ألترا عراق ـ فريق التحرير
لا يزال الواقع الطبي في العراق يشهد تراجعًا مريعًا على مستويات كثيرة، ولأسباب أخرى مع الواقع السياسي، يلجأ الناس إلى ما يسمى "الطب البديل"، أو الطب الشعبي، ومنه ما يسمى بـ"علاج السكوة"، المنتشر في محافظة الأنبار، ومحافظات عراقية أخرى.
"السكوة" هي مادة تحتوي على "الحبر والرصاص وأظافر حيوان أو إنسان وأجزاء من القنفذ والطين ومواد عشبية مخدرة، وتكون إما بشكل عجينة أو شراب
أحد المواطنين في المحافظة، أوضح لـ"ألترا عراق"، أن "السكوة" هي مادة تحتوي على "الحبر والرصاص وأظافر حيوان أو إنسان وأجزاء من القنفذ والطين ومواد عشبية مخدرة، وتكون أما بشكل عجينة أو شراب".
اقرأ/ي أيضًا: غاب الدواء وحضرت الأعشاب.. لماذا يلجأ العراقيون إلى "الطب الشعبي"؟
لفت المواطن إلى أن "السكوة لها مفعول قوي جدًا لذلك نستخدمها، على عكس ما يعطيه الأطباء لأطفالنا".
في الأثناء، أطلق الطلبة بكلية الطب في جامعة الفلوجة، حملة توعية للمواطنين بشأن استخدام "السكوة"، كعلاج للأطفال بعد إثبات الفحوصات المختبرية خطورتها التي تصل إلى الوفاة.
محمد كريم، وهو أحد القائمين على الحملة، قال إن "السكوة هي مادة تتكوّن من أعشاب الزعفران وبعض المواد الأخرى غير المعروفة، تعطى للأطفال كعلاج، مبينًا أنها "تسببت بموت 10 أطفال مؤخرًا".
أضاف كريم "أجريت تحليلات مختبرية للخلطة العشبية وتبين وجود مادة الرصاص القاتل فيها"، مشيرًا إلى أن "شفاء الأطفال الذين تم إعطاؤهم تلك المادة مؤقتًا، حيث تظهر بعد فترة أعراض النحول والأرق وضعف المناعة، وإذا كانت الكمية كبيرة قد تتسبب في وفاة المريض".
لم تقتصر وصفة "السكوة" على محافظة الأنبار فقط، إنما وصلت إلى بغداد، حيث نقل طفل إلى مستشفى في العاصمة بغداد، بحالة حرجة في منطقة الرأس إثر استخدامها له
ولم تقتصر وصفة "السكوة" على محافظة الأنبار فقط، إنما وصلت إلى بغداد، حيث نقل طفل إلى مستشفى في العاصمة بغداد، بحالة حرجة في منطقة الرأس إثر استخدام وصفة "السكوة" له قبل أشهر.
اقرأ/ي أيضًا: "السمسرة الطبية".. تواطؤ وتسويق بـ"الحنّاء" على طريقة "المراقد المقدسة"!
قالت الطبية سهاد الجبوري وهي من كوادر إحدى مستشفيات الطفل في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق"، إن "الطفل يعاني من أعراض مشاكل في الجهاز الهضمي، وكانت جدة الطفل تغطي رأسه حتى لا تلفت انتباه الأطباء، وعند الفحص الكامل لجسم الطفل اكتشف الطبيب المقيم المُعالج ان هناك (سگوة برأسه) وهي علاج شعبي"، مشيرة إلى أن "هذه الحالات بدأت تتكرر كثيرًا في عموم العراق".
وأوضحت أن "عجينة السكوة يضعوها على رأس أو جسم الطفل بعد عمل جروح لتسهيل امتصاص المواد أي أن الجروح بمنطقة فروة الرأس، وهذه ممكن أن تتسبب بالتهاب السحايا ومضاعفاتها"، مشددة على ضرورة "الابتعاد عن العلاجات الشعبية لخطورتها على جسم المريض".
وفي 3 آيار/مايو 2019، أعلنت طوارئ مستشفى الفلوجة للنسائية والأطفال التعليمي، استقبال حالة مرضية لطفل بعمر ستة أشهر من قضاء الكرمة، مشيرة إلى أنه وصل إلى المستشفى في أنفاسه الأخيرة بعد أن أعطي "السكوة".
طبيب مختص: يتكرّر كثيرًا استخدام "السكوة" وتؤدي إلى الوفاة بينما تم إنقاذ عشرات الأطفال من هذا الخطر المحدق
قال الطبيب الاختصاص في طب الأطفال، أحمد عريبي، إن "الطفل أحضر إلى المستشفى، وكان يعاني من التهاب الأمعاء مع الإسهال، وهذه من الأمراض الشائعة لدى الأطفال، وخصوصًا في هذه الفترة، مبينًا "إلا أن ذويه لم يراجعوا الطبيب الاختصاص، وإنما كان توجههم إلى ما يسمونه بطب العرب "السكوة".
اقرأ/ي أيضًا: الصحة.. تكتم على الموت البطيء وانتشار الأوبئة ودفع نحو الهند وإيران
أضاف أنه "بعد تعرض الطفل إلى هذا الإجراء الخاطئ الذي أدى إلى تسممه بهذه المادة وحدوث اختلاجات لديه مع تسارع في النفس وارتفاع حموضة الدم وصعود اليوريا التي أدت إلى وفاته".
أوضح عريبي أن "هذه الحالة تكررت أكثر من مرة خلال هذا الشهر وأدت إلى الوفاة بينما تم إنقاذ عشرات غيرهم من هذا الخطر المحدق بأطفالنا بسبب جهل ذويهم".
اقرأ/ي أيضًا:
شبح السكّري القاتل في العراق.. "سرطان نائم" في أسرّة الأطفال والكبار!