خمسة أسماء تم طرحها في بداية الأمر للرأي العام بصورة غير مباشرة، لشغل منصب رئاسة الوزراء خلفًا للمستقيل عادل عبد المهدي، فيما جوبهت برفض كبير في ساحات الاحتجاج عمومًا، وساحة التحرير بشكل خاص بسبب ماضيها المتحزب ومؤشرات "الفساد" حولها وعدم ملائمتها لطموح المحتجين، فضلًا عن عدم تلاقي الطريق الذي تسير فيه الكتل السياسية مع تطلع الساحات. فالمطالب وبحسب نشطاء، تتحدّث عن انتخابات مبكرة بقانون انتخابات جديد ومفوضية نزيهة، فيما تعمل الكتل السياسية على اختيار بديل عبد المهدي من أجل أن يكمل سنوات الدورة الأربع دون أدنى تغيير في طريقة إدارة الدولة تلبيةً لمطالب ساحات الاحتجاج.
المحتجون طالبوا بانتخابات مبكّرة عبر قانون انتخابات جديد ومفوضية نزيهة، لكن الكتل السياسية تريد أن تطرح بديل عبد المهدي ليكمل سنوات الدورة الأربع
يوم الجمعة المصادف 13 تشرين الأول/ديسمبر، ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بنبأ توافق الكتل السياسية على اختيار محمد شياع السوداني رئيسًا للوزراء. أكدت تلك الأنباء تغريدة للمذكور على حسابه الشخصي في موقع "تويتر"، أعلن فيها استقالته من حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون معلنًا بذلك أنه ليس مرشحًا عن أي حزب، الأمر الذي واجه موجة رفض وسخرية شديدتين في ساحات الاحتجاج وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ/ي أيضًا: "وداع" يربك الأنصار ورسائل بالرصاص.. هل يحبط الصدر ترشيح السوداني؟
بأحداث متسارعة تبيّنت خريطة التحالفات الجديدة، ليتضح أن جميع الكتل السياسية توافقت على ترشيح السوداني باستثناء كتلة "سائرون" التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي اتخذ قرارين مساء الجمعة، أولهما غامض، يتمثل بصورة نشرتها صفحة "صالح محمد العراقي" الناطقة باسمه على فيسبوك فيها كلمة (وداعًا)، وثانيهما يتمثل بإغلاق جميع المؤسسات التابعة للخط الصدري لمدة سنة كاملة.
رعد حسين النائب عن تحالف سائرون كشف موقف تحالفه بتصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق"، موضحًا أن "التحالف لن ولم يغيّر موقفه بشأن مواصفات شخصية رئيس الوزراء المقبل التي تتطابق مع مطالب المتظاهرين على أن يكون من الشخصيات المستقلة ولم يتسلم أي منصب حكومي أو تشريعي سابق"، فيما كشف رياض المسعودي النائب عن التحالف ذاته، الشروط التي وضعتها الكتل الكردية والسنية لقبول المرشح المقبل لرئاسة الوزراء، حيث قال إن "الكتل السنية فرضت شروطًا على رئيس الوزراء المقبل وهي عدم التفريط باستحقاقها في الوزارات السنية فضلًا عن منحها توزانًا في الوزارات الأمنية، ومنح المحافظات المحررة صلاحيات أوسع، أما الكرد فقد فرضوا أيضًا شروطًا مسبقة على الكتل، وهي أن يتم تعهد رئيس الوزراء المقبل بمنح الإقليم ميزانية بنسبة عالية، فضلًا عن إبقاء اتفاق بيع النفط بين الإقليم والمركز، بالإضافة إلى عدم التفريط بجميع المكتسبات الدستورية والقانونية والسياسية للكرد".
ائتلاف النصر، بقيادة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، أعلن عبر نائبه ندى شاكر جودت، أنه "لن يكون عقبة أمام اتفاق الكتل فيما لو اتفقت على ترشيح محمد شياع السوداني رئيسًا للحكومة المقبلة، كونه شخصية متزنة، ولم تسجل عليه أي سلبيات خلال عمله في الحكومات السابقة كوزير ولا حتى كنائب"، لكنه أعلن عكس ذلك عبر بيان رسمي للتحالف في 15 كانون الأول/ديسمبر قال فيه "لم ندعم أي شخصية لرئاسة الوزراء".
بينما كان الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق موافقًا على ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء عبر تصريح لأمينه العام جاسم محمد جعفر، قال فيه إن "شخصية محمد شياع السوداني جيدة للغاية، وتتمتع بمقبولية لدى أغلب القوى السياسية في العراق، وإنه من أقرب السياسيين للقوى التركمانية وقد دافع عن حقوقنا وهو الأجدر بالمنصب حاليًا".
فيما رحّب عضو تحالف تمدّن النائب أحمد الجبوري، بترشيح السوداني لرئاسة الوزراء، وكتب "تغريدة" على صفحته الشخصية في "تويتر"، قال فيها إن "ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء في هذه المرحلة اختيار موفق كونه أول رئيس وزراء لم يغادر العراق في زمن النظام السابق (عراقيو الداخل)، وإنه سيكون قويًا وسيفرض القانون وهيبة الدولة، ولن يرضخ للكتل والأحزاب ولديه رؤية لإدارة الدولة".
على الرغم من عدم وجود إعلان رسمي بترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء لكن تصريحات الشخصيات السياسية أوضحت وجود شبه إجماع على ترشيحه للمنصب
القيادي البارز في جبهة الإنقاذ والتنمية برئاسة أسامة النجيفي، مشعان الجبوري، اعتبر السوداني شخصية مناسبة لإدارة المرحلة الانتقالية، وقال في منشور له على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، إن "ما يميّز محمد شياع السوداني عن غيره من الطبقة السياسية التي أدارت البلاد بعد 2003 أنه عاش معاناة الشعب خلال مراحل الحروب والحصار والقهر، ولم يترك العراق معارضًا ما يعني أن لا صلات له أو التزامات مع أجهزة المخابرات الغربية أو الشرقية أو الخليجية التي كانت تدير المعارضة في الخارج".
اقرأ/ي أيضًا: اختيار رئيس الوزراء.. تسويف المطالب بـ"ذريعة" المدة الدستورية
بدوره، كشف النائب عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني سليم همزة، وجود رغبة كردية بترشيح السوداني لرئاسة الوزراء، وقال في تصريح صحفي إن "شخصية محمد شياع السوداني لها احترام لدى القوى الكردية لكونه شخصية واضحة، ولم تسجل عليها أي مثلبة خلال استيزاره لوزارتين العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصناعة، إضافة إلى أنه نائب له نشاط مميز داخل مجلس النواب"، فيما عبّر النائب عن الجماعة الإسلامية الكردستانية أحمد حمه، عن قبول القوى الكردية بالسوداني مرشحًا لرئاسة الوزراء كونه "شخصية رائعة في مجلس النواب وخلال عمله كوزير لم تسجل ضده خروق بالفساد".
لكن حيدر الملا، القيادي في تحالف القوى رأى أن ترشيح السوداني ينهي زعامات "فترة المعارضة"، وذكر في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق"، أن "الذي كان يقود السلطة التنفيذية في العراق، طوال السنوات المنصرمة، هم نتاج فترة المعارضة، ومجيء السوداني يعني نهاية زعامات فترة المعارضة، وفتح باب لجيل جديد"، لافتًا إلى أن "هذا يعني أن الخط الثاني هو من يقود، وهذا انتصار كبير لمنهج الإصلاح".
من جهته، كشف النائب عن تحالف الفتح، مهدي الآمرلي، أن السوداني ليس مرشحًا عن تحالفه للمنصب، قائلًا إن "أنباء ترشيح تحالف الفتح محمد السوداني لرئاسة الوزراء عارية عن الصحة، وأن ترشيحه لمنصب رئاسة الوزراء طرح في الإعلام فقط، ولم يحصل أي اتفاق على أرض الواقع".
فيما تحفّظ تيار الحكمة على طرح موقفه من ترشيح السوداني، وكشف زعيمه عمار الحكيم عن ثلاث نقاط كتبها في تغريدة له على "تويتر"، طالب فيها بـ"الإسراع باختبار رئيس وزراء مستقل يحظى بمقبولية شعبية وتشكيل حكومة بعيدة عن التدخلات الخارجية، وتشريع قانون انتخابات منصف وعادل وتشكيل مفوضية نزيهة ومستقلة، فضلًا عن التحضير لانتخابات مبكرة ليمارس الشعب دوره الدستوري في اختيار ممثليه".
وعلى الرغم من عدم وجود إعلان رسمي بترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، لكن كما يبدو أن تصريحات الشخصيات السياسية أوضحت وجود شبه إجماع سياسي على ترشيحه للمنصب، بالإضافة إلى ولادة شرخ كبير بين التيار الصدري وساحات الاحتجاج من جهة والطبقة السياسية من جهة أخرى.
رأى مراقبون أن طرح اسم محمد شياع السوداني قد يكون "فخًا" لطرح اسم بديل وغير متوقع ليرضى به الناس
وبالوقت الذي أعلنت ساحات الاحتجاج بكل صراحة رفض ترشيح السوداني للمنصب عبر مكبرات الصوت واللافتات والمسيرات في ساحة التحرير وغيرها من ساحات التظاهر في بقية المحافظات، يرى مراقبون أن طرح السوداني قد يكون "فخًا" لطرح اسم بديل وغير متوقع ليرضى به الناس بعد أن حرق اسم السوداني.
اقرأ/ي أيضًا:
تقرير دولي "صارم" ضد حكومة عبد المهدي.. مرحلة "الرعب" وسحق الاحتجاجات
اختيار رئيس الوزراء.. هل تخضع الأحزاب الكردية لإرادة ساحات الاحتجاج؟