28-فبراير-2020

المد الشعبي في الاحتجاجات فاق التوقعات (Getty)

لم يدر بخلد الطبقة السياسية أن هذه التظاهرات ستكون السهم الأخير في نعشها، ولم يصور لها خيالها المريض أن ممارسة أبشع الطرق مع المحتجين ما هي إلا تأكيد على أنها لن تفي بأي عهد قطعته أمام الله وأمام الشعب بدفع عجلة البلاد إلى الأمام. التنصل والتسويف والرهان على نفاد صبر المحتجين هي ما عولت عليه هذه الطبقة الفاسدة لإنهاء خطر إقصائها من المشهد تمامًا فكل ما كان يدور من حديث في وسائل الإعلام ومنصات التواصل حول تلبية مطالب المحتجين والانصياع لمطالبهم كان مجرد مضيعة للوقت لا أكثر.

كل ما اتجهت القوى السياسية إلى إنهاء التظاهرات بالقوة لاقت المصير ذاته، حشد بشري على مد البصر يرفد ساحات التظاهر دونما شعور

التمسك بالمطالب وإدامة زخم الاحتجاجات أحرج هذه الطبقة كثيرًا فكل ما اتجهت إلى إنهاء التظاهرات وفض الاعتصامات بالقوة لاقت المصير ذاته، حشد بشري على مد البصر يرفد ساحات التظاهر دونما شعور، وهو ما لم تستطع هذه الفئة أن تستوعبه لغاية الآن.

اقرأ/ي أيضًا: ديمقراطية التوافق.. رؤساء بلا أب ومكلف بـ"التواثي"

ومع هذا المد الشعبي الذي فاق التوقعات ألبست هذه الطبقة الحاكمة بعض الجهات ثوب المسؤولية وزجت بها داخل التظاهرات كآخر ورقة يمكن أن تستخدم للحفاظ على هيبتها المنزوعة فقدمت منصب رئاسة الوزراء لمحمد توفيق علاوي على طبق من الدماء وراحت تنزع جلدها كالأفعى الرقطاء وتوهم الشارع أن هذا المرشح خرج من رحم سوح التظاهر وفرضته بقوة السلاح كما جرى في النجف والتحرير.

في هذا الوضع ومع تسارع وتيرة الأحداث وتقلبات الشارع لم يكن أمام المحتجين سوى اللجوء إلى خيار القبول بالمرشح بعد أن تغلبت لغة السلاح على كل بيانات الرفض، ولكن في الوقت ذاته يجب أن تعي الطبقة السياسية أن القبول بالمرشح لا يعني الاستغناء عن المطالب ونسيان كل التضحيات التي باتت جلية في ساحات الاحتجاج، بل هي خطوة تمهيدية لإجراء الانتخابات المبكرة التي من الممكن أن تغير الوضع كثيرًا وتساهم في إنهاء هيمنة الأحزاب السياسية التي باتت تطلق أنفاس الموت الأخيرة.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل سيرضى العراقيون بالقليل من حكومة علاوي؟

رسالة إلى القوى الشيعية.. دعوة لركوب الموجة!