ المناخ السياسي العام الذي سبق إقامة "صلاة الجمعة الموحدة" كان يتوقع أن يقوم الصدر بإعلان قرار أو خطوة غير مسبوقة تمس بشكل مباشر عملية تشكيل الحكومة، بفعل المسار التصعيدي الذي اتخذه الصدر بعد انسحابه من العملية السياسية، ولكنه على عكس هذه التوقعات جاء بخطوة كان قد طرحها في أكثر من مناسبة سابقة.

لكنّ الباحث والناشط السياسي، ساطع عمار، رأى أنّ حمولة توقيت طرح مثل هذه الدعوة ينطوي على نسق مضمر له علاقة مباشرة بمسار تشكيل الحكومة، قائلًا إنّ "الصدر تعمد توظيف ثيمة ورمزية صلاة الجمعة كواحدة من أكثر ثيمات المعارضة في المجال الشيعي ليفتح ملف الحشد الشعبي وهو أكثر الملفات حرمة في الفضاء السياسي العراقي".

أما عن دلالة توقيت طرح الدعوة لإعادة تنظيم الحشد الشعبي وحل جميع الفصائل، يعتبر عمار أنّ "طرحها بهذا التوقيت بالذات دلالة على رفع الصدر لسقف اشتراطاته للموافقة على تشكيل حكومة إطارية، مشيرًا إلى أنّ "عبارة لا منة للحشد التي جاءت خلال دعوة الصدر تأتي في سياق خلق تقنية خطابية معاكسة لأدبيات قوى الإطار التنسيقي، وبالتالي صناعة تصور يتساوق مع التصور السني للحشد الشعبي".

دعوى تنظيم الحشد الشعبي من قبل الصدر ربما تطالب القوى السنية بموقف من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة المقبلة

وعلى مستوى الفعل السياسي المباشر، يعتقد الباحث والناشط السياسي خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أنّ "هذه الدعوة وعبر التصور الذي حاول الصدر خلقه وتسويقه حول رؤيته لملف الحشد الشعبي، يمكن أن تترجم كدعوة تطالب القوى السنية بموقف من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، خصوصًا وأنه طالبهم سابقًا بموقف مشابه من جلسة أداء اليمين الدستوري لبدلاء النواب الصدريين". 

 

دلالات: