24-مارس-2023
الحنطة في العراق

تجّار قد يربحون 200 دولار على كل طن (Getty)

لم يتبق سوى أيام وينطلق موسم حصاد الحنطة في العراق، والذي ينطلق في شهر نيسان/أبريل من كل عام، ويمتد حتى أواخر تموز/يوليو، فيما ينتظر العراق هذا العام موسمًا استثنائيًا من الحصاد، بفعل توسيع المساحة المزروعة خلال الموسم الشتوي بالرغم من شحة المياه، وذلك بالاعتماد على المياه الجوفية والأمطار.

عملية ضبط المنافذ قد لا تأتي بثمارها لوجود العديد منها خارج السيطرة الحكومية

وسيكون إجمالي المساحة المزروعة بالحنطة في العراق بواقع نحو 9 ملايين دونم، 2.5 مليون دونم بالاعتماد على الأمطار، و2.5 مليون دونم بالاعتماد على المياه السطحية، و3.5 مليون دونم مروية بالمياه الجوفية.

ووفقًا لذلك، فإنه من المتوقع أن يتم حصاد قرابة 7 ملايين دونم من الحنطة هذا الموسم، وهو رقم قياسي لم يتحقق منذ سنوات، حيث كان أعلى رقم إنتاجي خلال السنوات السابقة، قد بلغ أكثر من 5 ملايين طن فقط في عام 2020.

الحنطة في العراق

 

ومع هذه المعطيات، وقرب موسم التسويق، يبدو أنّ الحكومة العراقية تخشى من الوقوع ضحية "عمليات نصب"، من الذين يرومون الاستفادة من الفارق السعري الذي تدفعه الحكومة إلى الفلاحين العراقيين لقاء الحنطة التي يشترونها منهم.

وتبلغ آخر تسعيرة أقرّت في العراق لشراء الحنطة من الفلاحين 850 ألف دينار للطن الواحد، وهو ما يعادل نحو 644 دولارًا للطن الواحد.

بالمقابل، فإنّ أسعار القمح عالميًا في الوقت الحالي تبلغ 6.6 دولار للبوشل، ويساوي البوشل 27 كيلوغرام من القمح، ما يعني أن سعر طن الحنطة عالميًا في الوقت الحالي يبلغ 244 دولارًا للطن، أي أقل بأكثر من 60% من السعر الذي تشتري به الحكومة العراقية الحنطة من الفلاحين العراقيين.

ووسط هذا الفارق الكبير بالسعر، تخشى الحكومة العراقية من الوقوع ضحية "عملية نصب"، عبر تسرب الحنطة من دول الجوار أو دول المنطقة الأخرى، إلى العراق وبيعها للحكومة من قبل تجار على أنها حنطة محلية، مما يحقق ربحًا كبيرًا لا يقل عن الـ200 دولار في الطن الواحد.

هذه المخاوف، دفعت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من أصدار توجيهات بضبط المنافذ ومنع تسرب الحنطة من الخارج. 

الحنطة في العراق

 

وخلال ترؤسه اجتماعًا خاصًا بتسويق محصول الحنطة لموسم 2023، وجه السوداني بأن يجري تخصيص المبالغ الخاصة بالفلاحين ضمن الخطّة الزراعية، وتسليمها لهم دون تأخير، وبالتوازي مع استلام المحاصيل منهم وخلال أسبوعين كحدّ أقصى.

كما وجّه بـ"تعزيز الجهود لضبط الحدود، من أجل ضمان عدم تسرّب محاصيل من خارج العراق، ومن أجل منع التأثير والتلاعب بالمحاصيل المنتَجة محليًا، التي تشتريها الدولة من الفلاحين العراقيين بسعر مدعوم"، فضلًا عن توجيه باستصدار قرار من مجلس الوزراء لشمول الفلاحين الذين هم خارج الخطّة الزراعية بالدعم الحكومي لعمليات شراء الحنطة وتسويقها إلى منافذ الاستلام الحكومية.

وبينما لدى الحكومة تصور خاص عن الكميات التي من المتوقع حصدها بزراعة 8.5 مليون دونم، إلا أنّ القرار الأخير المتمثل بـ"شمول الفلاحين الذين زرعوا خارج الخطة الزراعية بشراء الحنطة منهم بالسعر المدعوم أيضًا"، سيسهل عملية "تمرير" الحنطة غير العراقية إلى الحكومة، بحسب خبراء رأوا أن أي كميات إضافية خارج الخطة الزراعية، ستقوم الدولة بشرائها وهي لا تعرف حجم المساحات المزروعة خارج الخطّة، خصوصًا وأن عملية ضبط المنافذ قد لا تأتي بثمارها لوجود العديد من المنافذ خارج السيطرة الحكومية مما سيسهل تمرير الحنطة الخارجية إلى السايلوهات الحكومية وتحقيق أرباح من الفارق السعري الذي تدفعه الحكومة مقارنة بالأسعار العالمية.