15-مارس-2023
موازنة 2023

تقليل الإيرادات النفطية والاستثمار بالمشتقات (فيسبوك)

ظهرت الملامح الأولية لموازنة 2023 والتي يمكن وصفها بـ"موازنة الأرقام القياسية وتحطيم المألوف"، ابتداءً من حجمها غير المسبوق، فضلًا عن حجم الموازنة الاستثمارية فيها، وليس انتهاءً بالأرقام الغريبة التي تحملها، والتي تقود إلى احتمالية وجود توجه حكومي بالاستثمار في "المشتقات" على حساب صادرات النفط، في محاولة يعتقد أنها تهدف لرفع نسبة الإيرادات غير النفطية وتقليل النفطية.

تضمنت موازنة 2023 ما يعزز احتمالية توجه الحكومة لـ"الاستثمار بالمشتقات"

في بيّان مطوّل حول الموازنة التي أقرها مجلس الوزراء 13 آذار/مارس، وأرسلها إلى البرلمان، استعرضت وزيرة المالية طيف سامي فلسفة ورؤية هذه الموازنة وأبرز ما تتضمنه من فقرات وأرقام.

واطلع "ألترا عراق" على نسخة البيان، ووجد بعض الفقرات التي تستحق الوقوف عندها، مثل حجم صادرات النفط العراقي المثير للاستفهام والاحتمالات، بالإضافة إلى وجود رفع محتمل لأسعار البنزين في البلاد لم يتم الكشف عنه بعد.

تخفيض صادرات العراق النفطية.. هل تتجه الدولة للاستثمار بالمشتقات؟

في الصفحة 12 من بيان الموازنة الاتحادية 2023، ذكرت وزارة المالية أسس تقدير الموازنة، والتي تضمنت احتساب سعر برميل النفط بـ70 دولارًا للبرميل وبسعر صرف 1300 دينار لكل دولار، ما يعني سعر برميل النفط يبلغ 91 ألف دينار عراقي، وتضمنت التقديرات أيضًا أن تبلغ صادرات النفط العراقي اليومية 3.5 مليون برميل يوميًا، من ضمنها 400 ألف برميل يوميًا، كميات النفط المصدّر من إقليم كردستان.

صفحة 12

 

وهذه الفقرة يمكن وصفها بـ"شديدة الغرابة"، حيث أنّ صادرات نفط العراق عبر سومو "الصادرات الاتحادية" ستبلغ 3.1 مليون برميل يوميًا فقط، أي بانخفاض نسبته أكثر من 6% مقارنة بمعدل الصادرات اليومي حاليًا، والذي يبلغ 3.3 مليون برميل يوميًا، وما يجعل هذا الأمر مستغربًا هو عدم وجود تخفيض جديد على حصة إنتاج العراق وفق اتفاق أوبك+.

ووفق آخر اتفاق، فإنّ منظمة أوبك+ قررت الاحتفاظ بالخفض الحالي للإنتاج حتى نهاية 2023، والذي تبلغ حصة العراق الإنتاجية وفقه 4.431 مليون برميل يوميًا، من بينها إنتاج كردستان بأكثر من 400 ألف برميل يوميًا.

على هذا الأساس، فإنّ إنتاج العراق الحالي (إنتاج وزارة النفط عدا إقليم كردستان) يبلغ أكثر من 4 ملايين برميل يوميًا، وبينما يصدر العراق منها 3.3 مليون برميل يوميًا، يعني أنّ مقدار الاستهلاك الداخلي للنفط الخام بالمصافي يبلغ 700 ألف برميل يوميًا.

أما انخفاض صادرات العراق وفق موازنة 2023 إلى 3.1 مليون برميل يوميًا، فهو يقود إلى احتمالين، الأول هو أن العراق ربما سينخفض إنتاجه من النفط إلى 3.8 مليون برميل يوميًا فقط لسبب غير معروف، أو أن العراق سيرفع استهلاكه الداخلي من الخام لغرض التكرير في المصافي من 700 إلى 900 ألف برميل يوميًا، خصوصًا مع دخول مصفى كربلاء إلى الخدمة، للحصول على كميات أكبر من المشتقات النفطية، ما يؤثر بالتالي على حجم تصدير الخام، وهو يبدو توجه نحو الاستثمار بالمشتقات النفطية وتقليل الاستيراد، على حساب تصدير النفط الخام.

وربما تترجم الصفحة 15 من بيان الموازنة، ما يعزز احتمالية توجه الحكومة لـ"الاستثمار بالمشتقات" حيث تضمنت فرض مجموعة ضرائب ورسوم، من بينها رسوم على البنزين والگاز، وتعد رسوم البنزين أكبر بكثير، حيث تتوقع الدولة الحصول على 450 مليار دينار منها، مقابل 45 مليار دينار فقط على الگاز.

صفحة 15

 

ولمعرفة معنى هذه الرسوم وكيف من الممكن أن تحصل الدولة على 450 مليار دينار خلال السنة المالية، أي بحدود أكثر من 1.2 مليار دينار يوميًا، فيما يذكر بأن استهلاك العراق من البنزين يوميًا يتراوح بين 28-30 مليون لتر يوميًا، ما يعني أنّ الدولة ستفرض رسمًا قدره أكثر من 42 دينارًا على كل لتر بنزين، وهو إشارة إلى رفع متوسط سعر البنزين العادي ربما إلى 490 دينارًا لكل لتر بدلًا من 450 دينارًا.

ومع ربط احتمالية تقليل صادرات النفط الخام ورفع استهلاكه في المصافي الداخلية، مع المعلومة الثانية المتمثلة بالرسوم على المشتقات النفطية، ربما يتم الوصول إلى نتيجة مفادها محاولة الحكومة رفع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية عبر "تقليل الإيرادات النفطية" من خلال تقليل الصادرات، فيما من المتوقع أن تخسر الدولة من تقليل صدرات النفط الخام بواقع 200 ألف برميل يوميًا، أكثر من 6.6 تريليون دينار عراقي خلال عام، وهو مبلغ يعادل أكثر من 38% من الإيرادات غير النفطية التي تتوقع الدولة تحقيقها خلال موازنة 2023.

إلا أنّ الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، يعتقد أنّ هذه المعادلة ربما ناجمة عن استبعاد نصف صادرات إقليم كردستان كنفقات تشغيلية وأرباح للشركات.

ويقول المرسومي  لـ"ألترا عراق"، إنّ "الـ400 ألف برميل يوميًا من نفط إقليم كردستان تذهب قرابة نصفها كأموال تشغيلية وأرباح للشركات المستثمرة"، معتبرًا أنّ "تحديد صادرات العراق بـ3.5 مليون برميل من الممكن أن يكون في هذا السياق ما يعني أنّ العراق لن يحصل من الإقليم سوى على 200 ألف برميل، يضاف إلى معدل تصدير العراق الحالي البالغ 3.3 مليون برميل ليكون المجموع 3.5 مليون برميل"، خاتمًا بأن "هذا ما اعتقد أنه المبرر لتحديد الصادرات بـ3.5 مليون برميل يوميًا في الموازنة".

لكنّ ما تحدث به المرسومي، يخالف ما هو منصوص عليه بالموازنة بشكل واضح بأن يكون مجمل صادرات الإقليم 400 ألف برميل من أصل 3.5 مليون برميل يوميًا، أي أن صادرات العراق 3.1 مليون برميل يوميًا.

وفضلًا عن ذلك، فإنّ الموازنات بالعادة، تدرج الصادرات والايرادات بالكامل دون استبعاد الكلف، والتي ستدرج فيما بعد في جداول النفقات.