03-مايو-2021

أكثر من 500 صحفي قُتل بـ"النظام الديمقراطي" (فيسبوك)

يستقبل الصحفيون العراقيون اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 أيار/مايو بقائمة طويلة من الزملاء القتلى والمشردين والمختبئين من الموت الذي يجوب الشوارع متخفيًا على متن عجلات حكومية أو دراجات نارية مجهولة، وذلك في بلد مر أكثر من قرنين على ولادة الصحافة فيه عندما طبعت أول صحيفة عام 1816.

حلَّ العراق في المرتبة 163 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة، حسب آخر تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود لعام 2021

وتشير التقارير والإحصائيات إلى مقتل أكثر من 500 صحفي منذ عام 2003، الذي كان من المفترض أنه شاهد على انتهاء حقبة "الاستبداد" والدخول بحقبة جديدة تضمن الحقوق والحريات، إلا أنه وكما أسّس الديمقراطية التي تشوهت في العراق على  يد المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، كانت حرية الصحافة في العراق لا تتلائم مع كونه بلدًا ديمقراطيًا، إلا أن هذا الأمر قد يكون طبيعيًا في بلد لا يمارس من الديمقراطية سوى الانتخابات، التي هي الأخرى مشوهة وتعاني من التزوير وضغوطات السلاح والمال السياسي، وفقًا لمراقبين.

اقرأ/ي أيضًا: صحفيو العراق.. ملاحقة مستمرة بين قوانين ديكتاتورية قديمة و"ميليشيات" جديدة

 وحلَّ العراق في المرتبة 163 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة، حسب آخر تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود لعام 2021، متراجعًا عن المرتبة 162 خلال عام 2020، الذي تراجع بدوره عن المرتبة 156 في عام 2019، ولعل ليس غريبًا أن يشهد هذا التراجع القوي بنحو 6 درجات بين نيسان/أبريل 2019 ونيسان/أبريل 2020، لما لاقت الصحافة والصحفيون في البلاد من مآسي منذ احتجاجات تشرين الأول 2019.

وخلال شهرين فقط من آواخر عام 2019 ارتفعت حصيلة العنف (قتل وتهديد وخطف) حتى طالت 100 صحفي خلال أشهر تشرين الأول والثاني من عام 2019 وهي الأشهر التي شهدت انطلاق الاحتجاجات الكبرى في البلاد.

ولعلَّ أكثر جريمة هزّت المجتمعين العراقي عمومًا والصحفي بشكل خاص، جريمة اغتيال الصحفيين أحمد عبد الصمد ومصوره صفاء غالي في ليلة واحدة بعد تغطيّة أحداث الاحتجاجات في محافظة البصرة في مطلع العام الماضي وتحديدًا في 10 كانون الثاني/يناير 2020، من قبل مسلحين مجهولين بإطلاق الرصاص عليهما داخل عجلتهما، ما أسفر عن مقتل عبد الصمد على الفور وإصابة صفاء غالي الذي توفي متأثرًا بجراحه بعد ساعة من وقوع الحادث في إحدى مستشفيات المحافظة، وهو ضمن سلسلة استهدفت عددًا من الصحفيين والناشطين خلال اندلاع الاحتجاجات وما زالت مستمرة.

15 مادة تجرّم قضايا النشر.. وتصل للإعدام!

وترزح حرية الصحافة والصحفيون في العراق تحت تهديدات قوانين موروثة من الأنظمة السابقة وأخرى معدّلة بصيغة "مطاطية"، ومبهمة الصياغة بحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، حيث تسمح هذه القوانين للمدعين العامين بتوجيه تهم جنائية ضد الآراء التي لا تعجبهم، وعادة تسقط التهم بعد عرض المعتقلين الصحفيين على القضاء أو يطلق سراحهم دون معرفة تهمهم، إلا أن ذلك لا يتمّ إلا عقب قضاء عدة أيام في السجن، وفي ظروف صعبة وبعضها لا إنسانية.

فضلًا عن ذلك، أمرت السلطات عقب انطلاق احتجاجات تشرين، بإغلاق ثماني محطات تلفزيونية وأربع محطات إذاعية لمدة ثلاثة أشهر بزعم انتهاكها قواعد الترخيص الإعلامي استنادًا لقواعد هيئة الإعلام والاتصالات، وأصدرت تحذيرات لخمس جهات بث أخرى حول تغطيتها للاحتجاجات، فيما تعرضت مكاتب عدة وسائل إعلامية في تشرين الأول/أكتوبر 2019، لمداهمات من قبل مسلحين مجهولين وتعرضت محتويات المكاتب إلى أضرارٍ وتدمير على أيديهم.

قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 يتضمن 15 مادة تجرم قضايا النشر وقد تصل أحكامها إلى السجن المؤبد والإعدام

لا يرى رئيس مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي أي جدوى من التعليق بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، فالعراق "خارج" هذه المنافسة.

اقرأ/ي أيضًا: كيف ساهمت حملات الاغتيال والتشويه بإفراغ البصرة من صوت حواء؟

ويضيف العجيلي وهو "مستاء": "مازلنا محكومين بقوانين الأنظمة الاستبدادية السابقة، حيث أن قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 يتضمن 15 مادة تجرم قضايا النشر وقد تصل أحكامها إلى السجن المؤبد والإعدام"، مبينًا "سنعمل وننتظر تغيير هذه المواد".

الديمقراطية.. سلاح جماهير وعصابات السلطة

فضلًا عن الشق القانوني، يتعرض الصحفيون والمؤسسات الإعلامية في العراق إلى استهدافات "غير قانونية" متمثلة بالاغتيالات والتهديدات من قبل جهات مسلحة، بالإضافة إلى اعتداءات من قبل الجماهير التي تتبع لأحزاب وفصائل وشخصيات سياسية ودينية على بنايات ومكاتب المؤسسات الإعلامية في حال صدر منها أو من ضيف لديها تصريحات يعتبرونها "مسيئة" إلى من يناصروه.

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن "العراق بحاجة أولًا إلى تفعيل الدستور ووجود سياسيين يؤمنون بهذا الدستور لضمان حرية التعبير والصحافة".

ويضيف الشمري في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الضمان الأكبر لحرية الصحافة هو عدم وجود تضييق من قبل القوى والأحزاب ومعادلات السلطة تجاه الصحافة وحرية الرأي، فضلًا عن ابتعاد التيارات السياسية عن الصحافة والمؤسسات الصحفية وعدم فرض نمط سياسي عليها وأدلجتها بنفس حزبي معين، فهذه العوامل لا تضمن حرية الصحافة".

ويرى الشمري أن "وجود العراق في مراتب متأخرة بحرية الصحافة هو مؤشر خطير ويعكس طبيعة التضييق والملاحقات التي تطال الصحفيين، وعمليات فصل أصحاب الرأي من مؤسساتهم، والأخطر من ذلك هو عمليات الاغتيال والتهديد التي تطال الصحفيين".

ويعتبر الشمري أن "لا حرية للصحافة في العراق"، بالرغم من كون النظام في العراق نظامًا ديمقراطيًا يضمن حرية الرأي والضمير والتعبير، إلا أن القوى السياسية المسيطرة على النظام لا تؤمن بهذه المبادئ وهذه مؤشرات خطيرة أثرت على الشكل الديمقراطي في العراق".

يرى رئيس مركز التفكير السياسي أن القوى السياسية المسيطرة لا تؤمن بحرية التعبير وإنما تسمح بحدود معيّنة من التعبير في حال تجاوزها يصل الأمر إلى الاغتيال والتهديد

ويشير إلى أن "القوى السياسية المسيطرة لا تؤمن بحرية التعبير وإنما تسمح بحدود معيّنة من التعبير في حال تجاوزها يصل الأمر إلى الاغتيال والتهديد"، فيما يعد أن "العراق البلد الأخطر على حرية الصحافة وأنه بلد غير ديمقراطي، بالرغم من أن نظامه ديمقراطي إلا أن هذا النظام تم توظيفه لترسيخ عقائد ومفاهيم وايرادات حزبية لذلك لا يمكن أن نعد العراق بلدًا ديمقراطيًا".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

فتاوى تصفية الصحفيين في العراق.. من لا يعمل معنا "مشروع أمريكي"

موجة "نزوح" جديدة بعد الاحتجاجات.. صحفيون وناشطون يهربون إلى إقليم كردستان