01-مايو-2021

تبدأ الأضرار من وجود 1.5 مليون عامل أجنبي (فيسبوك)

مرّت سنوات طويلة دون تغيير في حال العمال العراقيين، لكن ربما يكون الحال سابقًا أفضل من الحالي حين يتم تتبع سلسلة الإجراءات والقوانين المرتبطة بالقطاعات التي يعملون فيها، حتى باتت أوضاعهم اليوم سيئة جدًا نتيجة لتراكم الأزمات الاقتصادية وآخرها جائحة كورونا التي أثقلت كاهلهم كثيرًا، وفضلًا عن تفضيل العامل الأجنبي على العامل العراقي في الداخل، فإن هناك "عدم ترحيب" للعامل العراقي في الخارج أيضًا، لأنه ـ ووفقًا لمختصين ـ لم يلحق بعجلة التطوير على مستوى الأعمال في العالم، عربيًا ودوليًا. 

عدد العمال في عموم العراق الذين يعملون في القطاع الخاص يتراوح بين 4 إلى 5 ملايين عامل

جاء اليوم العالمي لعيد العمال في 1 آيار/مايو 2021، مغايرًا وبقوة، حيث أن ما أفرزته جائحة كورونا في العالم على النشاطات الاقتصادية، لم يكن العمال في العراق بعيدًا عنها، إذ أدت إلى خسائر كبيرة وصلت في بعض الأحيان لأغلاق مشاريع كاملة أو تخفيض أعداد العاملين ببعضها عن طريق التسريح كما حصل مع اشتداد فترات الإغلاق الجزئي والشامل منذ مطلع 2020 في بغداد وعموم محافظات البلاد وفقًا لإجراءات الحكومة المفروضة، دون التفكير بهذه الطبقات وما يمثله وجود حركة طبيعية في الشوارع وأماكن العمل لها، وفقًا لعديدين.

اقرأ/ي أيضًا: إجراءات جديدة بشأن العمال الأجانب في العراق

ويقول رئيس اتحاد نقابات العمال في العراق، ستار الدنبوس، إن "عدد العمال في عموم البلاد الذين يعملون في القطاع الخاص يتراوح بين 4 إلى 5 ملايين عامل، وهم من فئات وشهادات مختلفة، مبينًا في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "بينهم من يحملون شهادات في الهندسة وشهادات عليا وغيرهم من الابتدائية والمتوسطة والأعدادية، وحتى من لا يمتلكون شهادات علمية أصلًا وأعمارهم كبيرة، فيما لفت إلى أن "من لديهم المؤهلات العلمية تصل رواتبهم إلى 750 ألف دينار وحتى مليون دينار".

وأشار الدنبوس إلى أن "أقل أجر ممكن أن يتسلمه العامل هو 450 ألف دينار، موضحًا أن "عدد العمال الذين سيتمّ شمولهم بقانون التقاعد الجديد يبلغ أكثر من 560 ألف عامل، مبينًا أن "النقابة ستقدم طعنًا بقانون الضمان الاجتماعي لكونه يحتوي على أخطاء وإجحاف كبير لطبقة العمال بما يخص المواد 80 و85 التي قام البرلمان بحذفها رغم احتوائها على فوائد للعمال والمتقاعدين المشمولين بالقانون".

من جهته، يؤشر النائب وعضو لجنة العمل النيابية حسين عرب، توفير قانون التقاعد والضمان الاجتماعي الجديد إمكانية صرف راتب تقاعدي لكل مواطن وفق نقطتين أساسيتين، وهما الخدمة والسن القانوني، مشيرًا في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أن "البرلمان قام بالقراءة الأولى للقانون وخلال الفترة المقبلة سيتم إدراجه بجدول الأعمال للقراءة الثانية وتشريعه بشكل كلي ليدخل حيز التنفيذ، فيما شدد على "ضرورة الحد من العمالة الأجنبية في العراق لأنها تسبب بفقدان العمال العراقيين لفرص كبيرة بسبب قبول العمال الأجانب بأجور زهيدة ما يدفع بأصحاب المشاريع لرفض العمال المحليين".

تعود حياة الطبقة العاملة في العراق إلى بدايات العمل والتنظيم النقابي، إذ كانت أول تجربة لأن ينظم العمال أنفسهم في نهاية 1924 من قبل جماعة من عمال السكك الحديدية، الذي يشكلون أكبر مجموعة من حيث التركيز (أكثر من 800 عامل عام 1924)، حيث طلب عدد منهم من الحكومة إجازة فتح نادي لعمال السكك الحديدية، بعد ذلك، تأسست في بغداد عدة نقابات وجمعيات تعاونية، كان منها (جمعية عمال الصحف، جمعية سواق السيارات، النادي الوطني لمهندسي الميكانيك، جمعية تشجيع المنتوجات الوطنية، الجمعية التعاونية للحلاقين) حتى ظهرت جمعيات أخرى بضمنها كانت لباعة الخضراوات، ليتم بعدها منح إجازت حكومة لإقامة اتحاد نقابات العمال عام 1932، وفي عام 1936 صدر قانون العمل رقم 72، ليمثل أول تشريع صدر في العراق وظل ساري المفعول حتى بداية 1958 حيث صدر تشريع جديد رقم 1 لسنة 1958 والذي بقي مجمدًا حتى قيام النظام الجمهوري في 14 تموز/يوليو 1958.

وأضيفت للقانون الأخير تعديلات لصالح العمال بعد نضال طويل متواصل، فقد تناول القانون قضايا العمال وحدد العلاقة بينهم وبين أصحاب العمل ونص على حق التنظيم النقابي على أساس صناعات النفط والسكك أو الحرف مثل النجارة والميكانيك، إلا أنه عاد ليكون مقيدًا بقيود ثقيلة كإجازة وزير الداخلية وحسن السلوك من الشرطة وجعله عرضة للتعطيل الإداري.

أما عن الإشكاليات المتراكمة التي تواجه العمال في العراق بمختلف القطاعات يعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي رامي جواد، أن "هنالك الآلاف من الفرص يتم عرضها ضمن إعلانات شركات التوظيف العالمية للشركات الأجنبية في العراق، لكنها تستقطب غير العراقيين لكون المؤهلات والمهارات المطلوبة نادرة الوجود بين خريجيّ الجامعات العراقية أو العمال البسطاء أصحاب الشهادات البسيطة".

ويقول جواد في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "عدد العمالة الأجنبية في العراق يقدر بأكثر من مليون عامل وبفعل تأثير جائحة كورونا تمّ تسريح مئات العمال من بعض الشركات مثل شركات النفط لكن التسريح شمل العراقيين فقط، مبينًا أن "التحولات الحديثة في بيئة الأعمال فرضت استحداث الوظائف الجديدة لتحسين أنشطة العمل وتنعكس على نمو الشركات معتمدة بذلك على ذوي المهارات والتخلي عن الوظائف التقليدية، وهذا ما يجب أن تسعى له الجامعات وتتخلى عن تقليدها القديم في النهج التعليمي والتخصصي".

ويضيف الباحث أن "جائحة Covid-19 فرضت توجهًا جديدًا لأرباب العمل تجاه التوظيف والتشغيل بشكل عام بغرض تخفيض التكاليف وتعويض الخسائر، وهذا التوجه سيستمر حتى بعد زوال الجائحة ومنها تقليص الوظائف الثانوية والاعتماد على حامِلي المهارات المتعددة، كما يلفت إلى أن "العمالة الخارجية باتت تعتبر مصدرًا مهمًا لاقتصاديات الشعوب منخفضة الدخل، فمثلًا أشار تقرير صادر عن البنك الدولي مؤخرًا أن التحويلات المالية للعمالة المصرية في دول الخليج سنة 2019 كانت بحدود 29 مليار دولار في حين أن العمالة العراقية في السوق الدولي غير مرحب بها لافتقارها للمهارات".

وعن فرضية أن "العمالة الخارجية الكبيرة قد حدثت نتيجة لسياسة الحكومة الخاطئة" كما يقول ناشطون، يجيب جواد، أن "هذا صحيح، لكن الدولة التي لا تمتلك عمالة ماهرة لا تستطيع أن تروج لعمالتها خارجيًا"، ولحل هذه الأزمة، يقترح الباحث أن "يتم العمل في السنوات المقبلة على إلزام الشركات الأجنبية بتوظيف ما لا يقل عن 90% من كوادرها من العمالة العراقية وإلزامهم بتقديم التدريب المناسب لهم خلال فترة التوظيف، كما يجب إلزام وزارة التعليم بإعادة النظر بخطة القبول للسنوات القادمة للتخصصات التي لا تجد مجالًا للتوظيف وفتح تخصصات أخرى تمكن الخريجين فيها من تأسيس الأعمال الحرة".

وبالإضافة لذلك، يرى جواد "وجود ضرورة في زج الجامعات للخريجين في دورات مهنية تدار بالتعاون مع شركات القطاع الخاص (تكون اللغات الأجنبية ومهارات التواصل واستخدام برامج الكمبيوتر أساسية لكل التخصصات)، كما يجب التوسع في فتح مراكز وورش التأهيل ضمن فروع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في المحافظات، فضلًا عن إلزام الجامعات بإجراء دراسات ميدانية لحاجة سوق العمل المستقبلي للوظائف والأخذ بنتائج تلك الدراسات ضمن خططها المستقبلية".

ويؤكد الباحث، أن "على الحكومة التوجه لعقد اتفاقيات بين الجامعات وشركات القطاع الخاص الكبيرة لتدريب الطلبة خلال مراحل التدريب الجامعي مثل (شركات النفط، الاتصالات) لضمان نسبة من التعيينات المستقبلية للحاصلين على الشهادات وتحسين جودة المخرجات وفق متطلبات تلك الشركات وهي حالة سائدة في أغلب دول العالم".

تشير تقارير صحافية إلى وجود 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق، يساهمون بخروج أكثر من مليار دولار شهريًا من العملة الصعبة كحوالات مالية إلى الخارج

وتؤشر المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي تعرض العمال إلى تهديدات وغرامات، فضلًا عن الاستبعاد والمنع من السفر والاعتقال بسبب عملهم على تنظيم النقابات العمالية، كما تبيّن "وجود تدخل كبير للحكومة في شؤون النقابات الداخلية، وفي أحيان كثيرة يتم قمع العمال خصوصًا العاملين في قطاع النفط في حال مطالبتهم لحقوقهم".

اقرأ/ي أيضًا: أزمة العمالة الأجنبية: الخبرة تتفوّق على "نظرة المجتمع" وواقع التعليم!

يشار إلى أن وزير العمل عادل الركابي، قد قال في تصريحات صحافية له، إن "نسبة العمال العراقيين من أصل 11000 عامل في كربلاء، تصل إلى 10% من عدد العمال الأجانب، كمثال على حجم العمالة الأجنبية في البلاد مقارنة بنسبة العاطلين"، كما تشير تقارير صحافية إلى وجود 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق، يساهمون بخروج أكثر من مليار دولار شهريًا من العملة الصعبة كحوالات مالية إلى الخارج.

وفي عام 2019، أعلنت وزارة العمل، تسجيلها 7 آلاف من حملة الشهادات العليا، كانت أسماؤهم ضمن قوائم المعوزين، مع نسبة بطالبة بلغت أكثر من 20 % نهاية العام نفسه، وبحسب آخر أرقام أعلنها الجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة البطالة بين الشباب للفئة العمرية بين 15 إلى 29 سنة تبلغ 30.5 في المائة، ولكن هذه الأرقام أقل بكثير من أخرى أعلنها صندوق النقد الدولي الذي أظهر أن معدل البطالة لدى شريحة الشباب في العراق تبلغ أكثر من 40 في المائة.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لماذا يفضّل العامل الأجنبي على العراقي؟

"دون أي جدوى".. كيف يخسر العراق خمس الموازنة سنويًا؟