الترا عراق - فريق التحرير
16 تشرين الأول/ أكتوبر، يوم مر عاشه الكرد قبل نحو عامين ولا تزال آثاره عالقة في أذهانهم، حين دفعت القوات الاتحادية قوات البيشمركة وبعض القوات الأخرى الكردية الساندة عن المناطق المناطق المتنازع عليها، بعد أن أصر زعيم الإقليم حينها مسعود بارزاني على إجراء الاستفتاء.
تتميز العلاقات بين قيادات الحشد الشعبي وإدارة كردستان بـ "الاضطراب" ظاهرًا خاصةً بعد دور الأول في عمليات استعادة كركوك
قال الكرد حينها إن الحشد الشعبي مدعومًا بقاسم سليماني، هو من كان يقود الحملة، ومنذ ذلك الحين، ظلت العلاقة بين الكرد والحشد الشعبي في العلن مضطربة، تبرهنها الهجمات المتبادلة بين الطرفين عبر المنصات التابعة لكل منهما.
اقرأ/ي أيضًا: "اعتداء" على الجيش وقطع الطريق.. الحشد الشعبي "يجر" نينوى نحو "كارثة جديدة"!
لكن بالعودة إلى مقابل أحداث تشرين في 2017، فلابد من الإشارة إلى مشاركة القوات الكردية إلى جانب القوات الأمنية والحشد الشعبي في معركة استعادة الموصل من تنظيم "داعش"، لكن على رغم من ذلك لم تكن الأمور على مايرام، وفق اطلاعات ميدانية خلال أيام المعارك.
ظل "سكراب" الموصل، وهو حديد من ركام المدينة وآليات مدمرة، يتدفق بعد ذلك نحو كردستان لفترة طويلة، من قبل جهات تنتمي إلى الحشد الشعبي، وهو ما استفاد من الإقليم بشكل كبير. يقول مسؤول سياسي في نينوى طلب عدم نشر اسمه أن "الحشد الشعبي كان يجمع كل الحديد والصلب المكدس جراء الحرب، وبعضه يعود لمصانع وآخر لأليات، ويدفع بالمقابل لأصحابها مبالغ لا تصل إلى 100 دولار، ثم ينقلها إلى كردستان بمبلغ مئتين دولار وأكثر للطن الواحد".
أضاف المسؤول في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "تلك المواد المنقولة والتي تعتبر مخلفات حربية وفق ناقليها، كانت تنقل بكتب رسمية من قبل محافظ نينوى حينها نوفل العاكوب، وتمر عبر نقاط تفتيش الحشد الشعبي وصولًا إلى أربيل عاصمة الإقليم"، مبينًا أن "تلك المواد يتم بيعها لإيران أو استثمارها في أربيل، حيث يرتبط الحشد بأربيل في علاقة اقتصادية لا تتأثر بالخلافات الأمنية والسياسية".
كما يشير، إلى أن "جهات في الحشد الشعبي والتي كانت مسؤولة عن النقل هي: عصائب أهل الحق، كتائب حزب الله، النجباء، وحشد اللواء 30 الشبكي".
يقول عضو في برلمان كردستان عن الحزب الإسلامي، إن "الإقليم استقبل هذه الكميات حتى قبل عام تقريبًا، ثم توقف تلك الحركة، وكان أمرًا طبيعيًا بموافقات من الحكومة المركزية، وعملية بيعه أو استثماره بأي طريقة هو إجراء مشروع"، مبينًا أن "العلاقة مع الحشد لم تكن تحظى بترحيب في الإقليم، خصوصًا للمطلعين على الأمر، لكن الحكومة في كردستان حينها كانت تعتبر الملف محض تعاملات مالية داعمة وليس العكس، لذلك استمرت فيه".
كشف مسؤولون في كردستان ونينوى عن مصالح اقتصادية جمعت الحشد بكردستان بملايين الدولارات على حساب مدينة الموصل تتعلق بأطنان "السكراب" الذي ظل يتدفق نحو الإقليم
يضيف البرلماني الذي تحدث لـ "الترا عراق" شريطة عدم كشف اسمه، أن "تلك المواد كانت تباع لاحقًا إلى إيران، ولم يباع منها سوى القليل إلى تركيا، فيما استخدم الجزء الآخر منها داخل الإقليم كمواد قابلة لإعادة التدوير، لكن كل تلك الأمور ليست سوى مشاريع تجارية، حتى وإن رفضناها كمعارضة في إقليم كردستان، فأنها لا تمثل أي نقطة خلافية بين الأحزاب الكردية أو المسؤولين الحكوميين هنا، وإذا كان هناك خلاف حول بيعها فإن من يحاسب ليس المشتري وإنما البائع، ومن استحصل الموافقات الحكومية لاستخراجها من الموصل".
تبعد الموصل 70 كيلومترًا عن أربيل، وترتبط المدينة بعلاقات اجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية بكردستان، إذ تعتبر الموصل بوابة أربيل لترويج البضائع المستوردة من تركيا وإيران.
في الموصل سبع عشائر كردية تسكن إلى جانب السكان العرب والأقليات الأخرى، والبالغ عددهم نحو مليوني نسمة، ولكن أعداد كبيرة من كرد الموصل الكرد سكنوا أربيل عقب سقوط الموصل في 2014 بيد تنظيم "داعش".
يقول المحلل الاقتصادي عمر العباسي، إن "العلاقة بين أربيل والموصل وطيدة، خصوصًا على الصعيد الاقتصادي، لكن أن تكون هناك علاقة بين الحشد الشعبي والسلطات الكردية، هذه التي كانت جديدة، حيث أن الجيمع يعلم أن الكرد والحشد الشيعي على خلاف طويل بسبب الفكر أولًا، والمواقف السياسية ثانيًا".
اقرأ/ي أيضًا: كركوك و"ولاء" البيشمركة.. مهلة قصيرة و"أزمات معقدة" في كردستان!
يضيف العباسي لـ "ألترا عراق"، أن "أربيل استفادت من الموصل ليس فقط بالسكراب والمواد التي تباع هناك، وإنما استفادت أيضًا من عمليات النزوح التي حركت السوق الكردي الراكد جراء الأزمات السياسية بين أربيل وبغداد، والأوضاع في محيط كردستان من ناحية الحشد الشعبي".
يصل حجم "السكراب" المهرب من مدينة الموصل إلى أربيل إلى 7 ملايين طن، وفق معلومات تحراها "الترا عراق"، لكن الجهات المسؤولة حينها رفضت التصريح عن الوجهة والاستخدامات التي نتجت عن تلك العمليات.
يفتح هذا الملف الباب أمام تساؤلات عن الأسلحة والآليات التي استحوذت عليها القوات الكردية، عندما فر عناصر الجيش العراقي إثر سيطرة "داعش" على الموصل
كما يفتح هذا الملف الباب أمام تساؤلات عن الأسلحة والآليات التي استحوذت عليها القوات الكردية، عندما فر عناصر الجيش العراقي إثر سيطرة "داعش" على الموصل.
يشير مصدر مسؤول في حكومة نينوى المحلية لـ "الترا عراق"، إلى أن "الأسلحة والمعدات لدى قوات البيشمركة، هي غير التي جهزها بها التحالف الدولي، حيث كانت معدات الجيش العراقي وحتى الآن عندهم، بل وشاركت فيها قوات البيشمركة خلال الحرب على داعش، والحكومة المركزية تعلم بذلك ولكنها لم تفتح الملف مع كردستان".
اقرأ/ي أيضًا:
فتوى السيستاني و"لعبة التوازن".. هل حانت الحرب "الشيعية - الشيعية"؟!
تقدير موقف: مستقبل الحشد الشعبي في العراق.. بين سيادة الدولة وصراع المحاور