28-يونيو-2020

قال الحسني إن تحركات الفصائل كانت تهدف للإطاحة بالكاظمي

الترا عراق - فريق التحرير

ما يزال الغموض يلف الكثير من جوانب العملية المدوية التي نفذها جهاز مكافحة الأرهاب ضد كتائب حزب الله في بغداد، على الرغم من التسريبات حولها، وصدور بيان رسمي أشار إلى بعض ملابساتها.

قدم الحسني 4 معلومات وصفها بـ"الخطيرة" وأشار إلى مفصلين يثيران الشكوك 

ومع استمرار العملية بإثارة ردود الفعل والجدل، تتكشف شيئًا فشيئًا بعض ملامح أحداث مساء الخميس وفجر الجمعة 25 - 26 حزيران/يونيو.

وكتب السياسي سليم الحسني مقالاً تحت عنوان "ليلة الحشد الشعبي في بغداد"، قدم فيها 4 معلومات وصفها بـ"الخطيرة" عن كواليس تلك الليلة التي بلغ فيها التوتر ذروته.

ويقول الحسني، إن "رئيس الوزراء اتصل في الساعة التاسعة مساءً من يوم الخميس برئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، يسأله هل أن المجموعة التي تم اعتقالها من منطقة البو عيثة تابعة للحشد؟ وكان جواب الفياض أنها غير تابعة للحشد الشعبي".

اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي يكسر "سنة التغليس" مع الفصائل.. رسالة إلى واشنطن أم ورطة؟

ويضيف، أن "رئيس الوزراء اتصل بعد ذلك بزعيم تحالف الفتح ومنظمة بدر هادي العامري وسأله هل أن المجموعة التي تم اعتقالها تابعة للحشد؟ وكان الجواب أيضًا بالنفي".

ويبين الحسني، أن "القيادة الميدانية للحشد الشعبي أصدرت أوامرها لمجاميعها بالتوجه نحو المنطقة الخضراء والسيطرة على مناطق حساسة، وأن الهدف هو الإطاحة بالكاظمي".

كما يشير، إلى أن المعلومة الرابعة هي أن "الكاظمي قام بعملية المداهمة بعد أن وردته المعلومات عن مكان تستقر فيه مجموعة مسلحة خارج معسكرات الحشد، وان القوات الأمريكية كانت تستعد لتوجيه ضربة جوية لهم فجر يوم الجمعة، فاستبق الضربة بعملية المداهمة والاعتقال".

ويوضح السياسي العراقي، أن "هذه تمس أربع جهات لها مواقعها السياسية والأمنية الحساسة، وتمتلك وسائل التعبير والتصريح بمنتهى السهولة، وطالما أنها لم تصدر حتى الآن ما يكذّب المعلومات الواردة في المقال، فإن الكلام يبقى على حاله حتى يصدر التكذيب أو التوضيح بالأدلة المقنعة".

وفيما يلي نص مقالة الحسني حول أحداث "ليلية الاستنفار والرعب":


وصلت الكاظمي معلومات تؤكد وجود مجموعة مسلحة تتواجد في منطقة (البو عيثة) قرب معسكرات الحشد الشعبي، وأن هذه المجموعة غير تابعة للحشد كما أن مكانها غير تابع لمعسكرات الحشد، وهي التي تقوم بإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء وعلى السفارة الأمريكية.  كما وصلت المعلومات للكاظمي أيضًا بأن القوات الأمريكية تخطط لتوجيه ضربة جوية بطائرات مسيرة لهذه المجموعة فجر يوم الجمعة 26 حزيران/يونيو 2020.

حاول رئيس الوزراء تلافي وقوع الضربة الأمريكية بمداهمة المجموعة والقبض عليها، وهذا ما تم مساء الخميس 25 حزيران. لكن العملية لحقتها مفاجآت غير متوقعة، فقد استنفرت قيادات الحشد الشعبي قواتها ودخلت المنطقة الخضراء، فيما كان مجاميعها تنتشر حولها وفي مناطق مهمة من بغداد.

قيادات الحشد الشعبي تلقتْ معلومات بأن قوات مكافحة الإرهاب بأمر من رئيس الوزراء داهمت مقر الحشد الشعبي (البو عيثة) واعتقلت عددًا من مقاتليه. وهذا ما جعلها تتخذ قرارات سريعة وتدخل ميدان الموجهة مع الحكومة. وكان النداء الذي تلقته مجاميعه بالتحرك العاجل وأن الهدف هو الإطاحة بالكاظمي.

بدأت الاتصالات تتصاعد بسرعة، وظهرت بوادر الغضب في قيادة الحشد الشعبي. اتصل الكاظمي في الساعة التاسعة مساءً (25 حزيران) برئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، يسأله عن موقع الاقتحام وعن المجموعة المتواجدة فيه، وهل هي تابعة للحشد الشعبي أم لا؟ فأجابه الفياض بعدم تابعيتها للحشد.

أجرى الكاظمي اتصالاً آخر مع هادي العامري يسأله نفس السؤال، فجاء الجواب بالنفي أيضًا. وهذا ما جعل الكاظمي يطمئن بأن المعتقلين من غير الحشد، وعليه لابد أن يستمر في اعتقالهم ويرفض الاتصالات المطالبة بإطلاق سراحهم.

لم يسمع الكاظمي من الفياض ولا من العامري ما يشير إلى استنفار الحشد الشعبي وبلوغ الغضب مدياته الخطيرة. لكنه سمع بعد قليل أصوات سيارات ومجاميع الحشد الشعبي وهي تدخل المنطقة الخضراء.

اقرأ/ي أيضًا: "ما بعد التمرد".. خبير يتوقع طبيعة "المواجهة" القادمة مع الفصائل

وصلتْ مجموعة من الحشد الى مقر قوات مكافحة الإرهاب في المنطقة الخضراء، فأصدر الكاظمي أوامره بعدم التصادم مع المهاجمين وتركهم يسيطرون على المقر.

تدخلتْ بعض الشخصيات المعروفة في خبرتها وحكمتها لتطويق الأزمة وتهدئتها، فشعلة الانفجار قد لاحت جذوتها. وقد استطاعت هذه الشخصيات (أتحفظ على ذكر الأسماء في هذا المقال) أن تتواصل بين الطرفين للخروج بحل وسطي يُنهي الأزمة بأسرع وقت ممكن. وبالفعل جرى الاتفاق على تسليم المعتقلين الى أمن الحشد الشعبي بحسب السياقات المعمول بها، وعادت مجاميع الحشد الشعبي الى مقراتها.

في هذه الأزمة التي أوشكت على التحول الى معركة دموية واسعة، هناك مفصلان تُثار حولهما الشكوك:

الأول: مصدر مهم أوصل للكاظمي قبل بدء العملية معلومة خاطئة بأن هذه المجموعة غير تابعة للحشد الشعبي ـ ليس المقصود هنا الفياض أو العامري، لأن الاتصال بهما كان بعد العملية ـ إن هذا المصدر يجب أن يتتبعه رئيس الوزراء، ويحيله الى التحقيق فهو متهم ليس بالتضليل فقط، إنما بالسعي لتفجير الأوضاع الأمنية، وفق مخطط دقيق وتدبير عميق.

الثاني: هناك مصدر آخر أوصل لقيادات الحشد الشعبي معلومات مضللة أو مبالغ فيها عن عملية الاعتقال وأنها كانت عملية اقتحام لمعسكرات الحشد واعتقال أفراده. وقد تم إيصال هذه المعلومات إلى القيادات الميدانية للحشد، وليس إلى رئيس هيئة الحشد فالح الفياض ولا إلى هادي العامري. ومن شأن هذا الإخبار أن يثير قيادات الحشد ويدفعها لموقف سريع، خصوصًا وأن الحشد مستهدف من قبل الأمريكان وعدم ثقة قيادات في الحشد بالكاظمي يساعد على ذلك.

هذا المصدر يفرض على قيادات الحشد أن تجري تحقيقًا معه وتستوضح منه الأمور بشكل دقيق، فمعلومة ثانية في وقت آخر قد تتسبب بكارثة دموية تضر الحشد والأمن والمواطنين.

لا أميل إلى أن رئيس الوزراء كان يخطط لضرب الحشد الشعبي، فهو يعرف أن هذه الخطوة تعني خروجه السريع من رئاسة الوزراء. كما أنه يعرف جيدًا بحكم عمله في جهاز المخابرات بأن ردة فعل الحشد الشعبي لا يستهان بها، وأنها ستكون وثبة غاضبة تملأ بغداد والوسط والجنوب برجال لا يوقفهم سوى الموت.

الكاظمي يعرف ذلك جيدًا، لم يُخطط لضرب الحشد، ولا يفكر بضربه. لا يفكر بذلك أيضًا أي رئيس وزراء يأتي من بعده. فتوجيه ضربة للحشد يعني ليلة لا يطلع عليها نهار.

الكلام هذا لا يعني عدم إعادة النظر في تشكيلات الحشد الإدارية وبعض قياداته، فعملية المراجعة والتقييم والهيكلية الأفضل مسألة مطلوبة.

 

اقرأ/ي أيضًا:  

تطورات "ليلة التوتر".. القصة الكاملة لـ "مباغتة" كتائب حزب الله في بغداد

"كواليس" صعود رجل المخابرات.. كيف قاد مقتل سليماني الكاظمي إلى القصر؟