13-أبريل-2023
الرقيم التائه

الرقيم "التائه" (يوتيوب)

عرضت مكتبة جامعة كامبردج البريطانية الرقمية صورًا عالية الدقة بتقنية الأبعاد الثلاثة، لرقيم طيني يعرف بـ "الرقيم التائه".

تسمية الرقيم تعود إلى طرافة وغرابة قصته، حيث ضاع لفترة طويلة في أروقة الجامعة العريقة.

يحمل الرقيم قصة طريفة وغريبة حيث اختفى لنحو 100 عام في أروقة الجامعة البريطانية

الرقيم الطيني كتب قبل 4200 عام بحسب ما صرح به عالم الآشوريات البريطاني جون نيكولاس بوستغيت. وتعود قصة هذا الرقيم إلى العام 1922 من القرن الماضي، إذ تم اكتشافه في العراق ووصل إلى جامعة كامبردج كهدية من الدبلوماسي البريطاني الشهير ستيفن جاسيلي، ثم فقد واختفى لمدة تربو عن 100 عام داخل مكتبة الجامعة.

3
الرقيم "التائه"

في عام 2016 عثر على الرقيم مرة أخرى، أثناء عمليات البحث الدقيق في مخازن المكتبة، خلال الفترة التي أطلقت فيها جامعة كامبردج معرضًا للمقتنيات الغريبة في إطار احتفاء بمرور 600 عام على تأسيس مكتبة الجامعة. 

وبالعودة إلى تفاصيل الرقيم "التائه"، فهو صغير الحجم لا يزيد طوله عن طول إبهام اليد، ويضم ستة أسطر كتبت بدقة متناهية. يسجل الرقيم لعدد من جرار "دهن الخنزير" في مدينة "زابالا" أو "زبلام"، التي تقع آثارها في قضاء الرفاعي في محافظة ذي قار الآن، وتعرف محليًا بـ "تل بزيخ".

وهذه المدينة موغلة في القدم، إذا يعود تأسيسها إلى عصور ما قبل التاريخ "فترة جمدة نصر 2900 - 3100 قبل الميلاد"، وتضم معبدًا للآلهة "إنانا" آلهة الحب والجنس والحرب السومرية.

الرقيم يضم أيضًا اسم كاتبه "بالي"، وتاريخ كتابته تحت صيغة "السنة الرابعة - الشهر العاشر".

3
تمثال للملك "ورد سين"  ملك لارسا (1770 - 1758 ق. م) محفوظ في المتحف البريطاني

ويقول علماء الآثار إنّ اسم الكاتب "بالي" كان قد ظهر مرارًا وتكرارًا في ألواح طينية أخرى كانت قد سجلت في سطورها أنواعًا أخرى من الزيوت، كزيت السمسم وزيت اللوز، في الموقع الأثري ذاته، وفي نفس الفترة التي يعود إليها "الرقيم التائه".

ويقول البروفيسور البريطاني جون نيكولاس بوستغيت، إنّ الأسواق العالمية كانت قد أغرقت، بداية القرن الماضي، تمامًا بالرقم الطينية القادمة من العراق عبر تجار آثار وتنقيبات غير قانونية، حتى وصلت إلى أعرق جامعات العالم في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

ويضيف أنّ هذا اللوح يتحدث عن 22 جرة من "دهن الخنزير" كان قد تم الاستغناء عنها في مدينة "زابالا"، وأنّ كل جرة تحمل نحو 80 لترًا من الزيت.

يستعد عالم بريطاني إلى تقديم بحث جديد حول الرقيم الذي قد يكون دليلاً على صناعة الصابون قبل 4200 سنة

ويؤكّد البروفيسور البريطاني، أنّه يستعد لتقديم ورقة بحث هذا العام حول الرقيم وسياق كتابته في ذلك العهد البعيد، مضيفًا أنّ "هذا اللوح قد يشكل مع أدلة أخرى إثباتًا على استخدام هذه الكميات الكبيرة من الزيت في صناعة الصابون قبل 4200 عام.

3
صورة رقمية لختم أسطواني سومري تصور ملكًا على وشك الاستحمام

اعتقاد العالم حول صناعة الصابون يستند إلى أختام أسطوانية أخرى كانت قد صورت ملكًا، كما يبدو من تاجه، عاريًا في مشهد يؤكد أنّه على وشك الاستحمام، حيث يحمل معه وعاء يشبه القدح "يعتقد أنّه للصابون".

ويوضح المختصون في جامعة كامبردج، أنّ هذا اللوح "التائه" كان قد دوّن من قبل رجل يعمل في مؤسسة السلطة المحلية في المدينة، أو في المعبد، وذلك بسبب الكمية الضخمة للزيت "التي تجعلها غير مناسبة للغرض المنزلي".