17-ديسمبر-2019

تبحث الدول عن الشركاء المحليين لأنها لم تكتف بدعم الدول والعلاقة معها (فيسبوك)

 لم تعد الدول تقيم علاقاتها وشراكتها وفق السياق العام المعمول به في القوانين، والاتفاقيات الدولية، والمواثيق الإقليمية، والنصوص الدستورية الداخلية للدول مع بعضها على أساس المصالح المشتركة بين الأطراف المعنية؛ وذلك من خلال الحكومات، فلا يحق للدول أن تتدخل في شؤون الدول الأخرى حسب نصوصها الدستورية التي سنتها ومنحت شعوبها شرعيتها، لكن الواقع تغير بعد عام 2003 في الحالة العراقية التي يعتمد عليها المقال كأنموذج مع الإشارة إلى بعض دول التغيير السياسي الذي حدث عام 2011.

هناك دول لم تكتف بشكل العلاقة مع القنوات الرسمية للدول، فأخذت تبحث عن الشركاء المحليين الذين ينتمون إلى  التشكيلات الاجتماعية التي تنبع منها الحكومات

وبالرغم من الزيارات التي تقوم بها الدول وافتتاح السفارات، والقنصليات، واعتماد السفراء وعقد الاتفاقيات التجارية من خلال القنوات الرسمية، إلا أن هناك دول لم تكتف بشكل العلاقة مع القنوات الرسمية للدول، فأخذت تبحث عن الشركاء المحليين الذين ينتمون إلى  التشكيلات الاجتماعية التي تنبع منها الحكومات، وهذا بدأ  فعلًا بعد عام 2003 في العراق وعام 2011، على إثر حدوث موجات التغيير السياسي على مستوى السلطة دون المجتمع، الذي كان من المؤمل أن حدوث التغيير في السلطة سينتج تغييرًا في المجتمع.

اقرأ/ي أيضًا: قبل "الكارثة".. ما هي خيارات سلطة الخضراء؟

اعتمدت الدول في البحث عن الشركاء المحليين بالاستناد إلى التشكيل الاجتماعي بشقيهِ القومي والمذهبي لتحقيق مصالح تلك الدول سواء كانت مصالح اقتصادية أو سياسية، باتباع سياسة المحاور، عن طريق ضغط الشركاء المحليين على الحكوميين أو العكس، وإذا انتقلنا إلى ملامح هذه الشراكة والتطبيق العملي لها، نرى العراق بعد عام 2003 دليلًا يوثق هذه الشراكة من خلال تنافس ثلاث دول، وهي والولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا وإيران، ويمكن توضيحها فيما يلي:

  • أولًا: استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية إيجاد شريك محلي من العشائر في المناطق الغربية ذات الغالبية السنية، من أجل طرد الجماعات المسلحة المناوئة للاحتلال الأمريكي، وتمكنت هذه العشائر بالتعاون مع أمريكا من القضاء على تنظيم القاعدة عام 2008 بعد تشكيل الصحوات، بالإضافة إلى ذلك إقامة قواعد عسكرية في المناطق التي يتوطن فيها شركاؤها المحليون  كقاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار.
  • ثانيًا: اعتمدت تركيا على التشكيل الاجتماعي (القومي "الكردي والتركماني" والمذهبي "السني") في إقامة علاقاتها  لتحقيق المصالح الإستراتيجية والعمل على تمتين تلك العلاقة، فضلًا عن علاقاتها السياسية التي تظهر قوتها عند تشكيل الحكومات المتعاقبة التي لا تحدث إلا بتوافق إقليمي ودولي، إضافة إلى ذلك، أقامت قواعد عسكرية بعمق 30 كيلو مترًا في شمال العراق، وقاعدة بعشيقة في أطراف الموصل قبيل تحرير المحافظة من تنظيم "داعش".
  • ثالثًا: كما استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إيجاد شركاء محليين بالاعتماد على التشكيل الاجتماعي المذهبي "الشيعي" لدعم الشريك السياسي والعسكري، وخصوصًا مع ظهور تنظيم "داعش" الذي اعتبرته إيران يهدّد أمنها القومي، لذا قامت بدعم العراق بكافة الجوانب.

ولم تكتف الدول على الطريقة المتبعة في البحث ودعم الشركاء المحليين، بل لجأت إلى اعتماد وسائل جديدة كدعم الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني، وإقامة المشاريع الاقتصادية في المناطق التي يتواجد فيها نفوذ الشركاء المحليين، وكانت الغاية الأساسية من البحث عن هؤلاء الشركاء هي الضغط على الحكوميين والتشريعيين في مؤسسات الدولة لتحقيق مصالحهم الاستراتيجية، وعندما لا يخضع أفراد تلك المؤسسات لرغبات ومصالح الدول تلجأ إلى خلعهم من مناصبهم عن طريق الشركاء المحليين، على اعتبار أن الحكوميين نتاج الشركاء المحليين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التغيير بين الحلم والواقع

الاستقالة وطريق النضوج.. تحوّل المتظاهر إلى ناشط