05-سبتمبر-2020

يرى مراقبون أن محاسبة الفاسدين بجدية ستؤدي إلى انهيار النظام السياسي (Getty)

بعد وعود كبيرة، أصدر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أمرًا ديوانيًا بتشكيل لجنة دائمة للتحقيق في قضايا الفساد يترأسها ضابط رفيع، ويشارك في عضويتها ممثلون عن أجهزة أمنية حساسة، مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني، بينما يتولى جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ قرارات القضاء المتعلقة بعمل اللجنة.

أصدر مصطفى الكاظمي أمرًا بتشكيل لجنة للتحقيق بقضايا الفساد والجرائم المهمة التي تحال إليها، تقوم بعد إكمال عملها بعرض النتائج أمامه

وبحسب وثيقة تداولتها وسائل إعلام، فإن الكاظمي أصدر أمرًا بتشكيل اللجنة للتحقيق بقضايا الفساد والجرائم المهمة التي تحال إليها، تقوم بعد إكمال عملها بعرض النتائج أمامه، على أن يرأسها الفريق الحقوقي أحمد طه هاشم من وزارة الداخلية، و3 ممثلين آخرين، أحدهم عن جهاز المخابرات الوطني، وآخر عن جهاز الأمن الوطني، وممثل عن هيئة النزاهة، على ألا تقل الدرجة الوظيفية لكل منهم عن مدير عام، فضلًا عن الاستعانة بـ25 محققًا و15 موظفًا إداريًا. 

اقرأ/ي أيضًا: ضابط اقترحه هشام الهاشمي على رأس لجنة الكاظمي "العليا"

وخوّل الكاظمي لجنة التحقيق بقضايا الفساد حق طلب أي أوليات أو معلومات متعلقة بالقضايا التي تنظر فيها من الوزارات، أو المؤسسات غير المرتبطة بالوزارات، واستدعاء من تقتضي مجريات التحقيق استدعاءه بعد تحديد صفته، باستثناء المتهمين الذين لا يمكن إحضارهم من دون قرار من القاضي المختص.

وكلّف رئيس الوزراء جهاز مكافحة الإرهاب بمهمة تنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة بالمسائل التي تخص لجنة التحقيق بقضايا الفساد، وفقاً للقانون، مشيرًا إلى "الاستعانة بالقضاء لتسمية قاضٍ أو أكثر، ونائب مدّعٍ عام للإشراف على إجراءات التحقيق".

أطراف سياسية تخشى السهام الأولى!

تُضاف اللجنة المشكلة إلى عداد اللجان التي شُكلت بعد 2003، للتحقيق بملفات فساد، فيما لم يتمخض عن أي منها نتائج ملموسة، سوى تسمية أعضائها وتوفير التخصيصات المالية، وهو ما يدفع ربما إلى عدم التعويل على اللجنة الجديدة، خاصة وأن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي كان قد شكل مجلسًا أعلى لمكافحة الفساد لكنه هو الآخر لم يحقق أي نتائج.

بالمقابل، لا تخفي جهات سياسية كبيرة مخاوفها من نيران لجنة الكاظمي في إطار "تصفية الخصوم والتسويق الانتخابي"، خاصة وأن الحديث يدور بالدرجة الأولى حول ملفات كبيرة وحساسة.

ويبرز اسم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في صدارة الذين قد تطالهم إجراءات اللجنة، حيث توجه إليه اتهامات كبيرة بالفساد فضلاً عن ملف اجتياح تنظيم "داعش" لمساحات شاسعة من البلاد، والذي يعد المالكي المقصر الأكبر فيه.

ويقول سعد المطلبي القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، إن "فائدة اللجنة وتحقيقها لنتائج حقيقة، مرهون بجديتها وشموليتها لجميع العراقيين من زاخو إلى الفاو"، ويرى أن ما دون ذلك "هو استهداف لجهة محددة في مسار التسقيط السياسي، وتوظيف القضاء والسلطة من أجله".

يعتقد القيادي في الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، أن اللجنة المشكلة لا تختلف عن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد واللجان التي سبقته

ويضيف المطلبي لـ"ألترا عراق"، أن "عمل اللجنة يجب أن يشمل ملفات لجميع الشخصيات في الحكومة الاتحادية والإقليم، ومن جميع الطوائف، لتكون عادلة، وإلا فإنها بحاجة لموقف من مجلس النواب"، لافتًا إلى أن "عدالة النتائج ستجعل جميع مكونات الدولة معها وتساندها".

معيار العدالة.. 

ويبّن المطلبي بالقول، "خلال الـ17 سنة الماضية، هناك العديد من الوزارات التي أخلت بمهامها، بالإضافة إلى محافظين، وحكومة الإقليم التي تسرق النفط، وجهات سياسية متعاونة مع الإرهاب، وكشف جميع هذه الأوراق ومحاسبة المسؤولين عنها يحقق العدالة"، مشيرًا إلى أن "الخطوة الأولى يجب أن تبدأ من المطلوبين للقضاء وكثير منهم خارج العراق، بالإضافة إلى ما يتعلق بمشاريع كبرى وملفات ضخمة في وزارة الدفاع تصل إلى نحو 30 ملفًا، فضلاً عن وزارات الداخلية والتجارة الصناعة والتخطيط".

الكرد يتحصنون بالدستور.. 

من جهته، يعتقد القيادي في الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، أن اللجنة المشكلة لا تختلف عن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد واللجان التي سبقته، مشيرًا إلى "ضرورة تفعيل قانون من أين لك هذا، ودعم الأجهزة الرقابية المتمثلة بهيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية والعمل على تفعيل عمل الادعاء العام، والتي يجب أن لا تقتصر على فترة محددة"، موضحًا أن "الأمر تجاوز النواب والسياسيين، وهناك مدراء عامون يملكون المليارات".

اقرأ/ي أيضًا: مؤشرات "الوعيد" تتصاعد.. 4 خطوات خلال أسبوع ومكافحة الإرهاب في الواجهة

ويضيف شنكالي لـ"ألترا عراق"، أن "إقليم كردستان غير مشمول بعمل هذه اللجان، حيث يقوم ديون رقابة مالية وهيئة ونزاهة بمتابعة أبواب صرف الأموال التي تُستلم من الحكومة الاتحادية، وفي حال وجود ملفات فساد على مسؤولين كُرد يعملون في بغداد فيجب أن تُفتح".

"جرائم فساد بيضاء"

في السياق، يرى المحلل السياسي باسل حسين أن "الفساد في العراق متجذر في أركان السلطة، ومحاسبة الفاسدين تعني انهيار هذا النظام"، مبينًا أن "معظم محاولات التصدي للفساد لم تصل إلى عمل ناجز لأنها اصطدمت بهذه الحقيقة، فضلًا عن ذلك، فإن معظم جرائم الفساد بيضاء وتجري تحت غطاء قانوني، فلا يمكن كشفها من خلال الوثائق والمستندات الرسمية".

ويضف حسين لـ"ألترا عراق"، "لا شك أن الانتقائية في محاربة الفساد هو فساد بعينه كما أنه يعطي تصورًا مفاده أن الغرض منه الاستهداف السياسي، ومع ذلك اعتقد أن جميع المحاولات سوف لن تتناول الحيتان الكبيرة بل ستصيب الأسماك الصغيرة أو الأشخاص الذين كانوا في مواقع مهمة وبات الآن نفوذهم ضعيفًا".

ويبّن حسين، أن "مهمة زعزعة أركان الفساد في البلاد ليست مستحيلة على الرغم من صعوبتها، وعدم الانتقائية هو شرط لازم لنجاحها"، مؤكدًا أن "لجنة الكاظمي في حال نجحت في محاسبة حيتان الفساد فعلًا، فإن ذلك سيمثل بداية مبشرة تحظى بتأييد ودعم جماهيري واسع".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

النزاهة النيابية تعلق على لجنة القضايا الكبرى و"تهاجم" مجلس عبد المهدي

جردة حساب بعد 4 اختبارات "فاشلة".. هل ينجو الكاظمي من مصير عبدالمهدي؟