الترا عراق - فريق التحرير
أحدثت نتائج انتخابات آيار/مايو 2018، تغييرًا في خارطة التحالفات السياسية فانتقلت من اصطفافات طائفية إلى التوافقية، وكانت علاقة المتحالفين بدول الجوار وآليات قتال "داعش" هي حجر الزاوية في رسم ملامح التفاهمات التي أفضت إليها، فانشقت عصا الطائفة واجتمعت قوى "المكتسبات".
أسست الانتخابات الماضية تحالفات جديدة لكنها ليست متماسكة وهو ما ظهر جليًا في خلافات القوى السنية بعد انتخاب محافظ نينوى
لكن ذلك لم يصنع كتل متماسكة خاصة بين نواب المحافظات المحررة، الذين اجتمع ستة من قادتهم وفي طقس سديمي ليعلنوا، في 14 آب/أغسطس 2018، تشكيل تحالف المحور الوطني، والذي وصفه مراقبون بالمرحلي والضعيف، وهم: زعيم حزب الحل جمال الكربولي، ورئيسا مجلس النواب السابقين أسامة النجيفي وسليم الجبوري، بالإضافة إلى زعيم حزب القرار خميس خنجر ومحافظ صلاح الدين السابق أحمد عبد الله الجبوري، و وزير الزراعة السابق فلاح حسن زيدان.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا ينتظر العراق بعد رمضان؟ مصدر خاص: الأنبار جزء من "صفقة القرن"!
الفتى الشاب رئيسًا!
كانت أولى مهام تحالف المحور المنضوي في تحالف البناء، الظفر بمنصب رئيس مجلس النواب، كونه حصة المكون السني وفقًا للديمقراطية التوافقية بعد 2003، ولم يحصل التوافق التام داخل التحالف فترشح عنه لرئاسة المجلس أسامة النجيفي والنائب الشاب محمد الحلبوسي، وحظي الأخير بتظافر جهود داخلية وإقليمية بالمنصب، في جلسة "مريبة" طعن بها قانونيًا فيما بعد، في 15 كانون الأول/ديسمبر 2018، بعد حصوله على 169 صوتًا من أصل 298، فيما حصل كل من النائب عن ائتلاف النصر خالد العبيدي على 89 صوتًا، وأسامة النجيفي على 19 صوتًا، وجاء محمد الخالدي بأربعة أصوات، كما حصل كل من رعد الدهلكي وطلال الزوبعي على صوت لكل منهما.
وأثارت عملية انتخاب الحلبوسي، جدلًا سياسيًا، حيث اتهم النائب عن ائتلاف "النصر" خالد العبيدي، تحالف المحور الذي يضم الكتل السنية بشراء منصب رئاسة المجلس للحلبوسي بـ30 مليون دولار. وقال عبر تويتر، : "لتفرح العائلة الفاسدة ببضاعتها التي اشترتها بـ 30 مليون دولار، وليفرح الفاسدون الذين بدأوا يتبادلون التهاني، وللعراق والعراقيين أقول: لكم الله فهو خير معين". فيما أعلن النائب في البرلمان العراقي طلال الزوبعي، عن تقديمه طعنًا لدى المحكمة الاتحادية بجلسة انتخاب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، مطالبًا بإعلان "بطلان جلسة الانتخاب"، لما شابها من "مخالفات كثيرة".
اختبار التماسك
لم يضع تحالف المحور نظامًا داخليًا واضحًا يحدد آلياته في التعامل مع المسائل الخلافية، كما هو الحال في التحالفات الأخرى، خاصة في ظل غياب هيئة رئاسة واضحة، بالإضافة إلى تصارع مكوناته، فيما يرى مراقبون أن بعض قيادته نالوا ما يطمحون إليه من مناصب في الحكومة ما يجعلهم يعملون على صناعة رؤية جديدة للمرحلة المقبلة قد تستوجب تحالفات جديدة.
انتخب الحلبوسي رئيسًا للبرلمان على حساب خالد العبيدي وأسامة النجيفي في جلسة "مريبة" لم تختلف أجواؤها كثيرًا عن جلسة انتخاب محافظ نينوى
ومثلت قضية اختيار محافظ نينوى، مؤخرًا، البرهان على ضعف ووهن التحالف، إذ نجح رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض باغتنام المنصب لمرشحه منصور المرعيد بدعم من خميس الخنجر على حساب مرشح رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
كما يبدو أن أجواء الجلسة لم تكن بعيدة عن جلسة انتخاب الحلبوسي، حيث أعقبتها ذات الاتهامات حول وجود صفقات لشراء أصوات أعضاء المجلس سبقت جلية انتخاب المرعيد. حيث قال محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي في تغريدة على تويتر، إن "بضعة ملايين دولار + منصب محافظ كركوك ثمن منصب محافظ نينوى".
من جانبه قال عضو المكتب السياسي في تيار الحكمة فادي الشمري في بيان، اطلع عليه "ألترا عراق"، في 13 آيار/مايو 2019، إن "ما يجري من صفقات مخزية في محافظة نينوى وقضية انتخاب المحافظ فضيحة مدوية يقف خلفها أرباب الفساد وتجار السياسة المعروفين"، مضيفًا أن "ما تعانيه أكبر محافظتين بالعراق (نينوى والبصرة) من تسلط فاسدين وتجار سياسة يستدعي التوقف واتخاذ الإجراءات الواقعية لكسر شوكة الفساد، وعلى مجلس النواب ومجلس الوزراء اتخاذ القرارات السريعة للحد من هذه الظواهر التي فرطت بمصالح الناس وتقدم مدننا".
تفكك.. إحياء تحالفات!
لم يكد ينقشع غبار واقعة الموصل حتى توالت بيانات حل وإحياء التحالف، حيث أعلن نواب المدن المحررة حل تحالف المحور، واستبعاد كلٍ من خميس الخنجر وأحمد الجبوري (أبو مازن)، وإحياء تحالف القوى العراقية برئاسة محمد الحلبوسي، وفق بيان صدر باسم نواب المدن المحررة.
اقرأ/ي أيضًا: كواليس انتخاب المرعيد.. "عودة" البيشمركة و"انهيار" السنة!
بالمقابل، أعلن تحالف المحور الوطني في اليوم ذاته، إلغاء عضوية الحلبوسي من التحالف مع عدد من الأعضاء، فيما أكد سعيه استبدال الأخير من رئاسة مجلس النواب، فيما اتهم الحلبوسي بـ "محاولة تشتيت التحالف وعدم التزامه بالأطر والأهداف التي تشكل التحالف لأجلها".
كشف التفكك الذي أصاب القوى السنية مقدار وهن التحالفات الجديدة، وأثار أسئلة عن تأثيره على الملفات الكبيرة ومن بينها الوزارات الشاغرة ورئاسة البرلمان
كما أكد التحالف، "سعيه لمفاتحة التحالفات والكتل الأخرى بشأن استبدال الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب، واختيار شخصية برلمانية أكثر اتزانًا لقيادة السلطة التشريعية في المرحلة القادمة".
بدوره، أكد تحالف العراق هويتنا، تمسكه بمحمد الحلبوسي رئيسًا للبرلمان، مشددًا على ضرورة عدم التعامل مع خميس الخنجر لأنه "ممول للإرهاب"، وفق بيان قال إنه يعكس رؤية أغلب نواب التحالف بضرورة "حل تحالف المحور الوطني واستبعاد خميس الخنجر - الأمين العام للمشروع العربي، من أي تشكيل سياسي سني بسبب إساءته وتشويهه لسمعة المكون وتورطه بصفقات تمويل الإرهاب وصفقات السمسرة في بيع وشراء منصب محافظ نينوى".
الأرقام تحسم الموقف
في ظل كل ذلك، يدور الحديث عن مصير التفاهمات السابقة بشأن الاستحقاقات المؤجلة، وأبرزها وزارتي الدفاع والتربية، والأخيرة هي حصة خميس الخنجر، مع تساؤل عن موقف القوى الشيعية في تحالف البناء من الخلاف السني ومع أي طرف سيقفون، خاصة وأن الطرفين لهما حزمة أولويات متناقضة، حيث يعمل الخنجر وأبو مازن على إقالة الحلبوسي وتقديم مرشح بديل، فيما يسعى الأخير إلى الظفر بالوزارتين.
إزاء ذلك قال مصدر سياسي مطلع، إن "التفاهمات التي جعلت من الحلبوسي رئيسًا للبرلمان، خاضها قادة تحالف المحور وهي من حددت المناصب الأخرى، لكنها بالوقت ذاته ليست قطعية وغير ملزمة بالوقت الحاضر"، مشيرًا إلى أن "الكرة الآن في ملعب القوى السنية لترتيب أوراقها واختيار رؤساء للتحالفات الجديدة للتفاوض بشكل عملي".
وبين المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لحساسية موقعه، في حديث لـ "ألترا عراق"، أن "الأرقام هي من ستحدد التحالفات المقبلة، خاصة وهي مقبلة على ملفات مهمة تحتاج لحشد نيابي متماسك لتمريرها"، مشيرًا إلى أن "القوى الشيعية لن تجد أي حرج في إنهاء تحالف ودخول آخر، حيث تحملوا سخط الشارع عندما احتاجوا إلى عدد لتقوية جبهتهم النيابية فتحالفوا مع الخنجر والكربولي".
يرى مصدر سياسي مطلع أن الأرقام هي من ستحدد التحالفات المقبلة وأن مصير الحلبوسي سيكون على طاولة المفاوضات
أشار المصدر أيضًا، إلى أن "التفاهمات القادمة لن تكون مرنة بالدرجة المعهودة، وكل طرف سيفرض شروطه وفقًا لعدد نواب"، لافتًا إلى أن "استبدال الحلبوسي ومصير وزارتي التربية والدفاع، بالإضافة إلى المناصب التي تدار بالوكالة، فضلًا عن الموقف البرلماني من الأزمة الإيرانية الأمريكية، هي أبرز الملفات التي ستطرح على طاولة التفاوض".
اقرأ/ي أيضًا:
رغم تغريدة الصدر وموقف البرلمان.. مرشح الحشد محافظًا لنينوى
تكدره مخاوف أمنية وأزمات.. رمضان يطرب أسواق الموصل وسراديبها القديمة