17-أكتوبر-2021

المواجهة إذا ما حصلت ستحول البلد إلى بؤرة صراع مرة أخرى (Getty)

لسنا في موقع يتيح لنا الحكم إن كانت الانتخابات التي جرت في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021 صحيحة أم مزورة ، لكن استخدام أجهزة متطورة مع مشاركة المئات من المراقبين الدوليين يجعلنا نعدها أفضل من جميع الانتخابات التي سبقتها من ناحية الأعداد والتنظيم، فضلًا عن كونها جرت باتفاق جميع الكتل السياسية وبقوانين جديدة أكثر قبولًا لدى الناس من القوانين السابقة، والأهم من ذلك أنها جرت بإشراف عدد كبير من المراقبين الدوليين. 

المواجهة إذا ما حصلت لن تؤدي فقط إلى تهديد السلم المجتمعي وحسب، بل وإلى ضرب استقرار البلد وتحويله إلى بؤرة صراع مرة أخرى 

ومن ثم بات من الصعوبة تغيير نتائج الانتخابات أو إعادتها، لأن حصول ذلك سيؤدي ليس إلى حصول صراع مع الأطراف الفائزة وحسب، بل وإلى احتمال فقدان الحكومة التي تتولد من تبعات ذلك للدعم الدولي، لا بل وحتى للقبول الداخلي سواء من القوى التي خسرت أصواتها بسبب تغيير النتائج أو حتى من القوى الأخرى التي تشاركت معها في تشكيل الحكومة، لكن ليس هذا هو أخطر شيء يمكن أن ينجم عن التشكيك بنزاهة الانتخابات، بل الأخطر من ذلك هو انسحاب ذلك على العملية السياسية برمتها، التي ستغدو في نظر كثيرين فاقدة للشرعية تمامًا بعد أن يشمل التشكيل كل ما جرى تنظيمه من انتخابات من عام 2005 وإلى الآن.  

اقرأ/ي أيضًا: نتائج الانتخابات.. الأزمة تبلغ أشدّها وبغداد تعيش "أجواء حرب"

فعلى القوى السياسية أن تواجه نفسها قبل أن تمضي بعملية التشكيك: من الذي سيحكم على الانتخابات إن كانت صحيحة أم مزورة، فليست هناك جهة غير مفوضية الانتخابات تملك الصلاحية بذلك ، لكن المفوضية باتت بعد موجة  التشكيك التي طالت الانتخابات في وضع لا يؤهلها لاتخاذ مثل هذا القرار، كذلك من سيقرر إن كان من الضروري إعادة الانتخابات بعد أن تم حل البرلمان الذي هو الجهة الوحيدة التي يمكنها ذلك، وهذا ما يشمل أيضًا اختيار مفوضية جديدة بديلًا عن المفوضية التي جرى التشكيك بأدائها ونزاهتها. 

ومن ثم، فإن ما ستؤول إليه الأمور ليس أقل من نزاع كبير قد يفضي إلى مواجهة خطيرة لن يسلم من تبعاتها أحد ما لم يقدم أحد الأطراف بعض التنازلات لصالح الطرف الآخر أو يجري الاتفاق على تسوية تتفق عليها الأطراف المتنازعة، لأن السيناريو الآخر هو التصادم والمواجهة حتى ولو حاز أحد الأطراف على أفضلية بالتحالف مع قوى أخرى مقابل تنازلات قدمها لهم.

فالمواجهة إذا ما حصلت ـ لا سمح الله ـ لن تؤدي فقط إلى تهديد السلم المجتمعي وحسب، بل وإلى ضرب استقرار البلد وتحويله إلى بؤرة صراع مرة أخرى، وستراق دماء كثيرة بسبب ذلك، وهذا الأمر يعني انتهاء كل شيء وعودة البلاد إلى المربع الأول الذي لا نعرف ماذا سينشأ منه هذه المرة، إذ لا يمكننا أن نتنبأ بما سوف يحصل حينها أو إلى ماذا ستؤول أحوال البلاد.

إن من الأنانية أن يرغمنا السياسيين على الموت من أجل مغانم زائلة ومناصب مؤقتة والوضع لا يستوجب ذلك، فكل شيء يمكن تعويضه إلا الدماء التي تراق.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مقتدى الصدر يأخذ خطوة إلى الوراء أمام تهديدات الفصائل المسلحة

الصدر يحذر من "الاقتتال والصدام" ويحدد شكل الحكومة المنشودة