11-نوفمبر-2022
أسعار العقارات في بغداد

أسعار جنونية للعقارات في بغداد (فيسبوك)

تشهد بغداد ارتفاعًا غير مسبوق بأسعار العقارات، خصوصًا في المناطق التي تسمى بـ"الراقية"، وسط فقدان السيطرة على هذا الملف من قبل الحكومات المتعاقبة، إذ أصبح سعر المنزل الواحد يتجاوز أسعار أشهر وأكبر مدن العالم، مما سلط الضوء على إمكانية وجود عمليات لغسيل أموال تدار في الخفاء، ووفقًا لحديث سابق، للمتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، فإنّ عدد سكان العاصمة بغداد بلغ 8 ملايين و750 ألف نسمة، من أصل 41 مليونًا و190 ألف نسمة في عموم المحافظات.

ملف شراء العقارات دخل ضمن تبييض الأموال لبعض التجار والسياسيين المعروفين

ورغم أن بغداد تصدرت قائمة المدن الأسوأ للمعيشة، بحسب مجلة "موي نيغوثيوس إي إيكونوم الإسبانية" في العام 2019 ضمن قائمة احتوت على 231 مدينة، بسبب تدني مستوى المعيشة والفوضى الأمنية وسوء الخدمات، إلا أنّ أسعار المنازل والشقق السكنية وحتى الأراضي التي لا يسكنها أحد تواصل الصعود بأسعار جنونية. 

سياسيون وتجار

أصحاب مكاتب العقارات يعتقدون أن هناك إقبالًا كبيرًا على شراء الأراضي والمنازل السكنية في عموم أنحاء العاصمة بنسبة تتجاوز الـ80% عن الأعوام  الـ 8 الأخيرة، وفي هذا الصدد، يقول صاحب مكتب عقار في منطقة اليرموك، إنّ "ملف شراء العقارات دخل الآن بشكل رسمي ضمن (تبييض الأموال)، لبعض التجار والسياسيين المعروفين".

ويضيف صاحب المكتب الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بعمله، أنّ "الاعتماد على هذا القطاع (شراء العقارات)، جاء للتهرب من الكشوفات المالية كون ان هناك إمكانية لتسجيله بأسماء عديدة، مما يتيح لهم شراء عشرات العقارات في وقت واحد وعدم وجود أي سند قانوني يدين أي شخصية منهم".

ووفقاً لحديث صاحب المكتب لـ"ألترا عراق"، فإنّ الإقبال على شراء العقارات أسفر عن ارتفاع كبير جدًا في أسعار المنازل والأراضي في عموم أنحاء العاصمة بغداد، وهو ما ألقى بظلاله على المواطن الاعتيادي الذي أصبح شراء دار له بمثابة حلم.

وعلى مدار سنوات طوال عانى العراق من وجوده في قائمة الدول شديدة المخاطر في مجال غسيل الأموال، إلا أنّ في 9 كانون الثاني/يناير 2022، أعلنت الحكومة رفع اسم البلد من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات المخاطر العالية في مجالي مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

طرق غسيل الأموال

وعن هذا الملف، يتحدث الخبير الاقتصادي نبيل جبار التميمي، إنّ "عمليات غسيل الأموال في العراق تجري عبر تدوير الأموال من خلال إجراء عمليات شراء وبيع لعقارات معينة أغلبها في العاصمة ثم الحصول على وثائق تثبت ملكية الأموال ومصادرها".

وبعد بيع العقارات بشكل رسمي وقانوني، تدخل العملية الثانية وهي تحويل تلك الأموال إلى خارج العراق، وفقًا لكلام التميمي لـ"ألترا عراق".

ويختتم الخبير الاقتصادي، حديثه بالقول إنّ "هناك سلع عديدة تجري من خلالها هذا النوع من غسيل وتبييض الأموال، إلا أنّ اللجوء إلى العقارات يحقق منفعة سريعة وأكبر للعاملين في غسيل الأموال وتختصر لهم الطريق".

ومع ارتفاع أسعار الدولار في العراق جراء خفض قيمة الدينار والأزمة الاقتصادية التي تعصف عموم دول العالم، والتي أسفرت عن ارتفاع جميع السلع، تتزايد أسعار العقارات في البلاد الأمر الذي يقابلها ارتفاع آخر في بدلات الإيجار ما سبب بزيادة الأزمة التي ضرت المواطنين، وفقًا لحديث المراقبين.

ارتفاع مجنون

وفي منطقة المنصور، يقول صاحب مكتب لبيع وشراء المنازل خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إنّ "ارتفاع القدرة الشرائية العالية لبعض (الفئات) كانت وراء الأزمة التي يعاني منها العراق والمتضمنة الارتفاع المجنون في أسعار العقارات".

ارتفاع أسعار العقارات ساهم في زيادة عدد التجمعات العشوائية

وتعني ما يعرف بـ "غسيل الأموال أو تبييضها"، هي إعادة تدوير الأموال، الناتجة عن نشاطات مشبوهة في الأسواق، وتحويلها من أموال مجهولة المصدر إلى أموال ذات طابع شرعي وقانوني ويمكن التحكم بها علنًا.

ويستطرد صاحب مكتب العقار حديثه قائلاً إنّ "ارتفاع أسعار العقارات ساهمت في زيادة عدد التجمعات العشوائية، كون راتب الموظف الاعتيادي لا يكفي لشراء أي منزل في أي منطقة حتى لو ادخر لـ 20 عامًا".

الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، أطلقت مبادرة "داري" لتوزيع نصف مليون قطعة أرض سكنية على الفئات المستحقة مع تقديم قروض ميسرة في فترة سداد تصل إلى 20 عامًا، للحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار إلا أن الأراضي لم توزع على أي مواطن.

جردة لأسعار العقارات

وأجرى "ألترا عراق"، جردة سريعة لأسعار العقارات في عدد من مناطق العاصمة بغداد ووجد الآتي:

  • سعر المتر الواحد في منطقة اليرموك (الأربع شوارع)، بلغ ما بين 12000-15000 دولار.

  • سعر المتر الواحد في منطقة المنصور يبدأ من 35 ألف دولار.

  • سعر المتر الواحد في منطقة الجادرية وصل إلى 7 آلاف دولار.
  • سعر المتر الواحد في منطقة الحارثية وصل إلى 5 آلاف دولار.

  • سعر المتر الواحد في منطقة شارع فلسطين وصل إلى 2500 دولار.

وأنشأت الحكومة في العام 2007، مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن هيكل البنك المركزي، في حين أعيد تشكيله في العام 2015 بعد صدور قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015.