ألترا عراق ـ فريق التحرير
أعادت أعداد كبيرة من المتظاهرين إحياء حراك تشرين في ذكرته السنوية الثانية، لإثبات عدم انتهائها كمبدأ حتى مع إنهاء الاعتصامات منذ عام من الآن، ووفقًا لمتظاهرين، فأن عودة إيقاظ تشرين ليست صعبة، كما كان تنظيم أي تظاهرة فيما سبق صعب ويحتاج إلى فترات طويلة من التحشيد فضلًا عن تراكم الاستياء.
رغم مرور عامين ما زال المتظاهرون يحتفظون بتظاهراتهم تحت مسمى تشرين ليكون أي نشاط جديد ممتد ومتصل بها
وخرج المتظاهرون في بغداد بمسيرة ابتدأت من ساحة الفردوس صوب ساحة التحرير، فضلًا عن خروج تظاهرات أخرى في محافظات البصرة وذي قار والعديد من المحافظات الأخرى.
اقرأ/ي أيضًا: أجواء ساحة التحرير.. مطالب القصاص من "القتلة" تصدح في ذكرى تشرين
ورفع المتظاهرون ذات الشعارات التي تميزت بها تشرين، المناهضة للمحاصصة الطائفية والفساد والمطالبة بدماء ضحايا الاحتجاجات، فيما تم رفع صور مئات الضحايا الذي لقوا حتفهم في التظاهرات أو بعمليات اغتيال على خلفية نشاطاتهم في الاحتجاجات.
ورغم مرور عامين ما زال المتظاهرون يحتفظون بتظاهراتهم تحت مسمى تشرين ليكون أي نشاط جديد ممتد ومتصل بها، دون العودة لنقطة الصفر.
وعن سبب ديمومة تشرين بهذا الشكل وتميزها عن باقي الاحتجاجات، يصف الباحث بقضايا الشرق الأوسط ورئيس المركز العربي الاسترالي للدراسات أحمد الياسري تشرين بأنها "عصارة الحركات الاحتجاجية العراقية" ما بعد 2003، والتي تمكنت من حل الإشكالية بين المجتمع والوطن.
ويقول الياسري في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "الحركات الاحتجاجية المعترضة على العملية السياسية ابتدأت منذ 2008 في حكومة نوري المالكي وامتدت حتى تشرين 2019، كانت حركات احتجاجية قوية جدًا ولكن تشرين هي العصارة لهذه الحركات وتميزت بطرحها لمفاهيم استعادت الهوية الوطنية، التي كان يحتكرها حزب البعث، لتأتي الأحزاب ما بعد 2003 وتقيم نظامها الحالي بعقلية معارضة احتكار الهوية الوطنية، لذلك انقسمت وتمركزت على هوياتها الفرعية العرقية الطائفية، وهذا ما رسخ حالة الانقسام والفرقة في الداخل العراقي، وتشرين هي عملية رفض لهذا الواقع".
ويصف الياسري تشرين بأنها "أول حالة في التاريخ الشيعي لتعرض شيعة العراق إلى اضطهاد من سلطة شيعية وهذا ما لم يحدث سابقًا أبدًا منذ الدولة الأموية، بل كان هاجس الخطر الأكبر لسكان وسط وجنوب العراق هو الشعور بالخطر الخارجي الذي يهدد كينونتهم وكانوا غير متصالحين مع السلطة، لذا فأنه أول مرة تقوم سلطة شيعية بتفجير رؤوس أبنائهم".
ومن هذا المنطلق يرى الياسري تفسيرًا للإصرار على رفع صور ضحايا تشرين في مناسبات مختلفة ولا سيما في المناسبات الدينية، حيث يبين أن "هذا يصب تجاه نوايا تخليد الضحايا وبعملية تخليد إشهارية يقوم بها الشيعة لفضح التشيع السلطوي وهو نوع من أنواع الاستحضار لمشاهد قتل الشيعة في انتفاضة 91"، حيث يجد الياسري أن "المشهد متقارب وأعطاهم دفعًا رمزيًا لتخليد هذه الحادثة باعتبارها حادثة مفصيلة، فضلًا عن اعتبار شهداء تشرين مناضلين لأجل تحرير العراق من الهيمنة والسيطرة الخارجية".
ويعتقد الياسري أن "تشرين من أبرز الأحداث التي حصلت في تاريخ العراق المعاصر منذ نشوء الدولة العراقية"، مبينًا أن "كل الثورات السابقة كانت عبارة عن انقلابات للسيطرة على السلطة ولم يشهد العراق ثورة حقيقية، وحتى ثورة العشرين كانت ثورة اعتراضية على احتلال خارجي وهذا يحصل في كل دول العالم ولا يعطيها تفوقًا على تشرين، بينما تشرين طرحت مفهوم إصلاح الدولة وهذا تطور في الوعي العراقي بطرح هذه الأفكار العميقة لاستعادة الدولة وإعادة بنائها".
يقول الباحث أحمد الياسري إن ثورة العشرين كانت ثورة اعتراضية على احتلال خارجي وهذا يحصل في كل دول العالم ولا يعطيها تفوقًا على تشرين
وفي وصف مختصر لتشرين، يبين الياسري أن "تشرين أعلنت المصالحة بين الوطن والمواطنين المنقسمين مع الوطن وضده"، مختصرًا الخلاصة بأن "تشرين حلّت الإشكالية بين الوطن والمجتمع".
اقرأ/ي أيضًا:
العجلات تطأ أراضي تشرين "المحرمة" بعد عام.. ما هي السيناريوهات الجديدة؟
حشود تطلب القصاص.. "عاصمة تشرين" تغص بأفواج "التكتك" وصور الضحايا