04-يوليو-2019

سجون العراق كانت مدارس جهادية حتى للذين دخلوا غير متشددين أساسًا (خبير أمني)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أوضاع آلاف المحتجزين العراقيين في عدد من السجون العراقية بأنها "مهينة" وترقى إلى حد سوء المعاملة، داعيةً الحكومة العراقية إلى إعادة تأهيل مراكز الاحتجاز، وإبقاء المحتجزين في "مكان لائق"، وإطلاق سراح الأبرياء منهم.

رايتس ووتش: مراكز الاحتجاج مكتظة للغاية في نينوى وتحوي آلاف السجناء العراقيين، وفي ظروف مهينة للغاية بحيث ترقى إلى حد سوء المعاملة

قالت المنظمة ببيان صدر في 4 تموز/يوليو، وتابعه "ألترا عراق"، إن "مراكز الاحتجاج المكتظة للغاية في نينوى تحوي آلاف السجناء العراقيين، معظمهم بتهم تتعلق بالإرهاب، لفترات طويلة في ظروف مهينة للغاية بحيث ترقى إلى حد سوء المعاملة، مبينة أنه "ينبغي للسلطات ضمان عدم احتجاز السجناء في ظروف غير إنسانية، ووجود أساس قانوني واضح للاحتجاز".

اقرأ/ي أيضًا: تعذيب ومحاكمات سريعة وإعدامات.. تحديات "مرعبة" خلفها آلاف "الدواعش"!

لما فقيه، وهي مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش، قالت إن "الحكومة العراقية تحتاج بشدة إلى إعادة بناء مراكز الاحتجاز وإعادة تأهيلها. ينبغي للعراق إبقاء المحتجزين في مكان لائق، بما يتماشى مع المعايير الدولية".

نقلت هيومن رايتس ووتش عن أحد خبراء كبار السجون العراقية، قوله، إن "الطاقة الاستيعابية القصوى لمراكز الحبس الاحتياطي الثلاثة في شمال العراق، تل كيف والفيصلية والتسفيرات (في مجمع الفيصلية)، تبلغ 2،500 شخص"، مشيرًا إلى أنه "بحلول يونيو/حزيران 2019، وصل عدد المحتجزين هناك إلى 4،500 سجين ومحتجز تقريبًا، من بينهم 1،300 شخص حُوكموا وأُدينوا وكان ينبغي نقلهم إلى سجون بغداد"، مبينًا أن "السلطات كانت لم تتخذ بعد الخطوات اللازمة لنقلهم، رغم مرور 6 أشهر على إدانة بعضهم".

وبحسب المنظمة، فأن "الخبير عرض صورًا التقطت في آيار/مايو لنساء مشتبه في أنهن إرهابيات مع أطفالهن في زنزانة واحدة في سجن تل كيف، وأحداث مشتبه في أنهم إرهابيون في زنزانة أخرى. أيّد شخصان آخران زارا السجن ظروف الاكتظاظ الشديد التي شوهدت في الصور والمنشآت، مشيرة إلى أن الخبير قال إن "الزنازين في سجن تل كيف التي تحوي محتجزين بتهم أخرى أقل اكتظاظا بسبب الأعداد الأصغر". 

صورة التقطت لزنزانة النساء في سجن تل كيف 2019 (رايتس ووتش)

لفت الخبير في السجون العراقية إلى أن "لا مساحة كافية للمعتقلين للاستلقاء في زنزاناتهم أو حتى الجلوس براحة"، مبينًا أن "سلطات السجن لم توفر فِراشات لعدم وجود مساحة لها في الزنازين"، مضيفًا "يُفترض بهذه السجون أن تكون مكانًا لإعادة التأهيل، مستدركًا "لكن إذا آوت السلطات المحتجزين في ظروف كهذه، يمكنني أن تخيّل ما سيحدث لهم بعد إطلاق سراحهم".

اقرأ/ي أيضًا: مع امتلاء السجون في العراق.. مخاوف من نشوء "أكاديميات جهادية" جديدة!

سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش حالات وفاة خلال الاحتجاز في نينوى نتيجة الاكتظاظ الشديد، بالوقت الذي تقول فيه المنظمة إن "الأدلة التي عُرضت عليها تشير بقوة إلى أن الظروف في مراكز الحبس الاحتياطي في نينوى غير صالحة لاحتجاز المعتقلين لفترات زمنية مطوّلة، ولا تفي بالمعايير الدولية الأساسية، لافتة إلى أنه "يرقى احتجاز المحتجزين في مثل هذه الظروف إلى حد سوء المعاملة".

أوضحت رايتس ووتش أن "المعايير الدولية الخاصة بظروف السجون المنصوص عليها في "قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" "قواعد مانديلا" تشترط أن "تُوفَّر لجميع الغرف المعدَّة لاستخدام السجناء، ولا سيما حجرات النوم ليلًا، جميع المتطلَّبات الصحية، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية، وخصوصًا من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصَّصة لكلِّ سجين والإضاءة والتدفئة والتهوية". وأيضًا "يجب أن تكون المراحيض كافية لتمكين كلِّ سجين من قضاء حاجاته الطبيعية عند الضرورة وبصورة نظيفة ولائقة"، بالإضافة إلى أن تتوفَّر مرافق الاستحمام والاغتسال بالدش".

طالبت رايتس ووتش وزارتَي الداخلية والعدل "تحسين الظروف وتسريع التحقيقات، بما يضمن لكل شخص رهن الحبس الاحتياطي محاكمة سريعة ونزيهة أو إطلاق سراحه، مضيفة "ينبغي للسلطات نقل جميع المحتجزين من هذه المنشآت إلى سجون رسمية مبنية لاستيعاب المحتجزين ومجهزة لتلبي المعايير الدولية الأساسية".

خبير: يُفترض بهذه السجون أن تكون مكانًا لإعادة التأهيل، لكن إذا آوت السلطات المحتجزين في ظروف كهذه، يمكنني أن تخيّل ما سيحدث لهم بعد إطلاق سراحهم

تابعت "ينبغي للسلطات أن تضمن وجود أساس قانوني واضح للاحتجاز، وإمكان وصول جميع المحتجزين إلى محام، بما في ذلك أثناء الاستجواب، ونقل المحتجزين إلى مرافق يمكن للمفتشين الحكوميين والمراقبين المستقلين والأقارب والمحامين الوصول إليها من دون عوائق"، مشيرة إلى أنه "ينبغي للقضاة الأمر بالإفراج عن المحتجزين إذا لم يكن هناك أساس قانوني واضح للاحتجاز أو إذا لم تتمكن الحكومة من علاج الظروف اللاإنسانية أو المهينة التي يُحتجزون فيها".

ومضت بالقول إنه "ينبغي للسلطات العراقية ضمان أن الحبس الاحتياطي هو الاستثناء وليس القاعدة، وتطبيقه فقط على أساس فردي حيثما يكون ذلك ضروريًا".

وحول الأطفال، قالت هيومن رايتس ووتش إنه "ينبغي معاملة الأطفال الذين يُزعم ارتكابهم أعمالًا غير قانونية وفقًا للمعايير الدولية لقضاء الأحداث، مبينة أنه "يسمح القانون الدولي للسلطات باحتجاز الأطفال قبل المحاكمة في حالات محدودة، ولكن فقط إذا وُجهت إليهم تهم رسمية بارتكاب جريمة، وليس كمشتبه بهم فحسب"، داعية السلطات العراقية "إطلاق سراح جميع الأطفال الذين لم توجه إليهم تهم رسمية".

دعت رايتس ووتش "العراق للتصديق على "البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب"، والسماح للخبراء الدوليين المستقلين بالقيام بزيارات منتظمة لمواقع الاحتجاز، وإنشاء فريق من مفتشي السجون المستقلين لمراقبة الأوضاع".

لا تؤثر المخاوف من الاكتظاظ على المحتجزين فحسب، بل على المجتمع ككل. ينبغي للسلطات ضمان ألا تعزز الظروف في سجون العراق المزيد من المظالم في المستقبل

قالت فقيه، إن "المخاوف لا تؤثر من الاكتظاظ على المحتجزين فحسب، بل على المجتمع ككل. ينبغي للسلطات ضمان ألا تعزز الظروف في سجون العراق المزيد من المظالم في المستقبل".

كانت وكالة الصحافة الفرنسية نشرت تقريرًا ترجمه "ألترا عراق"، يتحدث عن امتلاء السجون العراقية، وإمكانية تحولها كمراكز تجنيد وتثقيف جهادي من قبل المعتقلين المتشددين، لا سيما مع نقل المئات من المقاتلين المحليين والأجانب المرحلين من سوريا إلى العراق.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"هيومان رايتس": تعذيب وانتهاكات لانتزاع اعترافات في سجون الموصل

حقوق الإنسان تؤشر على انتهاكات جسيمة في بعض سجون العراق