مصير الزراعة الصيفية في العراق بات على المحك أو يكاد، بالتزامن مع استمرار الجفاف وقلة الإطلاقات المائية من دول المنبع (تركيا وإيران)، الأمر الذي يتزامن من جانب آخر مع تحذيرات الخبراء من أزمة في شح مياه الشرب خلال فصل الصيف.
ظهرت آراء متضاربة بخصوص تقليص الخطة الزراعية الصيفية أو البقاء عليها كما في العامين الماضيين
فقبل أيام قليلة، حطت طائرة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في تركيا لبحث الملف المائي، لكن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكد أنّ تركيا على دراية بمشكلة شح المياه التي يواجهها العراق، مبينًا أنّ "معدلات تساقط الأمطار في تركيا هي في أدنى مستوى خلال الـ62 عامًا الأخيرة، وأن البلاد تمر بفترة جفاف فاقمها تغير المناخ"، لكنه تعهد في الوقت نفسه بـ"زيادة كمية المياه المتدفقة من نهر دجلة قدر الإمكان لمدة شهر واحد".
إجراءات حكومية جديدة
في العامين الماضيين، قلّص العراق مساحة الأراضي المشمولة بالخطة الزراعية إلى النصف في بعض المحافظات، في حين استبعدت محافظات أخرى من الخطة نهائيًا على خلفية الجفاف الذي ضرب البلاد."
بهذا الصدد، يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إنّ "الحكومة اتخذت اجراءات عديدة لمواجهة أزمة المياه التي تخص الخطة الزراعية للعام المقبل"، مبينًا أنّ "أبرز تلك الإجراءات هي تشكيل لجان ووفود رفيعة المستوى (فنية وسياسية)، لزيارة دول المنبع تركيا وإيران".
وأضاف الخزاعي أنّ "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بحث في تركيا ملف المياه، وحكومة أنقرة وعدت بزيادة الإطلاقات خلال الفترة المقبلة"، موضحًا أنّ "القوانين الدولية ضمنت حصة العراق من المياه خصوصًا لنهري دجلة والفرات".
وأشار المتحدث الحكومي إلى أنّ "الموسم المطري كان جيدًا وأمن الحصص المائية لموسم زراعة الحنطة"، متوقعًا في ذات الوقت "زيادة الإطلاقات المائية إلى السدود العراقية نتيجة لذوبان الثلوج في تركيا وشمال العراق".
ويختم الخزاعي، حديثه قائلًا إنّ "هناك تنسيقًا مع وزارة الموارد لضمان الحصص المائية من أجل تطبيق الخطة الزراعية الصيفية لمحصول الشلب في محافظة النجف والسماوة والديوانية".
مصير الزراعة الصيفية
لكن وكيل وزارة الزراعة مهدي الجبوري، كان له رأي مغاير حيث أكد أنّ "حجم المياه المتوفرة والشحة الحاصلة فيها تتطلب تقليص الخطة الزراعية بنسبة قد تصل إلى أقل من نسبة العام الماضي".
ورغم الأزمة والترجيحات التي تتوقع تقليص المساحات المزروعة، يصر الجبوري على وجود تنسيق مستمر لمنع دخول السلع الزراعية ممنوعة الاستيراد ومن أهمها التمور، والبطاطا، والطماطم لوجود وفرة من الناتج المحلي، وفقًا لتصريح له للوكالة الرسمية.
وفي خضم الأزمة، جاء حديث ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، الفاو في العراق، صلاح الحاج حسن، قائلًا إنّ "النقص في الإنتاج الزراعي أصبح واضحًا، وأن نسبته قد تبلغ 30-40%، مؤكدًا أنّ "المزارع العراقي يخسر ما يتراوح بين 20-40% من إنتاجه في بعض المحاصيل لأسباب مختلفة".
خطر حقيقي يواجه العراق
تشير التوقعات إلى عدم قدرة العراق على تطبيق خطته الزراعية في فصل الصيف بسبب أزمة المياه التي تجتاح البلاد منذ عامين، وفقًا للمختص بشؤون المياه والزراعة، علاء البدران.
ويشخص البدران في حديثه لـ"ألترا عراق"، مشكلة لدى المزارعين، وتتمثل بـ"استخدام طرق الري البدائية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه"، وهو ما يجعل العراق "أمام خطر كبير في حال تطبيق الخطة الزراعية في ظل شحة المياه".
ووفقًا لحديث البدران، فإنّ "الجفاف الآن بدأ يهدد المياه الصالحة للشرب ما يجعل الصيف المقبل خطرًا حقيقيًا"، مضيفًا أنّ "الحكومة مطالبة بتخصيص كميات قليلة من المياه لزراعة المحاصيل المهمة والتي يصعب الحصول عليها من الخارج والاعتماد بدرجة كبيرة على الاستيراد".
يحذر مختصون من أن الجفاف في العراق بدأ يهدد المياه الصالحة للشرب
ويعتبر المختص علاء البدران، أنّ تقليص الخطة الزراعية إلى 25% هو "الحل الأمثل لتجاوز الأزمة المائية خلال الصيف المقبل، مشيرًا إلى أنّ "هناك إجراءات تقنية واجب اعتمادها أثناء تنفيذ الخطة الزراعية من أجل ترشيد المياه".